أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن قرار الرئيس حسني مبارك بتأجيل انتخابات المحليات وتمديد مدة عمل المجالس الحالية لعامين آخرين يجعل الرئيس الأمريكي جورج بوش يواجه خيارا صعبا: إما انتقاد الرئيس مبارك، ما يعني تقوية المعارضة الإسلامية، أو التزام الصمت ومن ثم تعزيز الاتهامات الموجهة لواشنطن بأنها تدعم الديمقراطية التي تحقق فقط أجندتها الخاصة. وكشفت الصحيفة النقاب عن أن مسئولين في واشنطن أزعجهم قرار مبارك وأنهم طالبوا النظام المصري بالسعي لتحقيق رغبة شعبه في الديمقراطية. ونقلت الصحيفة عن آدم إيرلي المتحدث باسم الخارجية الأمريكية قوله: لقد أزعجتنا التقارير (عن تأجيل الانتخابات المحلية في مصر) ونحن على اتصال بالحكومة المصرية للتحقق من الأنباء. وقالت الصحيفة، في تقرير لها بعنوان "مبارك يرجئ الانتخابات المحلية برغم الوعود"، إن تلك الخطوة تزيد من مخاوف الإدارة الأمريكية، واعتبرت على نطاق واسع كمحاولة للإبقاء على قبضة الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم على السلطة في الوقت الذي بدأت فيه تلك القبضة في التراجع. ولفتت الصحيفة إلى أن قرار التأجيل ينظر إليه باعتباره محاولة لمنع جماعة الإخوان المسلمين، التي حققت فوزا غير مسبوق في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، من ترشيح مرشح مستقل للانتخابات الرئاسية المقررة في 2011. ونقلت " نيويورك تايمز " عن ناصر أمين مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة قوله: الحكومة ليست مستعدة الآن للانتخابات، وليست مستعدة لأنها تخاف هزيمة أو خسارة ثقيلة مثل تلك التي منيت بها في الانتخابات البرلمانية. وعلقت الصحيفة على تصريحات أمين لافتة إلى أن مصر أظهرت مقاومة ضد توسيع العملية السياسية في البلاد في الوقت الذي اعتبر فيه الرئيس بوش نشر الديمقراطية حجر زاوية للأجندة الأمريكية في الشرق الأوسط. وذهبت الصحيفة إلى أن الإدارة الأمريكية ربما لن تتمكن من إبداء رأيها في قرار تأجيل انتخابات المحليات في مصر لاسيما وأن واشنطن بدأت تنظر إلى الانتخابات الأخيرة في بعض دول المنطقة على أنها ساعدت في صعود الإسلاميين، خاصة الانتصار الأخير الذي حققته حركة حماس. وأشارت في الوقت نفسه نقلا عن محللين إلى أن الولاياتالمتحدة ربما تكون أكثر نزوعا نحو وقف نيرانها في ظل حالة الصراع التي تسببت فيها الرسومات المسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم). وسلطت "نيويورك تايمز" الضوء على ردود الفعل على المستوى المحلي إزاء تأجيل انتخابات المحليات قائلة إن الكثيرين في مصر سارعوا إلى انتقاد قرار الحكومة مؤكدين أنه يخالف وعود مبارك الانتخابية ومحاولة للتصدي للإخوان المسلمين. ونقلت عن الكاتب سلامة أحمد سلامة قوله : الصورة الكبيرة الواضحة أن الكثير من الوعود التي أطلقها مبارك خلال حملته وبرنامجه بشأن الإصلاح السياسي لم تتحقق.. يتم تأجيل الوعود ليس ثمة آلية واضحة لتنفيذها.. كل ما يفعلوه (الحكومة) هو التأجيل. واعتبر الدكتور أسامة الغزالي حرب، عضو الحزب الوطني والمحلل السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في تصريحات للصحيفة ، أن القرار يستهدف بالدرجة الأولى جماعة الإخوان ، مضيفا " بالتأكيد القرار بسبب الإخوان المسلمين.. لقد أثبتت الانتخابات البرلمانية الأخيرة أن الحزب الوطني الديمقراطي أضعف كثيرا مما تنبأ به أي شخص.. جميع الأحزاب الأخرى مصابة بالإحباط.. البديل الوحيد القادر على ملأ الفراغ وتحدي الحزب الوطني هو جماعة الإخوان ". أما جماعة الإخوان، فأوردت الصحيفة في تقريرها تصريحات لبعض قادة الجماعة بشأن قرار تمديد عمل المجالس المحلية حيث نقلت عن محمد حبيب نائب المرشد العام للجماعة قوله: إنه أي قرار التأجيل خطوة نحو تكريس توريث منصب الرئيس. من جانبها ، أشارت شبكة CNN على موقعها باللغة الإنجليزية على الانترنت إلى أن قرار تأجيل الانتخابات المحلية أصاب المصريين بالغضب ، واتفقت مع النيويورك تايمز في أن قرار التأجيل يهدف إلى تمكين الحزب الحاكم وتهيئة الأجواء لتوريث الحكم لنجل الرئيس مبارك.