رغم تعصبي القديم لنادي الزمالك إلا أنني لم استطع أن أمنع نفسي من الإعجاب بالخطيب ومهارته وبمدرب الأهلي في السبعينيات مستر هيدكوتي .. وأذكر في تلك السنوات البعيدة أن استضافت مصر فريقا قويا كان بطلا لدوري النمسا اسمه (استوريا فيينا) واستطاع الأهلي هزيمته 3-1 ثم لاعبه الزمالك وهزمه أيضا بنفس النتيجة .. وفي المؤتمر الصحفي قال الناس إن فريق استوريا ضعيف وعلي خلاف الدعاية التي سبقت حضوره والدليل إن الأهلي والزمالك فتحا الثغرات في دفاعه وفازا عليه بتلك النتيجة الثقيلة .. وهنا غضب هيدكوتي وقال أنا لا أفهم المصريين أبدا .. إذا انهزموا من الفريق الأجنبي قالوا الفريق كان قويا وإذا فازوا فالفريق كان ضعيفا .. لماذا لا يقول المصريون أبدا لقد فزنا لأننا أقوياء ورغم كفاءة الخصم وقوته فقد كنا الأفضل .. لماذا لا تثقون في أنفسكم ..؟ ثم قال إن أي فريق في الدنيا لن يسجل هدفا إلا نتيجة ثغرة أو خطأ للخصم .. فالمباراة وجهين لعملة واحدة .. مهارة الفائز وخطأ المنهزم .. فلماذا لا تنظرون إلا لجانب واحد فقط .. لماذا لا ترون إلا الوجه السلبي..؟ ويمكن أن نطبق ما قاله مستر هيدكوتي في ملعب الكرة بالأمس علي ميدان السياسة اليوم .. فبعد زلزال حماس في فلسطين ومن قبله بروز الإخوان المسلمين في مصر خرجت الصحف الحكومية تعزي الفوز إلي ما أسمته .. التصويت الاحتجاجي .. يعني الناس قرفانة من الوضع القائم وأرادت أن تضرب كرسيا في الكلوب .. وأن الناس لم تصوت لنظافة الإخوان وطهارتهم بل صوتت ضد فساد الحزب الوطني وتسلطه .. والفلسطينيون لم يختاروا المقاومة والتضحية التي تمثلها حماس وإنما هو اليأس من فتح التي تدهورت القضية علي يديها ودخلت في نفق المفاوضات المظلم والذي لم تجن منه إلا قبض الريح .. وهكذا يتحدث صحفيو السلطة وكتاب الحكومة ومخبروها ليرسخوا في الأذهان أن المسألة ليس حبا في زيد بل مجرد كراهية لعمرو .. وحجتهم في ذلك ضخامة الأصوات التي صوتت للإخوان ( 30%ممن أدلي بصوته) ..حتى عندما التقيت مع الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين بمكة في موسم الحج قال أنه أصبح يستشعر ثقل التبعة التي ألقاها الشعب المصري علي الإخوان المسلمين وضرب مثلا بأحد الدوائر والتي حصل فيها مرشح الإخوان علي ستة وثلاثين ألف صوت رغم أن عدد الإخوان العاملين قي هذه المنطقة لا يتجاوز أربعة ألاف .. ولا أري عجبا في هذا فأي حزب ينافس في الانتخاب لا يعتمد علي أعضائه المسجلين في قوائمه الرسمية بل علي الرأي العام الذي كسبه لصالحه وأمن ببرنامجه .. ولايزعم أحد أن هؤلاء المجاهدين الذين خرجوا للإدلاء بأصواتهم رغم أعمال العنف والبلطجة وتهديد الأمن والذين تسلقوا السلالم الخلفية للجان الانتخابية كان دافعهم الأول .. مجرد التصويت الاحتجاجي أومجرد البغض للسلطة .. بل هو عمل ايجابي نفخر به جميعا لا ناس أحبوا بلادهم ويطمحون للتغيير المنشود .. لقد أدلي 23% ممن له حق التصويت ( حسب كشوف الناخبين) برأيه منهم من أعطي للحزب الوطني رغبا ورهبا ومنهم من أعطي للإخوان المسلمين حبا وكرامة .. أما ال77% الذين يرقبون الحدث عن كثب وينتظرون علام تسفر المواجهة.. فهم فعلا الذي صوتوا التصويت الاحتجاجي .. وأعلنوا العصيان المدني .. يأسا من التغيير أو كرسيا في الكلوب.. وهم حزب الأغلبية حتى الآن الدكتور علاء الدين عباس الزاهر – مكة المكرمة