نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في 21 مارس مقالا للباحث بمنظمة "فريدوم هاوس" تشارلز دون، قال فيه إن "الاستقرار في مصر, لن يتحقق, إلا بالضغط الدولي على حكومتها, لوقف انتهاكاتها لحقوق الإنسان". وأضاف الباحث الأمريكي أن "القمع تصاعد في مصر بشكل خطير, حيث تم اعتقال أكثر من 40 ألف شخص من المعارضين, بالإضافة إلى تقييد نشاط منظمات المجتمع المدني", محذرا من أن السياسة التي ينتهجها النظام الحالي في مصر, ستؤدي لانتشار التطرف وتفاقم مشكلة الإرهاب. وحث الباحث بمنظمة "فريدوم هاوس" في مقاله الحكومة الأمريكية على وقف دعمها غير المشروط للقاهرة, والضغط عليها, لوقف "القمع", كما نصح المستثمرين الأجانب بالتريث, قبل الذهاب إلى مصر, لعدم توافر ما سماها الأطر القانونية والسياسية الشفافة, التي تضمن سلامة استثماراتهم, بالإضافة إلى احتمال تفاقم "العنف" بالبلاد. وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية انتقدت أيضا في افتتاحيتها في 19 مارس إدارة الرئيس باراك أوباما لوقوفها إلى جانب الحكومة المصرية، التي وصفتها ب"الحكومة الاستبدادية التي تمارس القمع والوحشية على نحو متزايد". وأشارت الصحيفة إلى "أن حملة القمع التي تشنها الحكومة المصرية على الحركات الإسلامية ستؤدي إلى ظهور التطرف على نطاق أوسع". وتابعت "منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في مصر، يتضح بشكل متزايد أن الحكومة المصرية لا تعتزم بناء المؤسسات الديمقراطية ولا تنوي تقبل وجهات النظر المعارضة". واستطردت "السلطات المصرية تمارس الديكتاتورية وتنتهك حريات المجتمع وحقوق الإنسان الأخرى، ومستوى الوحشية والقمع في مصر أسوأ مما كان عليه الوضع في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك". وكانت "نيويورك تايمز" نشرت أيضا في السابق عدة تقارير ومقالات وافتتاحيات انتقدت فيها بشدة الأوضاع بمصر, أبرزها "افتتاحية نارية" في 8 أكتوبر من العام الماضي, هاجمت فيها السيسي ونظامه الجديد، ودعت واشنطن والبيت الأبيض إلى تغيير سياساتهما تجاه القاهرة، فيما كان العنصر الأكثر لفتاً في تلك الافتتاحية أنها تأتي بعد أيام على أول زيارة للسيسي الى نيويورك وأول خطاب يلقيه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو الخطاب الذي قالت وسائل إعلام عالمية إنه كان يهدف الى "إنشاء موطئ قدم له لدى المجتمع الدولي". وتعتبر "نيويورك تايمز", التي تحمل لقب "السيدة العجوز" واحدة من أهم المؤشرات على المزاج العام لدى النخبة في الولاياتالمتحدة، كما أن الصحيفة تؤثر في صناعة القرار الأمريكي وخاصة المتعلق بالسياسات الخارجية. ودعت "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها إلى ربط المساعدات السنوية الأمريكية التي تقدم للجيش المصري والتي تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار بتحقيق تقدم على مستوى الحريات والديمقراطية، كما دعت إلى مراجعة شاملة لطبيعة العلاقة مع مصر في ظل ما سمته "الانقلاب العسكري". ووصفت الصحيفة ما حدث في مصر يوم الثالث من يوليو 2013 بأنه "انقلاب عسكري", كما قالت إن الانتخابات الرئاسية التي جاءت بالسيسي كانت "مزورة" . وقالت الصحيفة إن جماعة الإخوان المسلمين التي تصدّرت المشهد السياسي بعد ثورة يناير، يقبع أعضاؤها في السجون حاليا، مع اعتبارها جماعة إرهابية، وهو أمر "غير عادل"، وهو ما قد يجعلهم "عرضة للتشدد"، في وقت تقوم فيه الولاياتالمتحدة بإنشاء تحالف لمحاربة تنظيم "داعش"المتطرف. وتابعت الصحيفة "حكومة السيسي أحكمت قبضتها على وسائل الإعلام التابعة للدولة، في حين ينتظر صدور قانون غامض يشدد العقوبات على الأفراد الذين يتلقون تمويلا أجنبياً، ويجعل ذلك جريمة يعاقب عليها بالحبس مدى الحياة، بحجة محاربة الإرهاب، وهي الحجة التي استخدمتها الدولة من أجل إعاقة الجمعيات التي تدعو للديمقراطية". واتهمت الصحيفة الرئيس المصري ب"استغلال تطلع الشعب المصري، وتمسكه بالاستقرار، في سبيل تحصين بقائه في منصب الرئيس"، حسب تعبيرها. وأضافت "السيسي يحظى بدعم قوي من حلفائه في الداخل، وترويج إعلامي لشخصيته بما يفوق الهالة التي كانت حول الرئيس المخلوع حسني مبارك", مشيرة إلى أن "احتكار السلطة", الذي تشهده مصر حاليًا، لم تشهده منذ عهد محمد على باشا، وأشد قمعا مما كان يحدث في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. وأثارت الافتتاحية السابقة ردود فعل واسعة في مصر، حيث تناولها العديد من الصحافيين والسياسيين، وأبدى بعضهم غضبه مما جاء فيها, واعتبروها حملة أمريكية تستهدف مصر، وتدعم جماعة الاخوان المسلمين، بينما رآى آخرون من المعارضين لنظام السيسي أن الولاياتالمتحدة بدأت تكتشف بأنها كانت على خطأ عندما دعمت "الانقلاب العسكري"، وأن "القمع الذي تواجهه جماعة الإخوان المسلمين في الوقت الراهن قد يولد حالة من التطرف والعنف".