بدأ الوجود العربي في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي منذ الدورة الأولى لهذا البرلمان بمقعد واحد، واستمر هذا الوجود بالنمو طوال الدورات ال19 الماضية عبر أحزاب متعددة إلى أن وصل إلى قائمة واحدة مشتركة يأمل قادتها أن تحقق 15 مقعداً في الانتخابات المقررة الثلاثاء المقبل. الإطار التالي الذي يتناول الوجود العربي في الكنيست، يأتي ضمن سلسلة تقارير تعدها وكالة الأناضول عن الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية المقررة الثلاثاء المقبل. ويقول رئيس "القائمة العربية المشتركة" أيمن عودة (40 عاماً)، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر): "قلنا بتواضع، إننا سنكون القوة الثالثة التي لا يمكن تجاهلها، وهذا يتحقق فعليًا، نؤمن أننا سنصل إلى 15 مقعدًا". وينحدر عودة من مدينة حيفا، التي يطلق عليها الفلسطينيون "عروس الشمال"، وهي ذاتها التي ولد وترعرع فيها توفيق طوبي الذي كان أول عضو عربي في الكنيست منذ التئامه للمرة الأولى في 14 فبراير/شباط 1949، أي قبل 26 عاماً من ولادة عودة في يناير/كانون الثاني 1975. ويجمع الحزب "الشيوعي" الإسرائيلي الذي تحول لاحقاً إلى "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة"، ما بين طوبي وعودة، غير أن الأخير يرأس قائمة من 15 عضواً، بينهم عضو يهودي واحد، هو دوف حنين، في حين أن طوبي كان العربي الوحيد في قائمة ضمت إضافة له 3 يهود. غير أن الرسالة التي حملها طوبي هي ذاتها التي يحملها عودة الآن ويعبر عنها بكلماته: "نحن لا نقبل معادلة كل اليهود ضد كل العرب، ولا نقبل معادلة كل العرب ضد كل اليهود، نحن أقمنا قائمة لعرب ويهود ديمقراطيين، في مواجهة إيديولوجية الدولة العنصرية". ويعيش مليون و600 ألف عربي فلسطيني في إسرائيل، حيث يشكلون 20% من عدد سكان البلاد البالغ أكثر من 8 ملايين، بحسب المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي. إلا أن الوجود العربي في الكنيست الذي وصل في الدورة الحالية إلى 11 عضواً، غالباً ما كان مبعثراً ما بين أحزاب لم تتمكن على مدار سنوات من تحقيق الكثير من الوعود التي قدمتها لناخبيها. ولكن "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة"، و"القائمة العربية الموحدة"، و"التجمع الوطني الديمقراطي"، و"الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية" قرروا وللمرة الأولى، الاتحاد في قائمة واحدة أطلقوا عليها "القائمة العربية المشتركة"، ويأملون أن يكونوا أكثر تأثيراً في الدورة القادمة للكنيست. وقال عضو الكنيست أحمد الطيبي، لمجموعة من الطلاب العرب في حيفا، لحثهم على المشاركة في الانتخابات: "هذه تجربة غير مسبوقة في العمل السياسي الوطني في الداخل". وأضاف الطيبي، وهو طبيب بالمهنة، في شريط مصور للقاء نشره على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك): "أن تكون هناك كتلة من 15 نائباً عربياً بالكنيست يجلسون في صف واحد مقابلهم (زعيم حزب إسرائيل بيتنا اليميني أفيغدور) ليبرمان على رأس كتلة صغيرة من 4-5 مقاعد، فإن هذا مشهد غير بسيط بالنسبة لهم، إنه يرفع ضغط دمهم، فأنا طبيب، وسعيد بارتفاع ضغط دمهم هذا". وكان ليبرمان سعى لاستبعاد النواب العرب من الكنيست عبر طرح تمرير قانون برفع نسبة الحسم إلى 3.25 %، لاعتقاده أن أياً من الأحزاب العربية لن تجتازها، غير أنه بقانونه هذا ساهم إلى حد كبير بوحدة الأحزاب العربية وزيادة وجودها في البرلمان الإسرائيلي. ووفق متابعة الأناضول لاستطلاعات الرأي العام الإسرائيلية، فإن "القائمة العربية المشتركة" ستحصل على ما بين 12-13 مقعداً في الكنيست المكون من 120 مقعداً، لتكون بذلك الكتلة الثالثة من حيث التواجد بعد "الليكود" (اليميني) برئاسة بنيامين نتنياهو، و"المعسكر الصهيوني" (الوسطي) برئاسة يتسحاق هرتسوغ، وتسيبي ليفني. ويرى أقطاب "القائمة العربية المشتركة" أن ارتفاع نسبة المشاركة العربية في الانتخابات عن ما كانت عليه حتى الآن وهو 50 %، سيرفع من قوة التمثيل العربي في الكنيست وبالتالي تأثيره فيه. وفي هذا الصدد، قالت عضو الكنيست، حنين زعبي: "نحن جميعاً أمام مسؤولية ، فالشعب الذي طالب بالوحدة عليه أن يعطي الوحدة قوتها، إن نسبة تصويت 70% ستجعلنا قوة ثالثة" وأضافت زعبي التي لطالما عانت من ملاحقات اليمين الإسرائيلي بسبب مواقفها المناهضة للسياسات الإسرائيلية، في فيديو قصير نشرته على صفحتها في "فيسبوك": "علينا أن ننزل بجميع فئاتنا نساءا ورجالاً في الجليل والمثلث (شمال)، والنقب (جنوب)، ونقول نحن نريد أن نكون وحدة وقوة سياسية داخل البرلمان في مواجهة العنصرية". وفي مسعى منهم لزيادة نسبة المشاركة في الاقتراع ينشط مرشحو القائمة العربية الموحدة في التحرك ما بين المدن والقرى العربية في إسرائيل، وينظمون اجتماعات في القاعات والجامعات لشرح برامج قائمتهم. ومن خلال الرصد الذي أجرته وكالة الأناضول، يستعين أعضاء هذه القائمة بمقاطع فيديو قصيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، تحاكي واقع العرب في إسرائيل وتعد بالعمل على حلها. فيظهر النائب العربي، طلب أبو عرار، في قرية بدوية في النقب، جنوبي إسرائيل، في شريط وهو يقول: "لا يحك جسمك إلا ظفرك، فاليوم مع قائمتنا المشتركة يمكننا أن نحرك مطالبنا، ففيها تحد وصمود لتعزيز الوجود، بإرادة شعبنا نحن قادرون على النصر". وقدمت القائمة العربية المشتركة برنامج طموح من 5 أبواب تبدأ بقضايا الجماهير العربية في إسرائيل، مرورا ب"ضد الاحتلال، ومن أجل السلام العادل"، و"دفاعا عن الحقوق الديمقراطية وضد العنصرية" و"حقوق العاملين والعدالة الاجتماعية والبيئية"، وصولاً إلى "حقوق المرأة". وعلى مدى السنوات الماضية، نجح العديد من العرب في الوصول إلى مقاعد الكنيست عبر أحزاب يهودية بدءا من"ميرتس" (اليساري) مروراً ب"العمل" (الوسطي)، و"الليكود" (اليميني)، وصولا إلى "إسرائيل بيتنا" (اليميني) المتشدد، غير أنهم لم يُحسبوا ضمن النواب في الأحزاب العربية. وعلى الرغم من أن القائمة اسمها "القائمة العربية المشتركة، إلا أن من بين أعضائها النائب اليهودي منذ العام 2006 عن "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة". ويقول في تدوينة على حسابه في "فيسبوك": "علينا أن لا ننسى ما حدث هنا في الصيف الأخير. العدوان على غزة (الحرب الأخيرة في يوليو/تموز وأغسطس/آب الماضيين)، التحريض والاعتداءات العنصرية، ليست وليدة الصدفة. الأوضاع يمكن أن تتدهور أكثر وأكثر". وأضاف: "أمام هذه المخاطر علينا تشكيل بديل ديمقراطي، يقودنا نحو أفق آخر لهذه البلاد. تشكيل القائمة المشتركة يمكن أن يكون بداية هذه السيرورة. هذا مطلب ضروري وهام. لأننا فقط معاً، عرباً ويهوداً، بإمكاننا إحداث التغيير". وإضافة إلى عودة، وزعبي، والطيبي، وأبو عرار، وحنين، فإن القائمة العربية المشتركة تضم المرشحين: مسعود غنايم، جمال زحالقه، عايدة سليمان-توما، عبد الحكيم حاج يحيى، يوسف جبارين، باسل غطاس، أسامه سعدي، عبد الله معروف، جمعة زبارقة، وسعيد خرومي. ويقول عودة: "كتلتنا ستشكّل قاعدة البديل الأخلاقي والديمقراطي الفعّال والمؤثّر، في مواجهة المعسكر القومي والمعسكر الصهيوني. سنكون مؤثرين". وتبلغ فترة الكنيست 4 سنوات، ما لم يتقرر إجراء انتخابات مبكرة، وهو ما حصل مع الدورة الحالية التي بدأت في 5 فبراير/شباط 2013.