قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية لحقوق الإنسان اليوم، إن مصر اتخذت مؤخراً خطوتين لتعزيز حقوق الطفل، إلا أن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الأطفال من جانب السلطات ما زالت تتطلب اهتمامًا عاجلاً. يأتي ذلك بعد أن سحبت مصر في 11 فبراير الماضي تحفظاتها على إحدى مواد الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته، والتي تحدد أدنى سن قانوني للزواج ب18 عاماً، مما يوفق بين التزامات مصر الدولية وما أدخلته مؤخرًا من تغييرات على قوانينها الوطنية. وفي يناير عدلت مصر قانون الطفل فيها بحيث يخفض السن التي يجوز فيها للأسر البديلة تربية الأطفال من عامين إلى 3 شهور، مما يسمح بإعالة الأيتام وغيرهم من الأطفال المحتاجين خارج المؤسسات الرسمية منذ مولدهم تقريباً. وقالت زاما كورسن-نف، مديرة قسم حقوق الطفل في "هيومن رايتس ووتش": "إن إنفاذ مصر للتغييرات القانونية الأخيرة يمكنه إحداث فارق في حياة أطفال البلاد، إلا أن الحكومة المصرية ما زال عليها بذل الكثير من الجهد لحماية الأطفال من انتهاكات جسيمة". وأضافت أنه "من بواعث القلق الكبرى الانتهاكات المرتكبة بحق الأطفال في نظام العدالة الجنائية المصري، بما فيها الاحتجاز التعسفي والمحاكمات غير العادلة والانتهاكات البدنية. فرغم أن القانون يشترط محاكمة أي طفل متهم بجريمة أمام محكمة للأحداث، إلا أن السلطات ما زالت تتعامل مع العديد من الأطفال ضمن النظام المخصص للبالغين. وأشارت إلى أنه "يسمح لقانون العدالة العسكرية المصري للمحاكم العسكرية بمحاكمة الأطفال إذا توجه إليهم الاتهام مع بالغين"، لافتة إلى أنه في 25فبراير أفادت صحيفة "ذا ديلي نيوز إيجبت" بأن صبيًا في التاسعة بمحافظة الفيوم سيواجه محاكمة عسكرية مع والده، وهو مسؤول محلي سابق احتجزته السلطات بعد قيام الجيش بعزل الرئيس محمد مرسي في 2013، تم اتهام الأب والابن معًا بالاعتداء على قوات الأمن وإحراق محولات كهربية. وقالت إنه "وبصفة عامة يحظر القانون الدولي والقانون الأفريقي الإقليمي محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية". وذكرت كورسن أن مصر قد حظرت تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية (الختان) في 2008 كتعديل لقانون الطفل، لكن الحكومة لا تجري تحقيقات أو ملاحقات كافية لمن يمارسون هذا الإجراء الخطير والضار على الفتيات، بحسب قولها. وفي يناير، أدانت إحدى المحاكم المصرية للمرة الأولى شخصين بتهمة إجراء تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، عقب وفاة فتاة في 2013، إلا أن الحكومة تحتاج إلى وضع استراتيجية وطنية شاملة لإنهاء هذه الممارسة بحيث يشارك فيها قادة المجتمع والدين، والمشتغلون بالقطاع الصحي، والمعلمون، والمنظمات غير الحكومية. وتم تعديل المادة 46 من قانون الطفل في 24 يناير حينما أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي مرسومًا بخفض الحد الأدنى لسن الأطفال المؤهلين للحصول على رعاية الأسر البديلة خارج أسرهم الطبيعية من عامين إلى 3 شهور. ويُستخدم نظام الأسر البديلة في مصر لتربية الأطفال خارج أسرهم الطبيعية عند الضرورة، حيث أن التبني محرم في مصر. ومن شأن التعديل أن يسمح للأطفال بالحصول على الإعالة الضرورية خارج المؤسسات منذ مرحلة الرضاعة. وتعمل اتفاقية حقوق الطفل، التي صدقت عليها مصر في 1990، على إلزام الحكومات بضمان أحقية الأطفال المحرومين من البيئة الأسرية في رعاية بديلة، بما فيها التبني، بحيث "تولى المصلحة الفضلى للطفل الاعتبار الأول". أما التحفظ على الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته، والذي رفعته مصر في فبراير ، فقد كان يقرر أن مصر لن تتقيد بالمادة 21(2) التي تنص على ضرورة اتخاذ الدول لإجراءات فعالة تشمل تبني تشريعات لجعل سن 18 عاماً هي الحد الأدنى القانوني لزواج الجنسين. وعند تقدم مصر بالتحفظ في 1999 كانت قوانينها تحدد سن 18 عاماً كحد أدنى لزواج الفتية و16 عاماً للفتيات. ثم رفعت مصر الحد الأدنى لزواج الفتيات إلى 18 عاماً في 2008. وينتهك زواج الأطفال العديد من حقوق الإنسان، بما فيها الحق في التعليم، والتحرر من العنف، والرعاية الصحية الإنجابية والجنسية، والتوظف، وحرية التنقل، والزواج بالتراضي. وقد دخل الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته، الذي تبنته منظمة الوحدة الأفريقية (أو الاتحاد الأفريقي حالياً) في 1990، دخل حيز التنفيذ في نوفمبر 1999. ويسرد الميثاق الحقوق التي اتفقت البلدان الأفريقية على ضمانها لأطفالها، بما فيها الحماية من الاستغلال، والحق في التعليم، والحق في الرعاية الصحية. وقالت زاما كورسن-نف: "يتعين الآن إتباع الخطوتين الأخيرتين للحكومة لتحسين حماية الأطفال بحملة مستديمة وجدية لتحسين حقوق جميع الأطفال في مصر".