لا يأبه الفلسطيني طارق خلف، لعلامات الإرهاق التي بدت على وجهه إثر انشغاله لساعات طويلة في تشكيل أعواد الخيزران، لصناعة مقعد "جديد ومبتكر" يناسب أذواق المشترين المختلفة. وبحذر شديد يقلب الفلسطيني "خلف"، أعواد الخيزران على لهب شديد الاشتعال، ليتمكن من ثنيها بسهولة لصناعة أشكال جميلة من الأثاث، رغبةً منه في المحافظة على إرث تركه أجداده. ويقول "خلف" في حديث مع وكالة الأناضول: "الخيرزان مهنة توارثنها عن أجدادنا منذ مئات السنين واليوم انحسرت بشكل كبير ولم يعد أحد يهتم بها". ويضيف أن "أصحاب مصانع الخيرزان في قطاع غزة يخشون من اندثار هذه المهنة التي توارثناه عن إبائنا إلى الأبد؛ بسبب عدم إقبال الناس على شراء منتجاتها بعد ظهور أصناف جديدة أسعارها أقل وتتناسب مع الدخل المحدود للفلسطينيين". وكانت تلك المهنة مزدهرة، ولكنها شهدت تراجعاً كبيراً في السنوات الماضية، لاعتماد المواطنين على الأثاث المصنوع من البلاستيك رخيص الثمن. ويتابع: "مهنة صناعة أثاث الخيزران ليست سهلة، وهي من أهم الحرف اليدوية التراثية الفلسطينية التي تعبر عن الماضي الفلسطيني العريق، وتحتاج لمجهود كبير وسنوات طويلة من الخبرة لإتقانها، وهذا ما تعلمناه من أجدادنا". وبالتزامن مع انبعاث موسيقى خافتة في المكان انهمك الفلسطيني "خلف"، وعماله مجتهدين في تنميق وتدوير أشكال جديدة، وقديمة من الخيزران، تناسب أذواق الجميع. ويقضي خلف معظم وقته في قص وتشكيل أعواد الخيزران لصناعة ما يمثل ماضيه، وللحفاظ على حرفة الأجداد والآباء. ويقول إن "مهنة الخيزران أعمل بها منذ 20 عاما، وهي مصدر رزق لعائلتي". ويشير إلى أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن في قطاع غزة تجعل من الصعب عليهم اقتناء الأثاث المصنوع من الخيزران لارتفاع ثمنه. ووفقا لتقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، في فبراير/شباط الماضي، فإن معدل البطالة في قطاع غزة، خلال الربع الأخير من العام الماضي 2014، بلغ 42.8 % (عدد السكان يقترب من 2 مليون نسمة). ويضيف خلف أن "الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر بشكل مستمر أدى إلى ارتفاع تكلفة صناعة الخيزران؛ بسبب نقص المواد الخام التي يتم استيرادها من إسرائيل". وتحاصر إسرائيل غزة منذ أن فازت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالانتخابات التشريعية في يناير/ كانون الثاني 2006، ثم شددت الحصار إثر سيطرة الحركة على القطاع منتصف العام التالي. وتستمر إسرائيل في حصارها رغم تشكيل حكومة توافق وطني أدت اليمين الدستوري أمام الرئيس محمود عباس في الثاني من يونيو/ حزيران الماضي.