البشرى: القانون يؤدى إلى المزيد من السيطرة الأمنية ووجوده «أكبر خطأۚ».. و«نور»: سبع خطايا ارتكبها القانون «النور» في دائرة التصنيف «الإرهابي» بعد تجريم الاعتداء على «الآثار»..و«الجماعة الإسلامية»: القانون «فاشي»
حدد قانون "الكيانات الإرهابية" الذي أصدره الرئيس السيسي مؤخراً تعريفًا "شبه دقيق" للإرهاب، متضمنًا 24 نقطة، يُعاقب صاحبها كإرهابي وتجعله ارهبياً رسمياً، حيث جاء في سياق القانون، أن "إلحاق الضرر بالبيئة والمواد الطبيعية أو بالآثار أو بالاتصالات أو المواصلات البرية أو الجوية أو البحرية أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة"، يعاقب مرتكبها كإرهابي. ويتعلق الأمر أيضا، بعرقلة السلطات العامة أو الجهات أو الهيئات القضائية أو مصالح الحكومة، أو الوحدات المحلية أو دور العبادة أو المستشفيات أو مؤسسات ومعاهد العلم، أو غيرها من المرافق العامة. وشمل القانون، التعرض للبعثات الدبلوماسية والقنصلية، أو المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية في مصر ومنعها من القيام بعملها أو ممارستها كل أو بعض أوجه نشاطها أو مقاومتها، أو تعطيل المواصلات العامة أو الخاصة أو منع أو عرقلة سيرها أو تعريضها للخطر بأي وسيلة كانت، أو كان الغرض منها الدعوة بأي وسيلة إلى الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحه أو أمنه للخطر ونظرة متعمقة في القانون، تؤكد أن " ورائه الكثير، فالتوقيت الذي صدر فيه يحمل رسائل لجماعات وتنظيمات بعينها، كما أن السرعة التي صدر بها القانون دون انتظار مجلس النواب القادم تُثير في الأذهان أسئلة عديدة عن مغزى هذا القانون، في ظل حالة "الإسهال التشريعي" التي تُعانى منها مصر حاليًا. وما إن صدر القانون حتى سارعت جماعات وتنظيمات إلي تصنيف القانون ب"الفاشي والصادم"، مؤكدين أنه لافرق بين النظام الحالي وبين نظام الأخوان، فكلاهما يُصدر قوانين وقرارات بشكلٍ عشوائي ومتسرع دون الرجوع إلي سلطات الاختصاص، فقانون مجلس النواب في ظل حكم الأخوان أبطلته المحكمة الدستورية العليا لعدم دستوريته، في حين أن الرئيس السيسي منذ توليه الحكم أصدر عدة قرارات وقوانين كانت تقتضي وجود البرلمان لاتخاذها آخرها هو "قانون الكيانات الإرهابية". في السياق ذاته، يقول المستشار أحمد مكي، وزير العدل الأسبق، أن قانون الكيانات الإرهابية تضمن تعريفًا واضحًا للإرهاب وحدد شكل التعامل مع الإرهابيين، لافتًا إلي أن النقاط التي احتواها القانون تتضمن آلية التعامل مع الإرهابيين. وأوضح، أن القانون جاء منظمًا لشكل التعامل مع التنظيمات والكيانات ولم يحدد أو يُشير إلي أحد بعينه، مؤكداً أنه كان لابد من إصدار القانون بهذه السرعة وعدم إنتظار البرلمان، لأنه لايوجد آلية لإصدار التشريعات والقوانين سوي رئيس الجمهورية، وبالتالي فإنه مطالب بإصدار القوانين طالما اقتضت الضرورة ذلك. ولفت "مكي" إلي الفارق الكبير بين النظام الحالي ونظام الدكتور محمد مرسي، معتبراً أن الأخير كان يسعي لإعادة البرلمان في أسرع وقت لمنحه السلطة التشريعية، ولم تكن لديه نظرة احتكارية. وأعتبر وزير العدل الأسبق، أن الدولة في حرب مع الإرهاب، وتحارب الكيانات والتنظيمات غير الشرعية بصفة مستمرة، وبالتالي فإن انتظار مجلس النواب القادم لن يكون ضروريًا في ظل تنامي الجماعات الداعية إلي العنف. وأضاف، لايمُكننا الجزم بأن الدولة تهمش القضاء، وتستبق الأحكام القضائية في تصنيف فئات وجماعات ومنظمات على أنها "إرهابية"، البشري: بنود القانون قد تشمل جماعات "سلمية" وعلق المستشار طارق البشري، المفكر والمؤرخ الإسلامي، على القانون قائلاً "أنه أحتوى على عوار قانوني وكان لا يجب أن يصدر بهذه السرعة وهذا الشكل"، لافتًا إلي أن الكثير من الفئات قد تندرج تحت القانون، ويتم تصنيفها على أنها "إرهابية وهي ليست كذلك. وأوضح "البشري" أن القانون يُرسخ للمزيد من القبضة الأمنية، مؤكداً أن هذا القانون كان لابد ألا يُصدر، وأن وجوده يعنى أن هناك المزيد من التضييق والاحتكار الأمني"، قائلاً: سواء كان هناك برلمان أم لا فإن قانون بهذا الشكل يجل ألا يُصدر من الأساس. وتخوف "البشرى" من شكل المعارضة السياسية في ظل وجود هذا القانون، مؤكدا أن الخناق المستمر على المعارضة يخلق نوع من "العدائية" داخل المجتمع، على حد وصفه. فى السياق ذاته، استنكر الدكتور أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة، القانون، لعدة اعتبارات أوجزها فى نقاط سبع، قائلاً: "إننا أمام قانون يعصف بالحق الدستوري، والإنسانى المستقر فى المحاكم العلنية، والمنصفة، وحق الدفاع، والقضاء الطبيعي، وأصل البراءة". وفنّد "نور" ما اعتبره ادعاءات كاذبة بوجود فراغ تشريعى لإصدار القانون لمواجهة الجرائم الإرهابية، قائلاً إن البرلمان المصرى أدخل عام 1992، قانونا عالج بتوسع الجريمة الإرهابية، من خلال تعديل فى قانون العقوبات، وآخر فى قانون الإجراءات الجنائية، وآخر فى قانون محاكم أمن الدولة، وآخر فى قانون سرية الحسابات بالبنوك، وآخر فى قانون الأسلحة والذخائر – وغيرها - وعرف الإرهاب. وأضاف "نور" ل"المصريون" أن القانون يعد أول تشريع فى تاريخ القانون الجنائى فى مصر والعالم، يرتب عقوبات جنائية وأعباء جزائية وعقوبات تبعية ومصادرة الأموال والممتلكات فى مواجهة أشخاص وجهات لم يكونوا طرفًا فى الدعوى ودون إعلان أو إخطار بتلك الدعاوى أو طلب حضور لها أو حق للدفاع فيها أو تقديم مذكرات أو مستندات أو شهود. وتابع "نور": "القانون "فضيحة" يرتب عقوبات بأثر رجعى على أفعال وتصرفات لم تكن موصوفة بأنها إرهابية قبل صدوره، فالمواطن الذى نام مساء الاثنين وهو مواطن صالح بريء، يمارس حقوقه، وواجباته الدستورية، استيقظ صباح يوم الثلاثاء وهو مذنب متهم بالإرهاب بدعوى أنه مثلا: شارك يوما فى مظاهرة وجدت النيابة أنها عطلت طريقًا، أو حضر مؤتمرا لتحالف دعم الشرعية، أو شارك فى ندوة للمجلس الثورى أو رفع شعارا لرابعة.. إلخ، أو غيرها من الأفعال التى تنطبق عليها الأمور المجرمة فى المادة الأولى من القانون". وأشار إلى أن القانون أورد جرائم إرهابية فضفاضة، وغير محددة الملامح مثل:- الاتهامات بالأضرار بالوحدة الوطنية، والإخلال بالنظام العام، وأمور أخرى لم يرد لها ذكر فى الاتفاقيات ال13 الصادرة عن الأممالمتحدة. وأوضح "نور" أن القانون يعصف عمليا بحق دستورى وهو حق الطعن على الأحكام الجنائية، فرغم أن المادة الثالثة من القرار بقانون تلزم الدائرة "السرية" أن تحكم فى طلب النيابة خلال أسبوع على الأكثر، وبغير علم أو حضور المتهمين، ودون أن يقدموا دفوعهم، ودفاعهم، إلا أنها أعطت حق الطعن بالنقض للنيابة، والمحكوم ضدهم فى المادة السادسة، لكنها قالت فى ختام النص، "وذلك وفقًا للإجراءات المعتادة للطعن بالنقض". وأضاف: "الإجراءات المعتادة فى النقض تستغرق فى الأحوال العادية مددا قد تصل لخمس أو ست سنوات، والحكم "السري" الصادر من محكمة أول درجة، مدته وفقا لذات القانون ثلاث سنوات، ويجدد، بحكم آخر بناء على طلب جديد من النيابة، وبالتالى عندما يحل موعد نظر النقض الأول يكون الحكم الجديد قد بدأ، وهو ما يقتضى طعنا جديدا أمام محكمة النقض، يستغرق سنوات جديدة.. إلخ فى دائرة مفرغة لا تعنى شيئًا إلا سقوط الحق الدستورى فى التقاضى على أكثر من درجة، بعد مصادرة الدرجة الأولى بتلك الإجراءات الشيطانية غير المسبوقة". جماعات فى بؤرة التصنيف الإرهابى يأتى هذا فى ظل التخوف والتخبط الشديد لدى بعض الجماعات والتنظيمات، التى من المؤكد أن اسمها سيندرج قريبًا تحت بند "الإرهابية"، ولاسيما أن القانون جاء محددًا وبدقة شكل الجماعات الإرهابية، مؤكدًا أنها أى جماعة أو تنظيم يمارس عملًا يُضر بالأفراد والبيئة والآثار وغير ذلك. وسارعت حركة "6 إبريل" إلى اعتبار القانون فاشيًا، وقال المنسق العام للحركة، عمرو على، إن القانون "صادم"، متخوفًا من إدراج الحركة على لائحة الكيانات الإرهابية، ولاسيما أن "الأمور المستعجلة بالإسكندرية" تنظر حاليًا دعوى قضائية تُطالب باعتبار الحركة "تنظيما إرهابيا". أما حزب النور السلفي، فأصابه القلق بمجرد إصدار القانون، وبدا هذا واضحًا فى تصريحات أعضاء هيئته العليا، ولاسيما فى ظل احتواء القانون على بند يُجرم "تحقير الآثار الفرعونية"، وهو الأمر الذى حذر منه "الحزب السلفي" مرارًا. وقال طارق السهري عضو الهيئة العليا لحزب النور، إن "إصدار القانون جاء متسرعًا لأنه كان لابد من خضوعه للحوار المجتمعي، وكان يجب أن تراجعه المحكمة الدستورية العليا، أو انتظار مجلس النواب وهو الجهة المنوط بها إصدار التشريعات والقوانين". وأوضح، أنه كان يجب إصدار قانون ينظم التعامل مع الإرهابيين والابتعاد عن التصنيف حاليًا لحين وجود مجلس نواب يمكنه تحديد الجماعات والكيانات الإرهابية على وجه الدقة. الجماعة الإسلامية: قانون "السيسي" يصف جموع المصريين ب«الإرهاب» وعلى الرغم من حصولها على حكم قضائي، بأحقيتها فى ممارسة العمل السياسى السلمي، إلا أن "الجماعة الإسلامية"، رأت فى قانون "الكيانات الإرهابية" أنه يصف جموع المصريين بالإرهاب دون أن يستثنى أحدًا، مؤكدة أن هناك نظرة إقصائية لدى النظام الحالى ورغبة منه فى تحويل الصراع السياسى إلى قضائي. وأكدت "الجماعة" أن القانون يمثل اعتداء صارخًا على الدستور وقواعده الراسخة، وهو ما يجعله عرضة للحكم بعدم دستوريته مع أول تطبيق له، إضافة إلى كونه متناقضًا مع المعايير الدولية؛ حيث يمكن تسميته بقانون تجريم الكيانات السلمية. وأضافت: القانون يفتح الباب واسعًا لقمع المعارضة وتجريم الأعمال السلمية التى كفلها الدستور كحق أصيل، مثل التظاهر السلمى أو الإضراب والاعتصام السلمى تحت ذريعة تعطيل الموصلات ومنع وعرقلة سيرها وعرقلة المرافق العامة. وقال الدكتور طارق الزمر، رئيس حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، إن "الشعب المصرى بموجب هذا القانون أصبح إرهابيًا، لأنه لم يستثن أحدًا من قاعدة الإرهاب"، مؤكدًا أن "من يقوم بإدارة شؤون البلاد لديه نظرة إقصائية ورغبة فى الانفراد بالحكم". جودة: المشاركة فى المؤتمر الاقتصادى لن تتجاوز 30% ويأتى قانون "الكيانات الإرهابية"، قبل أيام قليلة من انطلاق المؤتمر الاقتصادى العالمى بشرم الشيخ، والذى دُعيت له جميع دول العالم، الأمر الذى أثار تساؤلا: هل يؤثر هذا الإجراء على المؤتمر الاقتصادى بالسلب؟ وأجاب الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادي، فى تصريحات ل"المصريون"، قائلًا: بالتأكيد فإن قانون السيسى الخاص بالكيانات الإرهابية سيؤثر تأثيرًا سلبيًا على المؤتمر الاقتصادى وعلى المشروعات العملاقة المقرر تنفيذها. وأكد "جودة" أن المنطقة بكاملها تعانى من الإرهاب، واعتراف مصر بأن الإرهاب متوغل فى كل الأماكن بداخلها يُثير القلق فى نفوس المستثمرين الأجانب، الأمر الذى يؤدى إلى انخفاض نسبة المشاركة فى المؤتمر إلى 30%، وخصوصًا بعد قانون "الكيانات الإرهابية". ومن جانبه، قال محمد السيسي، عضو اللجنة القانونية لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، إن قانون الكيانات الإرهابية باطل وعديم المشروعية ويفتقد المعقولية، نظرًا لكونه يحاكم الأفراد على الأفكار والمعتقدات وليس الأفعال. ووصف "السيسي" القانون بغير ذى الأهمية، وأنه حلقة من سلسلة قوانين صدرت مؤخرا لا تمت بالعدالة بصلة، والتى كان آخرها بحسب كلامه عدم الأخذ بشهادة الشهود أمام القضاة. وأشار إلى أنه لم يسبق أن أصدر رئيس جمهورية سابق، قانونا يوصف الكيانات الإرهابية، ويحدد تعريفاتها ويحاكم أفرادا بسبب أفكارهم وليس أفعالهم. واتهم "السيسي" النظام الحالى بتفصيل قوانين لكل من يعارض النظام، سواء كان تابعا لجماعة الإخوان المسلمين وباقى القوى التى شاركت فى ثورة يناير أم لا.