آلمني كثيراً ما رأيناه من أحداث مؤسفة أمام ماسبيرو في التاسع من أكتوبر وفى وقت يحتفل شعب مصر مع جيش مصر بانتصارات أكتوبر ، ولأول مرة نستشعر معنى النصر بعد سنوات عدة غاب فيها ذلك الشعور بفعل نظام تفنن في تغييب الشعب عن انتصاراته ، وفى تلك اللحظة نرى ذلك ألمشهد الدموي يحدث بين أبناء مصر ، ليدفع نخبة من شباب مصر أروحهم ثمناً لأمر لا نعلم لماذا حدث ؟ ومن يقف وراءه ،ولكن مقدمات الحدث ونتائجه من ألمؤكد أنها تضع علامات استفهام تطلب من العقلاء التفسير ألموضوعي لما حدث . ولعلى أطرح مجموعة من التساؤلات لكي نفسر ألمشهد الدرامي الغريب ، الذي كان مسرحه ارض الكورنيش أمام ماسبيرو . هل من الممكن أن نتخيل غياب جهاز المخابرات عن متابعة ما حدث بالأمس؟ هل يعقل أن نرى نفس المشهد عربات تحترق على كورنيش القاهرة وأمام ماسبيرو ولا توجد سيارة إطفاء واحدة على مدار الساعة؟ . لماذا يصر البعض على استخدام مفردات الفتنة الطائفية ، وهى على أرض الواقع في الممارسات الحياتية غير موجودة، وإنما أوجدها المنتفع السياسي في الداخل والخارج ؟ لماذا لا نتعامل مع الأزمة بشفافية واضحة ونعلن عن واقع ما يدور على أرض الواقع ؟ هل يعقل أن يستمر الإعلام الرسمي في الإعلان عن ثلاثة قتلى على مدار عدة ساعات من الحدث ، ثم يعلن للرأي العام أن القتلى وصل عددهم أكثر من 20 إضافة إلى المئات من الجرحى ؟ يا ترى ما السر وراء تلك الضبابية المقصودة ؟ لماذا تلجأ الإدارة الأمريكية ممثلة فى وزيرة خارجيتها " هيلارى كلينتون " بالقول أن أمريكا على استعداد لتقديم الدعم بشأن تأمين دور العبادة ؟ هل يعقل مصري أن يرى في يوم من الأيام الجنود الأمريكان يقومون على حراسة الكنائس ؟ ألم يعلم الأمريكان أن كنيسة مارى جرجس بالقاهرة فى أحضان وجوار مسجد عمرو بن العاص ؟ ألم يعلم الأمريكان أن ما حدث لكنيسة القديسين بالإسكندرية إنما كان مخططا ومرتبا من قبل وزير الداخلية السابق حبيب العادلى ؟ ألم يعلم أتباع الفتن ومروجو الإشاعات أن المسلمين والنصارى في كافة أنحاء وأرجاء الوطن إخوة متحابون متجاورون متلازمون تراهم جسدا واحدا وقت الشدائد ؟ ألم يعلم المصري العالم بأكمله نموذج العطاء والتحرر عبر أيام الثورة ألمصرية مرددين شعارا واحدا " ارفع رأسك فوق أنت مصري " . يا ترى ما الذي دفع هذا الشباب إلى تغيير الصيحة ،والقول " ارفع رأسك فوق أنت قبطي " وهو في الحقيقة نفس الشعار لأن قبطي يعنى مصري والقبط هم أهل مصر . إن مصر ستبقى ، وإن شعب مصر الذي أدرك حقيقة ما يحاك له في الداخل والخارج ، قادر على أن يتحدى الصعاب وهو على قلب رجل واحد بعيدا عن حزبية مصطنعة ، أو طائفية زائفة ، أو محاولات خارجية لفرض هيمنة لم ولن يقبلها شعب مصر بعد أن تحرر من خوفه وأسقط نظاما مستبدا كان يستمد قوته من عمالته للآخر .