اعتبرت راضية عاشوري المتحدّثة بإسم "البعثة المتعدّدة الأبعاد والمتكاملة للأمم المتحدة لتحقيق الإستقرار في مالي" (مينوسما) أنّ "تشكيل جبهة موحّدة ضدّ الإرهاب"، في خضمّ الموجة الإرهابية التي تشهدها مالي في الآونة الخيرة، يحتّم على الأطراف التي لم توقّع بعد على إتفاق الجزائر الإنضمام إليه. وأضافت عاشوري، في مقابلة عبر الهاتف مع الأناضول: "نكرّر دعوتنا لوضع اللمسات الأخيرة على الوثيقة وتوقيع إتفاقية السلام المتمخّضة عن المحادثات التي جرت، في العاصمة الجزائرية، بين حكومة باماكو وعدد من المجموعات المسلّحة المتمركزة شمالي مالي". وتابعت: "الهجمات الإرهابية التي جدّت، نهاية الأسبوع الماضي، تثبت –بما لا يدع مجالا للشكّ- أنّه من الضروري أن يتوقّف هذا النزاع الذي يضع الأطراف المالية في المواجهة، وأن يتمّ تفعيل الإجراءات المقررة ضمن إتفاق السلام، وخصوصا تلك المتعلّقة بالأمن، من أجل أن تشكّل جميع الأطراف في مالي، بدعم من المجتمع الدولي وأصدقاء البلاد، جبهة موحّدة ضدّ الإرهاب". واستنادا على مطالب الشقين، السلطة المركزية بباماكو من جهة والمجموعات المسلحة بإقليم "أزواد" في الشمال من جهة اخرى، يسري الاتفاق الذي أفرزته المفاوضات الجارية بينهما منذ يوليو/تموز 2014، يعد بمثابة حل توفيقي بين مطالب الجانبين يرتكز على انشاء مؤسسات محلية تمثل شمالي مالي وان استبعد الفدرالية، فيما لم تقم تنسيقية الحركات الأزوادية، والتي تضم أهم مجموعة مسلحة شمالي البلاد، الحركة الوطنية لتحرير أزواد، بالتوقيع على الاتفاق بعد. وما يزيد من ضرورة انضمام تنسيقية الحركات الأزوادية إلى اتفاق الأول من مارس/آذار، في ظل تصاعد وتيرة العنف التي شهدتها البلاد، نهاية الأسبوع الماضي ، أنه يتيح "للحكومة المالية نشر قواتها في الشمال ويمكن القوات السياسية شمالي البلاد من الانضمام إلى هذا المجهود"، بحسب الناطقة باسم المينوسما. و"بعكس ذلك"، أي في صورة عدم إنضمام جميع الفصائل إلى إتفاق الجزائر، فإنّ الهجمات الإرهابية، تتابع عاشوري، سيترتّب عنها "إضاعة للوقت، بما يخدم مصلحة أولئك الذين لا يرغبون في عودة الإستقرار إلى البلاد". وشهدت مناطق كل من "كيدال" (شمال شرق) و العاصمة باماكو، يومي السبت والأحد الماضيين، عمليتين مسلحتين أسفرتا عن مقتل 8 أشخاص، بينهم جندي أممي. وتعد عملية باماكو الأولى من نوعها منذ انتشار القوات الفرنسية "سرفال" في يناير 2013. وقد تبنتها جماعة "المرابطون" التي يقودها "مختار بلمختار". "المنجي حامدي" رئيس البعثة الأممية ذكر من جهته، الأحد الماضي، خلال زيارة إلى "نيامي" عاصمة النيجر حيث إلتقى برئيس البلاد محمدو يوسوفو، والذي تشارك بلاده في الفريق الدولي للوساطة في الأزمة المالي، بأنه "حتى وإن لم يكن هذا الاتفاق (اتفاق الجزائر) مثاليا، فإنه يبقى ركيزة صلبة يمكن للبلاد أن تبني عليها المستقبل". ومضت "عاشوري" في هذا الاتجاه بالقول: "تكمن روح هذا الاتفاق في مساعدة الماليين على تسوية مشاكلهم الداخلية"، فهو يوفر لهم قاعدة صلبة و جملة من الآليات لتسوية المشاكل العالقة في إطار تشاركي، لا سيما تلك المتصلة بالأسباب العميقة للصراع". وبالنسبة ل "عاشوري" فإن هذا الاتفاق "يترجم طبيعة الدور الموكول إلى المينوسما، والمتمثل في مساعدة الدولة المالية على إعادة بسط سلطتها على كامل التراب الوطني، مضيفة أنّه "حتى وإن كانت مينوسما قد شاركت في الحرب على الإرهاب بشكل فعلي، فهي لا تملك أن تأخذ مكان الماليين في هذا الصراع الذي يدخل تحت سقف مسؤولياتهم بدرجة أولى." وتنبه المسؤولة الأممية إلى أنّ "الماليين سيكونون أكبر المتضررين من الارهاب"، مشددة على أنّ التداعيات المترتّبة عن ذلك ستتجاوز السياق المالي لتشمل المنطقة برمتها. وبناء عليه، فإنّ عدم محاصرة الخطر الإرهابي يفضي آليا إلى "اتساع رقعة الخطر ليشمل دول الجوار." وختمت الناطقة بإسم المينوسما قائلة: "رغم الهجمات الإرهابية، سنواصل مهمتنا بإصرار أكبر، نظرا لحجم الرهان الذي نواجهه. وطالما لم يقع حل المشكل، فإن المنطقة برمتها ستضرر".