ألوان صاخبة، وإضاءة مكثفة، ونقوش مختلفة، إضافة إلى تقنيات حديثة ووسائل تكنولوجية تكاد تكون سمة خطوط وتصميمات فن الديكور التي يفضلها كثير من الشباب بحثًا عن الموضة، ومسايرة الجديد في مواجهة طرز شرقية وإسلامية عتيقة يفوح منها تيار الأصالة والتراث، وما زال البعض يتمسك بها باعتبارها تراثًا أصيلاً لا يجب التفريط فيه. "لميس" أكدت تفضيلها الألوان والإضاءة الهادئة، و"علي" أشاد بالبيت العصري والطرز الغربية، و"عادل" اعتبر لمسات الشباب على فن الديكور اقتباس من كتالوجات غربية، و"وفاء" أبدت ثقتها في عودة التصميمات الشرقية الأصيلة، وخبراء الديكور طالبوا بالتجديد والبساطة في جولة قمنا بها بين عدد من الشباب والخبراء للتعرف على أبرز لمسات الديكور الشبابي. ألوان مفضلة لميس -طالبة بكلية الفنون الجميلة - تقول إن شخصية الفرد وطبيعة ميوله تتحكم إلى حد كبير في اختياراته لشكل وألوان وطبيعة الديكور المفضل بالنسبة له في مقر سكنه أو عمله، وبالتأكيد يختلف ذلك من فرد لآخر، ومن جيل لآخر، فمن المعروف أن للألوان والإضاءة أثر كبير على نفوس الأفراد، ولذلك نجد أن الشخص الذي يميل للهدوء يحبذ اختيار الألوان الهادئة، وكذلك اهتمامه بتوزيع الإضاءة بشكل غير ملحوظ كعمل "سبوتات" داخل الجدران ذات ألوان بسيطة هادئة عكس الحال بالنسبة لبعض الشباب ممن يميلون إلى الجو الصاخب فيهتمون بعمل "ميكس" لأكثر من لون ينتج عنه ألوان متداخلة، إضافة إلى نقش الجدران بشكل لافت وبنفس اللون المستخدم في الدهان، واستخدام الإضاءة الصاخبة ووضع الكثير من الكشافات واللمبات في مختلف جوانب المنزل. وتضيف أن هناك اتجاهًا لدى البعض ممن يفضلون استخدام ورق الحائط وتوظيف المناظر الطبيعية في إضافة لمسة جمالية على جدران البيت، فنجد من يحبذ وضع صور لأشجار ومسطحات خضراء، وأحيانا صورًا لقطط أو طيور، وهناك من يحبذ وضع صور لآثر أو مسجد إسلامي، وكلها أذواق تختلف من شخص لآخر حسب ميوله وطبيعته الشخصية. بيت شبابى أما شكل البيت العصري من وجهة نظر الشباب فيرسم ملامحه علي محمود -طالب بكلية الفنون التطبيقية- مشيرًا إلى أن البيت العصري الآن يختلف تمامًا عن البيت قديمًا حيث كان الطابع الشرقي والإسلامي يغلب على أثاثات البيت وتصميماته، أما الآن فأصبح النمط الغربي بطرازاته المختلفة الإيطالي والفرنسي والإسباني موجودة في سوق الديكور وغرف النوم ومختلف مكونات الأثاث المنزلي، فمثلا انعكست التصميمات الإسبانية علي غرف الجلوس والصالون، كما أن الزخرفة التي توضع علي الخشب باتت تصنع بشكل الكتروني، ناهيك عن باقي الأثاث كالشبابيك ودولاب غرفة النوم الذي تحرر من شكله تقليدي وأصبح معظم وجهته زجاج مزخرف ويغلق بباب واحد "جرار" بطول الدولاب كله، وهذه كلها في الغالب طرز غربية استوردها الشباب من مجتمعات غربية في محاولة منه للبعد عن الأشكال التقليدية القديمة، ومسايرة الموضة في كل شيء. كتالوج غربى وجهة نظر مختلفة يطرحها عادل عبد الله -طالب جامعي- يؤكد من خلالها أن لمسات الشباب على فن الديكور مجرد وهم، وأن ما شهده فن الديكور من تطوير طرأ على شكل منازلنا ومكاتبنا ما هو إلا نقل من "كتالوجات" غربية تضم آلاف التصميمات المختلفة، والشباب الآن مجرد مستهلك أو منفذ للفكرة دون أن يضيف شيئًا. ,يضيف: تصميماتنا الشرقية متميزة وجميلة، وتدل على الأصالة والتراث، لكن للأسف الرغبة في تقليد الغرب تدفع البعض إلى هجران النمط الشرقي في كل شيء، والبحث عن "كتالوجات" فقط لتنفيذ ما فيها، ولذلك أرى أن الشباب مجرد أداة تساعد التصميمات الغربية علي الانتشار، وأنها تؤثر بشكل كبير على ذوقه واختياراته. الحنين إلى الماضي لكن وفاء – طالبة جامعية – أبدت اختلافها مع وجهة النظر السابقة، وتبنت الرأي القائل أن التصميمات الشرقية والإسلامية ستعود يومًا ما، بل بدأت في العودة فعلا، حيث تقول أنها اطلعت على تصميمات حديثة مقتبسة من التصميمات الشرقية القديمة التي تعبر عن أصالة وعراقة مجتمعاتنا الشرقية. وتشير وفاء إلى أن حالة الانبهار بكل ما هو غربي وصلت بالفعل إلى فن الديكور واختيارات الشباب في ملابسهم وأزيائهم وكذلك في تصميمات مقار سكنهم وعملهم، وليس من العيب الاستفادة من الجانب التكنولوجي والتطور التقني المستخدم حاليًا في الديكورات الحديثة مثل وضع كاميرات مراقبة علي باب الشقة، وكذلك إنشاء شبكة اتصال داخلية بين الغرف، وكذلك الاهتمام باستخدام الأبواب الكهربائية التي تعمل بالريموت، وأيضا استخدام الستائر الكهربائية بدلا من العادية. الديكور والعولمة خبراء الديكور أكدوا أن السلوكيات والقيم والمبادئ من أشد العوامل تأثيرًا على ذوق الفرد إلى جانب سماته الشخصية، حيث يقول الدكتور طاهر عبد العظيم- المدرس بكلية الفنون الجميلة- إن العولمة بكل ما فيها من انفتاح على العالم سواء أكان ثقافي أو اجتماعي أجبرت الشباب على الاتجاه نحو العالم بكل حواسه، وسعيه وراء الأسلوب البسيط المجرد البعيد عن التكلف، مؤكدًا أنه لا توجد اختلافات بين أسلوب الولد أو البنت في الابتكار، بل الأمر مجرد سمات وسلوكيات عامة تنشأ مع الفرد، كما ساعد هذا الانفتاح على تقليد الشباب العربي لتصميمات المجتمعات الغربية، مؤكدًا أنه مجرد تقليد أعمى دون وعي أو إدراك.
البساطة تكفى ويلفت المهندس أحمد عبد الفتاح –خبير ديكور– إلى أن البساطة وعدم التكلف هي أبرز أساسيات فن الديكور، وتعتمد مراكز الديكور العالمية ذلك الأسلوب في تصميماتها وإنتاجها، وهو ما يضيف لمسة جمالية حقيقية تناسب مختلف الفئات والأعمار سواء كانوا شبابًا أو أطفالا أو حتى كبار السن. ومن وجهة نظره يؤكد عبد الفتاح أهمية العودة إلى الأصالة في تصميماتنا، والمحافظة على النمط الشرقي والعربي في منازلنا، وعدم الانسياق وراء موجة الموضة، فالمجتمع ليس كله شباب، وهناك أجيال أخرى، وأذواق متنوعة، ومن التصميمات من يناسب كبار السن ولا يناسب الشباب والعكس صحيح، ومن الصعب أن تتفق جميع الأذواق على شيء ما، لكن البساطة بشكل عام باتت سلعة مطلوبة في الديكور وغيره. صراع الأذواق معوض الخولي -مهندس ديكور- وعكس الآراء السابقة يرى أن الديكور الغربي أفضل، وأن التصميمات الغربية هي السائدة الآن؛ لأنه وبكل بساطة حسب قوله تشهد تجدد وتطور مستمر ما يناسب جميع المستويات والفئات، كما يمتاز بالبساطة وعدم التكلف عكس الديكور الشرقي الذي يمتاز بالجمود وعدم التجدد، مؤكدًا أن معدل الاهتمام بالديكور الإسلامي في تراجع لصالح الديكور الغربي، وأن أذواق الديكورات الشرقية إذا ظل متشبثة بالماضي فقط دون تجديد فسوف تنقرض للأبد. وعن طبيعة اللمسة التي يضفيها جيل الشباب على فن الديكور يؤكد الخولي أن هناك اختلافات كبيرة بين اللمسة الفنية للديكور بالنسبة للولد أو للبنت حيث لكل منهما تركيبه الفسيولوجي المختلف، وكذلك سماته وخصائصه غير المتشابهة، فكل منهما له ذوقه ولمسته الخاصة.