على أعتاب يوم المرأة العالمي، وعيد المعلم، تشعر أصغر مُدرِّستيْن في مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان، يعانيان متاعب الحياة، بالأسى بعيدا عن وطنهما وأهليهما . براءة عنتر، بنت ال9 سنوات، ونجمة عبد المولى التي لم تبلغ 14 سنة، لا تعيشان حياتهما الطبيعية كبقية أطفال العالم، بل تتسم حياتهما في ظل اللجوء بالصعوبات الكثيرة التي يعاني منها كل النازحين السوريين في لبنان. عنتر وعبد المولى، اللتان تعتبران أصغر مدرستين في مخيمات اللجوء في لبنان ب"إرادتيهما الذاتية"، هما اليوم نموذجين حيين للمرأة السورية التي تعاني الكثير، سواء تحت القصف في سوريا أو في مخيمات اللجوء بلبنان وغيره. هاتان المعلمتان، قد لا تعرفان معنى يوم المرأة العالمي، وعيد المعلم، لكنهما بكل تأكيد، نموذج حيّ وعينة واقعية لا تحتاج لكثير شرح، للمرأة السورية في كفاحها ومعاناتها، وللمدرسة السورية التي تتفانى بعملها لأجل تربية جيل يعرف معاني الحرية وأهمية العلم والمعرفة. واليوم العالمي للمرأة أو اليوم العالمي للمرأة، يوافق الثامن من شهر مارس من كل عام، وفيه يتم الاحتفال عالميا بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء، فيما تحتفل لبنان بيوم المعلم في اليوم التاسع من مارس من كل عام . عنتر، التي تعيش مع أهلها وأبيها المريض في مخيم "علي طافش" للنازحين السوريين في منطقة كترمايا في جبل لبنان، نزحت قبل حوالي عام من دمشق، بسبب "القصف الشديد والكيماوي". لم تتجاوز عنتر ال9 سنوات، إلا أنها تتذكر في ظل مأساتها التي داهمت حياتها مبكرا، الأيام الجميلة التي كانت تمضيها مع صديقاتها في المدرسة في دمشق، مشيرة الى أن تلك الأيام "كانت مليئة بالفرح والسرور على عكس ما نحن فيه الآن". هي اليوم مدرسة "بإرادتها" لعدد من أطفال المخيم، حيث تقول عن نفسها "أجمع أطفال المخيم وأدرس لهم ما درسته في الصف الثاني الابتدائي". وأكدت عنتر ل"الأناضول" أنها أقدمت على هذه الخطوة بدافع شخصي، مضيفة "رأيت أن الأطفال هنا يلعبون بالطين ويضيعون أوقاتهم، فجمعتهم بعد أن أحضرت بعض الحجارة الكبيرة وقطعة من الكرتون واشتريت علبة من الطبشور وبدأت الصف". وتابعت أن موعد صفها ثابت، صباح كل يوم، وهو يتضمن تعليم اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية بشكل بسيط، لافتة الى أن أدوات الصف تطورت بعد أن أحضر لها مسؤول المخيم "علي طافش" عددا من الكراسي الصغيرة ولوحا خاصا للتدريس. وعن طموحاتها المستقبلية، أوضحت عنتر أنها ترغب في أن تصبح معلمة عند كبرها "لأقدم العلم والمعرفة لمن يطلبونها". وتأمل عنتر في أن تعود إلى بلادها ومدرستها وأن تشهد "فتح صفحة جديدة من الفرح والسعادة والعلم". المدرسة الثانية، نجمة عبد المولى، التي لم تبلغ سن ال14 عاما، نزحت من منطقة الغوطة الشرقية في دمشق منذ عامين، وتعتبر في مخيم "علي طافش" شريكة عنتر في مهمة تدريس الأطفال والأولاد، بمبادرة منها "كون العلم والدين أهم أمرين في الحياة، وتعليمها له أجر عظيم عند رب العالمين"، حسب قولها. عبد المولى، التي تدرّس مواد اللغتين العربية، والإنجليزية، والعلوم، والرياضيات، والدين، تقوم بعملها بالاستعانة أدوات متواضعة، وتتخذ من وسط المخيم مكانا لصفها الذي تجمع فيه الأولاد "بدل أن يلعبوا بالطين والأوساخ هنا وهناك". وفي يوم المرأة العالمي وعيد المعلم، لم تجد عبد المولى إلا أن تشير الى نفسها كعينة للمرأة السورية التي "بالرغم من معاناتها، لا تتقاعس عن دورها الهام"، شاكرة والدتها التي قالت إنها علمتها "الصح من الخطأ"، ومعلمتها التي استمدت منها العلوم والمعرفة. أمنية عبد المولى، لم تختلف عن أمنية عنتر، وهي العودة الى سوريا، قائلة والدموع تظهر في عينيها "بالرغم من أن صديقاتي قتلن ومدرستي تدمرت.. إلا أن الوطن عزيز". في ذات السياق، اعتبرت السيدة أم أمجد (30 سنة)، التي نزحت من دمشق منذ 4 أعوام أن "معانات النساء السوريات في اللجوء تتزايد يوما بعد اليوم"، مشددة أن المطلب الوحيد هو "العودة الى الوطن". وأشادت أم أمجد بمعلمتي المخيم الصغيرتين "اللتين تتعبان منذ نعومة أظافرهما"، مشيرة الى أن هذا الوضع "ظلم بحق المرأة"