في تصعيد غير مسبوق هاجم متطرفون أقباط مدفوعين بالتحريض من قبل بعض رجال الدين المسيحيين بالأسلحة النارية والبيضاء وزجاجات "المولوتوف"، قوات الجيش والشرطة العسكرية المتمركزة حول مبنى الإذاعة والتلفزيون ب "ماسبيرو" مساء الأحد، ما أدى إلى سقوط 23 قتيلاً و 183 جريحًا ، وفق الحصيلة الرسمية حتى كتابة هذا التقرير، عندما كان يتجمع نحو 10 آلاف قبطي محاولين الاعتصام، في إطار الاحتجاجات المستمرة منذ أيام في محاولة للضغط على المجلس العسكري في أزمة "مضيفة" المريناب بإدفو من أجل تحويلها إلى كنيسة، والمطالبة بإقالة اللواء مصطفى السيد محافظ أسوان، على خلفية موقفه من الأزمة "المفتعلة" ورفضه الانصياع لضغوط الأقباط في ظل التلاعب والتزوير من جانب الكنيسة في الأوراق والمستندات الرسمية. وتطورت الأحداث بشكل متسارع عندما قام آلاف المتظاهرين الأقباط، وعلى رأسهم القمص متياس نصر كاهن كنيسة عزبة النخل، والقس فلوباتير جميل كاهن كنيسة الطوابق برشق رجال الجيش والشرطة المكلفين بحماية مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون بالحجارة وإحراق سيارة تابعة للجيش وعدد من السيارات الملاكي وقطع طريق الكورنيش، بعد أن نظموا مسيرة انطلقت من دوران شبرا في حوالي الساعة الرابعة عصرًا مرورًا بمنطقة القللي والإسعاف وصولا إلى ماسبيرو. وشهدت المسيرة اشتباكات عنيفة بين المشاركين في المسيرة والمارة الذي رفضوا السلوك العدواني الذي ظهر عليه المتظاهرون، بعد أن خلعوا الجزء العلوي من ملابسهم، واعتدوا على العديد من الممتلكات العامة والخاصة في طريقهم، ورشق بعض المارة المتظاهرين بالحجارة من أعلى نفق أحمد حلمي فردوا عليهم بإطلاق الأعيرة النارية صوبهم وقذفهم بالحجارة. وقام المتظاهرون الذين حملوا "أكفانهم" في إشارة إلى إقدامهم على الموت بتحطيم عدد كبير من السيارات بطول الطريق من أحمد حلمي إلى القللي، حيث حطموا أتوبيس هيئة نقل عام و2 ميكروباص وقرابة 10 سيارات ملاكي، ورفعوا لافتات مسيئة للمجلس العسكري ولوحوا بالشوم والعصي في وجه الماره حتي وصلوا إلي مبني مؤسسة "الأهرام" وحاولوا اقتحام "الأهرام المسائي" وقاموا برشق المبنى بالحجارة. وأحرقوا صورة لمحافظ أسوان، في أعقاب تهديدات سابقة لأحد رجال الدين الأقباط بقتله، مؤكدين أنهم لن يتنازلوا عن مطالبهم والتي تتلخص في إقالة المحافظ، ومحاكمته على ما بدر منه تصريحات في أزمة المريناب، والقبض على الذين هدموا "الكنيسة" – "المضيفة"- وتعويض المضارين، وإعادة بناء "الكنيسة" فى موقعها، وتخصيص كوتة للأقباط فى الانتخابات البرلمانية القادمة". ووصل التوتر ذروته عندما قام المتظاهرون أمام مبنى ماسبيرو بمهاجمة قوات الجيش والشرطة العسكرية بالأسلحة النارية والسيوف والخناجر وزجاجات "المولوتوف" ما أثار حالة من الهرج والمرج، وحاولت قوات الشرطة العسكرية تفريق الحشود المسلحة بترهيبهم بالسيارات والمدرعات ، وتحولت المنطقة إلى بركة من الدماء، وكان المشهد أشبه بحرب شوارع بعد أن قام الأقباط بإشعال النار في مركبات للجيش وقاموا بأعداد كبيرة بترويع المارة والسيارات أعلى كوبري 6 أكتوبر. وفرقت القوات المسلحة وقوات الأمن تجمعات عفوية من الشبان المسلمين بميدان عبد المنعم رياض القريب، تراشقت بالحجارة وزجاجات المياه الغازية الفارغة مع المتظاهرين الأقباط ، وقامت بصرفهم وإبعادهم عن موقع الأحداث . وتدخلت قوات الشرطة العسكرية والأمن المركزي، وفرضت كردونًا أمنيًا على مبنى التليفزيون. وقامت قوات الأمن بالفصل بين المتظاهرين وأهالي منطقة بولاق أبو العلا، وتم إلقاء القبض على العشرات من العناصر المثيرة للشغب تمهيدا لإتخاذ كافة الاجراءات القانونية حيالهم. وفي الإسكندرية، حاصر عدة آلاف قبطي مكتبة الإسكندرية، والمنطقة الشمالية العسكرية بالاسكندرية مساء الأحد معطلين حركة المرور على طريق كورنيش، وشارع بورسعيد حتى المنطقة الشمالية العسكرية بمنطقة سيدى جابر بشرقي الإسكندرية. وقامت قيادات قبطية بتحريض الجموع المحتشدة للاشتباك مع قوات الجيش والشرطة التمركزة حول المنطقة الشمالية لحمايتها من أي محاولات للاقتحام. وكانت الإسكندرية شهدت خلال الأيام الماضية تظاهرات للأقباط أمام مكتبة الاسكندرية احتجاجا على أحداث قرية المارنياب. واتخذت القوات العسكرية المكلفة حماية المنطقة العسكرية كافة التدابير لمنع حدوث أي احتكاكات ومنع أي محاولة للاقتحام المنطقة الشمالية العسكرية. ورفعت مستشفيات وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية لالإسكندرية حالة الطوارىء القصوى تحسبا لتطورات غير متوقعة، كما تم الدفع ب 20 سيارة إسعاف إلى منطقة سيدي جابر. وتحركت الجهات الرسمية والدينية في محاولة لاحتواء الأزمة، حيث من المقرر أن تشهد الساعات القادمة اجتماعات مكثفة بهذا الخصوص. وأجرى الدكتور عصام شرف ريس الوزراء اتصالات مع قيادات بالشرطة أو القوات المسلحة, والقيادات السياسية والكنسية وأعضاء لجنة العدالة الوطنية للتدخل لسرعة احتواء الموقف وتداعياته وتجنب تطوراته السلبية. وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء السفير محمد حجازي إن رئيس الوزراء دعا إلى ضبط النفس وتحمل المسئولية تجاه أمن الوطن والمواطن حتى تتمكن مصر من عبور تلك المرحلة الهامة وإطلاق العملية الديمقراطية فى مناخ آمن. واعتبر رئيس الوزراء أن المستفيد الوحيد من هذه التصرفات وأعمال العنف هم أعداء ثورة "25 يناير" واعداء الشعب المصري بمسلميه ومسيحييه. وصدر لاحقا قرر بفرض حظر التجوال بميدان التحرير ووسط المدينة من الساعة 2 إلي الساعة 7 صباحا. وكانت مصادر من قرية المريناب تحدثت في وقت سابق ل "المصريون" واصفة الأزمة بالمفتعلة، ورأت أن هناك محاولة لتضخيمها بصورة واضحة، بالرغم من العلاقات الطيبة التي تربط بين أهالي القرية مسلميها وأقباطها، وأشارت إلى أن 90% من أبناء القرية يحفظون كتاب الله وتربطهم علاقات قوية مع الأقباط، لكن "الأيدي الخبيثة" – بحسب تعبيرها- هي السبب في تفجر الوضع. ونفت المصادر وجود كنيسة من الأساس كما يدعي الأقباط، وهو ما يؤكده اعتراف مسجل لأحد قيادات الكنيسة، لافتة إلى عقد جلسة عرفية منذ فترة وانتهت إلى استنكار القيادات الكنسية للمخالفة في بناء "المضيفة"، وتعهد القائمون على بنائها آنذاك بهدم الجزء المخالف من خلال أحد المقاولين الأقباط، لكن المقاول تباطئ في عملية الهدم ما تسبب في إعادة الاحتقان مرة أخرى ودفع مجموعة من شباب القرية عقب صلاة الجمعة قبل الماضية للتوجه لهدم المخالفات بأنفسهم، وقاموا بإشعال النيران في إطارات السيارات وأخشاب في مخزن المقاول المجاور للمضيفة. إذ أن المحافظ كان قد أصدر قرارًا بالموافقة على ترميم كنيسة تقع بقرية "خورالزق"، والتي تبعد عن قرية المريناب بنحو 50 كيلو تقريبا، وتم اجراء المعاينات عليها والموافقات التي صدرت بخصوصها، لكن التنفيذ الفعلي تم بقرية المريناب التي تتواجد بها مجموعة من الأقباط التي تتراوح بين الخمسين والمائة نسمة، في حين يبلغ تعداد المسلمين بها نحو10 آلاف نسمة.