كان الدكتور نجيب الكيلانى ضمير أمته ..لا تنفك عنه أبداً.. تشغل باله ووجدانه وكل حواسه.. زمانها ومكانها.. أما بالنسبة للزمان فقد استقصى تاريخ هذه الأمة كله منذ بزوغ الدعوة والرسالة وحتى اليوم.. يضع كل هذا فى ميزان الإسلام.. ذلك المنهج الكامل المتكامل الذى قال عنه رب العزة "ما فرطنا فى الكتاب من شىء"، أما المكان فقد بدأ من القرية "شرشابة" التى تناولها فى كثير كتاباته وقصصه ثم اتسع ليشمل مصر وطنه التى علمته ودافع عنها بان ابتع لها الحرية والريادة والرقى والازدهار وضحى من أجل ذلك وتعرض للسجن، وتناولها فى قصصه وكتبه، ثم اتسع رويدا ليتناول مشكلات وهموم العالم الإسلامى وقد فصلنا ذلك الأمر فى مقال سابق عندما تكلمنا عن نجيب الكيلانى أديباً ..
فى عالم الطب: وفى السطور التالية سوف نستعرض أعماله الأخرى التى كتب فيها مثل الفكر الإسلامى والطب (تخصصه الرفيع)، وقد تخلص قليلا من التخصص وكتب مجموعة من الكتب الهامة والرائعة فى أسلوب اقترب فيه من العامة وغير المتخصصين، التى لا يغيب عنها التوجه الإسلامى وإضفاء الروح الإسلامية على الحقائق العلمية تلك الميزة التى تمتاز بها مؤلفات نجيب الكيلانى الطبية، فكتابه "فى رحاب الطب النبوى"، وكتابه "الصوم والصحة" نموذجان مناسبان فى هذا المقام حيث بين فيهما بما لا يقبل الشك أن ما صح ثبوته عن النبى صلى الله عليه وسلم من إرشادات فى بناء الإنسان الجسمى والعقلى والنفسى وإن ذلك هو الحق بعينه، وإن ما لم يستطع الطب الحديث إثبات صحته الآن فإنه سيتمكن من ذلك فى المستقبل بعد مسيرة مضنية من التجارب والدراسات المستفيضة.
وكتابه "فى رحاب الطب النبوى" على صغره ووجازته إلا أنه يحوى معلومات مركزة ودقيقة، كتبت بعبارة أدبية رائقة، كما أن الدكتور نجيب قد أطلع على كل ما كتب حول هذا الموضوع وتناول موضوعه فى القرآن والسنة والسيرة النبوية مقارنا هذا بالمعارف الطبية الحديثة، وأثبت فى مواضع كثيرة أن الطب النبوى يطابق معايير العلم الحديث، ويعرف الكيلانى الطب النبوى بقوله: " الطب النبوى مجال رحب فسيح، ونحن نتناوله بإيجاز كبير، بأسلوب البحث العلمى المحايد الذى يستند إلى الدليل والبرهان والتجربة، وبهذا الخصوص توفرت لدينا النصوص الصحيحة من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم السلوك الحى لمحمد وصحابته، ثم يأتى بعد ذلك الدراسات الحديثة التى تثبت بالدليل القاطع والتى حاولنا أن نعقد بينها وبين تراثنا المقارنات الواضحة دون تحيز أو تحايل أو انفعال ذاتى، فالموضوعية فى مثل هذه الدراسات العلمية أول ما يلزم الباحث الجاد المنصف ومنن المؤسف حقاً تراثنا العريق فى العلوم عامة، وفى الطب خاصة ، قد ترجم منذ قرون إلى اللغات الأوربية، فكان أساس نهضتها وتقدمها، فبدأوا من حيث انتهينا ، بينما توقف جهود الأقدمين، وتعثرت خطواتهم فى أنحاء العالم الإسلامى المتمزق وذلك لانحسار الثقافة الإسلامية وغلبة المفاهيم المستوردة المنحرفة وتجاهل التراث العظيم الذى يغض بالكنوز وبألوان المعرفة الحية الخالدة".
ثم يبين بعد ذلك "أن رحلة الطب النبوى بدأت من الداخل من قلب الإنسان وضميره ونفسه ثم شملت نفسه، ثم شملت بدنه ، وانتقلت إلى بيئته التى يعيش فيها، وربط الطب النبوى بين الصحة والعبادة ، فكانت الصلاة وكان الصوم، وكان الوضوء وكانت الرياضة، وكانت قواعد الغذاء والشراب والنوم والراحة، وكان العلاج والوقاية، كل ذلك فى نسيج واحد"، وبين أن الطب النبوى معجز فى كل جوانبه بطريقة تبعث على الدهشة ويدعو إلى الإعجاب، "لأننا حينما نقيس الطب النبوى بالمقاييس العلمية الحديثة فى أسسه العامة نجد أمام إعجاز قاهر لكل نوازع الشك والتردد .فالطب النبوى يتمثل كل ما له علاقة بصحة الإنسان كالتعذية والنظافة والانحرافات العضوية والنفسية وبعض طرق العلاج، وكافة النواحى البيئية والاجتماعية والشخصية وغيرها مما يتعلق بالصحة العامة". وبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يضع قاعدة صلبة لينطلق منها البحث العلمى والجهد الدائب للوصول إلى أسباب الداء، ومن هنا أمر بالتداوى بل كان يبعث ببعض المرضى إلى طبيب العرب "الحارث بن كلده"، وكان يدعو للعمل بالأسباب ورفض التواكل، واستند إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذى روى "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً" رواه البخارى ..
وفى كتابه "الصوم والصحة" يقرر أن الصوم بالإضافة إلى كونه عبادة ربانية يجزى بها المسلم الجزاء الأوفى عند الله سبحانه وتعالى فى الآخرة وهذه هى فلسفة الصوم المرجوة إلا أن للصوم فوائد لأجسادنا ونفوسنا وتلك منافع نلمسها فى الدنيا وندرك أهدافها وأبعادها بالمقاييس العلمية المتاحة، والصوم مهم ومطلوب للإنسان فقد فرضه الله على الأمم (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) وبين أن بعض الحيوانات تصوم حفاظاً على نفسها وجنسها ، واستجابة فطرية لظروفها وتكوينها ..بل أن بعض الأطباء فى حالات معينة يأمرون مرضاهم بالصيام جزئيا أو كليا وقد يكون الصيام عن أنواع بعينها ..وينقل عن "أليكسى كاريل" فى كتابه "الإنسان ذلك المجهول" قوله: "إن كثرة الطعام ، انتظامه ووفرته، تعطل وظيفة أدت دوراً عظيما فى بقاء الأجناس البشرية ، وهى وظيفة التكيف على قلة الطعام ، ولذلك كان الناس يلتزمون الصوم فى بعض الأوقات".
كما ألف الكيلانى كتبا أخرى عبارة عن نشرات إرشادية للتعريف ببعض الأمراض والوقاية منها وركز على صحة الأطفال "شباب المستقبل" الذى يجب على الأسرة والدولة الاهتمام الجدى بهذا الموضوع الحيوى الهام وتوفير الرعاية الصحية، ومن هذه الكتب: "الدين والصحة" ، والغذاء والصحة"، والتيفود"، و"الدفتريا عدو الطفولة"، و"مستقبل العالم فى صحة الطفل"، و"الجدرى والجديرى"، و"التحصين وقاية لطفلك"، و"احترس من ضغط الدم".
المجتمع المريض : مجتمع السجون: عانى الدكتور نجيب مرارة السجن مرتين نتيجة تمسكه بفكرته ومبادئه وما يراه صحيحاً، فتعرض للسجن مرتين الأولى فى 7 أغسطس سنة 1955وتم الحكم عليه بعشر سنوات، وسيق إلى السجن الحربى، وقضى فيه ثلاثة شهور، وتم ترحيله إلى سجن "قراميدان" ثم إلى سجن أسيوط ثم أفرج عنه بعد 40شهرا بعفو صحى، وتم إلقاء القبض عليه فى شهر سبتمبر 1965 وسيق إلى سجن "أوردى أبى زعبل" ثم إلى سجن أبى زعبل الجديد، ومنه إلى سجن مزرعة طره، وأفرج عنه فى نوفمبر 1966، بعد أن أمضى فى السجن هذه المرة عاما وبضع شهور، والحق أن الفترة الأولى من سجنه برغم من قسوتها ومرارتها، إلا أنها ألهمته لكتابة ثلاثة أعمال خالدة فى حياته الفكرية والأدبية فكتب رواية "الطريق الطويل" فى ثلاثة أسابيع، ثم ألف كتابه عن الشاعر الباكستانى "محمد إقبال" ثم كتابه الشهير "المجتمع المريض" عن تجربة مجتمع السجون بكل أمراضه بعنوان المجتمع المريض، وقد فاز بثلاثة جوائز عن وزارة التربية والتعليم فى عام واحد سنة 1957، وهو أمر لم يتكرر مع أمثاله فى التاريخ الإنسانى من قبل، وقد رصد فى كتابه "المجتمع المريض" الظواهر السلبية الخطرة لمجتمع السجون الذى ألفه قرابة أربعة أعوام فعرف عنه الكثير ..مجتمعاً له من السلبيات والمشكلات المتفاقمة التى أهملتها الدولة، و"مجتمع السجون" ما هو إلا جزء من المجتمع الكبير الذى يشتمل على مجتمعات صغيرة مترابطة كل مجتمع منها له سماته ودلالاته الخاصة، وكل هذه المجتمعات تتفاعل مع بعضها فيؤثر أحدها فى الآخر بطريقة ما، ومجتمع السجون ما هو إلا وحدة اجتماعية تنضوى تحت لواء المجتمع الكبير، مشابهاً فى أحد أجهزة الجسم، غير أن مجتمع السجون مجتمع معتل سقيم .. وقد حاول الدكتور الكيلانى قدر الإمكان أن يسجل لهذا المجتمع المريض ظروفه الخاصة، وقيمه المتعارف عليها ومشكلاته العديدة، معتمدا فى دراساته هذه على عنصرين أساسيين هما: "المشاهدة"، و"التجربة".
ولقد كان لطول المدة التى قضاها بين المجرمين ومحاولة التغلغل فى أعماق حياتهم وأفكارهم وتصرفاتهم، مدى بعيد فى محاولة الاستفادة من عنصرى المشاهدة والتجربة أثناء دراساته فضلا عن الثقة التى يكتسبها الدارس بطول المعاشرة، تكشف الكثير عن غوامض حياة المجرمين واتجاهاتهم، ولهذا كان أهم مرجع فى هذه الدراسات الخبرة الشخصية فضلا عن استعانته ببعض المراجع المتخصصة التى ظهرت فى عصره مثل كتاب "علم النفس الجنائى علما وعملاً" للأستاذ محمد فتحى، وكتاب "كفاح الجريمة" للأستاذ محمد شاهين، وكتاب "عالم السدود والقيود" للأستاذ عباس محمود العقاد، وقرارات مؤتمر جنيف بشأن الجريمة، وملحق لتقرير عن البعثة الأولى لمصلحة السجون لدراسة النظم العقابية والإصلاحية بالولايات المتحدة وويلز عام 1955، والنشرات الدورية والتقارير التى تعدها مصلحة السجون و"كتاب النفس الاجتماعى" للدكتور فؤاد البهى السيد، وكانت لخبرته ومعايشته لهذا المجتمع المعول الأكبر على كتاباته ..
وقد رصد الدكتور فى كتابه هذا كل ما شاهده ولم يقصد الإثارة الصحفية ولكن ابتغى من وراء هذا الإصلاح فيقول: "قد يكون فى هذه الدراسات بعض الصور القاتمة المخجلة التى تتعلق بحياة هذا المجتمع المريض – مجتمع السجون- وقد يكون بعض هذه الصور مخالفاً لما تذيعه الدعايات، ولكن لا بأس من ذلك لأننا – وقد تحرينا الدقة والصدق – نعتقد أن فى الكشف على بعض هذه الأوضاع المؤلمة فائدة كبرى، ونفعاً عظيماً، لأن ذلك سيكون مدعاة لبذل مجهود أكثر فى مجال الإصلاح والعلاج، حتى يسلم مجتمعنا من الشذوذ وينجو من السلوك المنحرف، وينتصر على عوامل الفساد والجريمة ويقضى عليها ولا شك أن حسن النية وسلامة القصد ونبل الغاية، يشير بالنجاح المرتقب".
نجيب الكيلانى مفكراً إسلامياً: لم تغب الفكرة الإسلامية عن وجدان الدكتور نجيب الكيلانى يوما تناولها فى رواياته وقصصه القصيرة ومقالاته وكتبه النقدية التى أصلت للأدب الإسلامى وفى كتبه الطبية كما بينا من قبل كما كتب عدد من الكتب التى رد فيها خصوم المنهج الإسلامى، تساندهم الدولة التى انحازت للنموذج العلمانى الذى يخاصم ثقافة الأمة ومن هذه الكتب: "الإسلام والقوى المضادة"، و"الطريق إلى اتحاد إسلامى"، و"نحن والإسلام"، وحول الدين والدولة"، و"أعداء الإسلامية" ..
وفى كتابه "حول الدين والدولة يرد على الذين يريدون فصل الدين عن الدولة وحجتهم الواهية التى تقول "أن الدين علاقة بين الفرد وربه"، وظروف فصل الدين عن الدولة فى الغرب له ظروفه التى تختلف عن ظروفنا، فقد تحكمت الكنيسة فى فى كل شىء فى أوروبا فى العصور الوسطى ، وسيطرت على رقاب البشر، توزع على الناس صكوك الحياة وحرمت العمل بالعلم، وأعدمت الكثير من الأحرار، بينما نرى الظروف فى دولة الإسلام تختلف على طول الخط فلم نرى كهنوت ولا بابا، وبل وانعكاس طيب أو ترجمة علمية لشعائر الله وفرائضه من صوم وصلاة وغيرهما .."
ويبين أن ظروف تطبيق هذا المبدأ فى أوروبا له ظروفه "إن هناك عدة ظروف قد ساعدت على ظهور هذه المشكلة المفاعلة الغريبة عن الإسلام ومبادئه وأهله ففى أوروبا ساد صراع رهيب بين الكنيسة ومنازعيها على السلطة ..إن للدين المسيحى طبيعته ومبادئه، وكان لرجال الدين سلوكهم ومفاهيمهم الجامدة ومن منا لا يعرف موقف رجال الكنيسة من حرية الفكر وحرية العقلية الناهضة فى أوربا وخاصة فيما يتعلق بالكون وسننه والكشف عن القوانين الطبيعية المختلفة الخاصة بدوران الأرض والجاذبية وحركة النجوم وفسيولوجيا الإنسان..لقد وقفت الكنيسة من هذه الكشوفات موقفاً عنيداً ، كان للكنيسة تفسيرها الخاص، ونظرياته الجامدة التى ما أنزل الله بها من سلطان وكان علماء النهضة بتجاربهم ومشاهداتهم ودراساتهم قادرين على دحض نظريات الكنيسة وتأويلاتها التعسفية، فوقع الصراع بين الفكر الحر الناهض المدعم بالدليل والبرهان ، وبين الفكر الكنسى الجامد الذى افتعله رجال الدين فى القديم وتثبثوا به ، ظنا منهم أن التنازل عنه إنما ضياع لهيبة الكنيسة وانحسار لهيبة الدين وسلطانه فصبحت المعركة حياو أو موت وبمرور الزمن انتصر الفكر الحر وتوارى الظلم والعسف".. إذن المشكلة لا علاقة لها بالإسلام الدين الخاتم المكمل المنهج الكامل المتكامل (ما فرطنا فى الكتاب من شىء) لذلك فى العالم الإسلامى لم يقع فى مثل هذه الورطات التى وقعت فيها أوربا ..فقد كان علماء الطب والكيمياء والطبيعة والفلك والرياضة الزراعة وغيرها يفكرون فى حرية دون قيد أو تعسف ..كان ابن الهيثم يقدم نظرياته فى "البصريات" فتنال التقدير والإعجاب والرازى وابن سينا يتحدثون عن الحصبة والجدرى وأمراض الكلى والملاريا ويقدمون المجلدات الضخمة التى ما تزال بين أيدينا دون أن يتهمهم أحد بالكفر أو المروق وابن النفيس يقدم اكتشافه عن الدورة الدموية قبل "وليم هارفى" ببضع قرون فلا يرميه أحد بالفسوق والشاعر ابن الخيام يسجل كشوفه عن التوقيت الشمسى ونظرياته فى الفلك فيمده الحكام بما يحتاج من أموال وأدوات، ويقوم المترجمون بترجمة الكثير من ثمار الفكر الغريقى والرومانى والفارسى، فينالون المكافآت من ذوى السلطان وينالون التقدير من علماء الدين وابن خلدون يتكلم عن المجتمع وحركة التاريخ ويفتح آفاقاً جديدة للفكر الإنسانى، فيحظى بالتكريم، ولم يكن هناك فى العالم الإسلامى سوى بعض الخلافات البسيطة المتعلقة بالتوحيد : هل القرآن مخلوقاً أم لا؟ صفات الله ، وكانت مثل هذه الخلافات محصورة وبسيطة، انعشت الفكر وأثرته ولم تقف عقبة فى طريقه" .
ثم يتعرض لدور الأزهر الشريف، هذا المعهد العريق الذى عمره تجاوز القرن بعد الألف من السنوات إلا أن دوره انزوى واهتز بعد قانون تطوير الأزهر الذى أصدره جمال عبدالناصر عام 1961 وصادر أوقافه وجعل مصاريفه من الدولة وبذلك سيطر على رجاله فصاروا يفتون للحاكم مما حدا بجمال أن يقول عنهم "أنهم يفتوا بديكين" وطالب الكيلانى باستقلال الأزهر والعودة إلى سابق مجده، ووضع شروط لاختيار شيخ الأزهر واستقلاله عن الحاكم فقال: "إن منصب شيخ الأزهر يحتاج إلى وقفة طويلة، يحتاج إلى موقف منصف من مثقفينا الذى يهمهم مستقبل الأمة الإسلامية ومستقبل دينهم وفكرهم، وأرانى هنا مضطراً أن أطلقها فى قوة وصراحة: يجب أن نحرر شيخ الأزهر تحريرا كاملاً من كافة الضغوط والتأثيرات والمعوقات، يجب أن يعطى المنصب حصانة كاملة أسمى من تلك الحصانة التى يسبغها الحاكمون فى أية دولة على سدنة الحكم والسياسة ..يجب أن نخطو الخطوة الأولى فى هذا الطريق بألا يكون للحكومة أو لرئيس الدولة أية سلطة أو رأى فى تعيين شيخ الأزهر، بل يكون يعيينه بناء على رغبة أكبر وأعلى هيئة دينية فى البلاد ألا وهى هيئة كبار العلماء ، هذه الهيئة التى تنتخب من بينها الرجل المناسب من الناحية العلمية والأخلاقية والصحية ليملأ مكانه" وطالب بوضع حصانة لهيئة كبار العلماء أسوة بأعضاء المجالس النيابية والقضائية فكبار علماء الأمة ليسوا بأقل مكانة من هؤلاء الذين يجب أن نضع حولهم هالة من الوقار والاحترام بدلاً من تناولهم بالشكل المزرى فى وسائل الإعلام بأساليب تدعو للسخرية والحط من مكانهم لإضعافهم لدى العامة... وهكذا طفنا فى عجالة لفكر الدكتور نجيب الكيلانى بعيدا عن مجال الأدب فقد كان الرجل لصيقا بهموم أمته موسوعيا فى فكره إلى أن لقى ربه