في الوقت الذي انتقد فيه حقوقيون تقرير مجلس حقوق الإنسان الأممالمتحدة الذي يبرأ النظام الحالي من الانتهاكات التي مورست بحق مواطنين منذ وصوله لسدة الحكم، اعتبرت قوى سياسية أن التقرير "صفعة قوية" لجماعة "الإخوان المسلمين", التي اتهمتها بأنها ملايين الدولارات لتشويه سمعة مصر في مجال حقوق الإنسان. وقال الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مجلس أمناء مركز ابن خلدون, إن "تقرير المجلس حقوق الإنسان التابع الأممالمتحدة "ينافي الواقع", مشيرًا إلى أن "ما يحدث في مصر في عهد الرئيس عبدالفتاح هو قمع غير مسبوق". وأضاف" عدد المعتقلين في مصر لا يقل عن 41ألف منهم علمانيين ويساريين وإخوان مسلمين وموطنين شرفاء"، موضحًا أن "البيانات صادرت من الحكومة المصرية هي لتضليل الرأي العام الخارجي". وأعلنت مصر، أمس قبولها 243 توصية بشكل جزئي وكامل، من إجمالي 300توصية تقدمت بها الدول، ضمن جلسة المراجعة الدورية لحقوق الإنسان في مصر، التي عقدها مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان في جنيف خلال نوفمبر الماضي. من جانبه، أكد محمد أبوذكري مدير مركز "المناضل", أن "عددًا كبيرًا من المنظمات غير الحكومية ألغت برامجها خوفًا من الوقوع تحت طائلة قانون يفرض عقوبة السجن مدى الحياة لمن يتلقى تمويلاً أجنبيًا لغرض الإضرار ب "المصلحة الوطنية" في مصر. وأشار إلى "وجود تهديدات من قبل دخول المنظمات وهو ما أثر على نتائج التقرير", لافتًا إلى انسحاب المنظمات المجتمعة المدنية من اجتماع المجلس أثناء مناقشة التقرير. بدوره، أكد تحالف من 25 منظمة دولية أبرزها "العفو الدولية" و"حقوق المدافعات عن حقوق الإنسان" و"اتحاد حقوق المرأة في التنمية" في رده أمام المجلس على "ضرورة أن تضمن مصر الامتثال الكامل لالتزاماتها الدولية لضمان إجراءات قضائية عادلة ومنصفة ومستقلة في قضايا انتهاكات حقوق الإنسان وتسليط الضوء على المضايقات القضائية المنتظمة التي يواجهها المدافعون عن كثير من النساء في مجال حقوق الإنسان". وضرب تحالف المنظمات الحقوقية مثالا بقضية "اعتقال سبع نساء من المدافعات عن حقوق الإنسان في 21 يونيو2014 رغم احتجاجهن سلميا ضد قانون التظاهر وواجهن متاعب شاقة بما في ذلك الاحتجاز السابق للمحاكمة لفترات طويلة حتى تم تخفيض عقوبتهن في النهاية إلى سنتين من السجن وسنتين من المراقبة من قبل محكمة الاستئناف في ديسمبر 2014". والناشطات هن: سناء سيف ويارا سلام وحنان مصطفى محمد وسلوى محرز وسمر إبراهيم وناهد شريف وفكرية محمد المعروفة أيضا باسم رانيا الشيخ، بحسب المتحدثة باسم التحالف. كما دعا التحالف الحكومة المصرية إلى ضمان إجراء تحقيق سريع ومستقل وفعال للتعرف على المتسبب في مصرع الناشطة شيماء الصباغ ومحاسبته. إلى ذلك، وصف "تيار الاستقلال"، برئاسة المستشار أحمد الفضالي، موافقة المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف على اعتماد "التقرير المصري" دون أي تحفظ بأنها "شهادة دولية لاحترام حقوق الإنسان في مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي". وقال عبدالنبي عبد الستار، المتحدث الإعلامي للتيار, إن "موافقة المجلس الدولي على التقرير الخاص بالمراجعة الدورية الشاملة لملف مصر، يعد صفعة قوية لجماعة الإخوان المسلمين, والتي أنفقت ملايين الدولارات لتشويه سمعة مصر في مجال حقوق الإنسان". وأشار إلى أن "مصر ماضية على طريق الديمقراطية رغم التحديات والمؤامرات والإرهاب الأسود الذي يريد أن يحيط بها". وقال عاطف مغاوري، نائب رئيس حزب "التجمع", إن "موافقة المجلس الدولي لحقوق الإنسان، على التقرير المصري يحسب للقيادة السياسية، بتمكنها من إعداد تقرير يحوز ثقة وتأييد المجلس الدولي"، مؤكدًا أن الأهم من ذلك هو تطبيقه على أرض الواقع. وأوضح مغاوري، أن مصر اكتسبت قوة دفع إيجابية بعد نجاح المؤتمر الاقتصادي، مشددًا على ضرورة استغلال تلك النجاحات من أجل السير على طريق الديمقراطية السليمة، ومواصلة القضاء على الإرهاب. وأشار إلى أنه على الحكومة ألا تعتمد على شهادات الإشادة، وعليها العمل لمصلحة الشارع والمواطن، قائلًا: "من الممكن أن يشيدوا بنا اليوم وينقلبوا علينا بالغد"، مطالبًا الحكومة بالتسلح بالمعلومات الصحيحة وتوسيع دائرة الاتصال للرد على أي ادعاءات. وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اعتمد تقرير مصر للمراجعة الدورية الشاملة وذلك بموافقة كافة دول المجلس الأعضاء. وفي 5نوفمبر الماضي، قدمت الدول المشاركة في جلسة المراجعة الدورية لحقوق الإنسان في مصر، والتي عقدها مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، 300 توصية، وذلك بزيادة 135 توصية عن جلسة عام 2010. والمراجعة الدورية الشاملة، هي آلية ينفذها مجلس حقوق الإنسان العالمي (وفق قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة)، يقوم من خلالها باستعراض دوري شامل لحالة حقوق الإنسان في الدول الأعضاء البالغ عددها 47 دولة.