بغض النظر عن فحوى ما قاله سيادة المشير في شهادته أمام المحكمة أمس، فيكفي المصريين فخرا انهم اثبتوا للدنيا كلها اننا شعب متحضر، «خلع» دكتاتورا جثم على صدر واحدة من اعرق حضارات العالم 30 عاما، ثلث قرن كامل إلا ثلاث سنوات وشوية، أذاقهم فيها صنوف التخلف، وانواع الجهل، وأشكال المرض، ودمغ بالفقر كل شبر من ارض الكنانة، الا الفئة الباغية.. الظالمة.. المتمصلحة.. الهابشة.. الماصة لدماء المصريين التي أثرت ثراءً متغولا.. فاحشا.. بغير حق ولا منطق سوى منطق الفساد والافساد، واستغلال النفوذ المجرم، وبدلا من إعدامهم «شكا بالدبابيس»، او بدهنهم عسلا وربطهم في ساحة منطقة عشوائية، وضعناهم في «بورتو طره»! واختتم الدكتاتور حياته السياسية برؤية ابناء شعبه يقتلون بأيدي زبانيته – على الاقل – دون أن يحرك ساكنا، ما لم يكن هو من أمر بقتلهم وهو ما ستكشفه المحاكمة. وبعد ذلك نقدمه هو وكل من ساعده في جرائمه السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. و«العسكرية» في حق مصر للقضاء الطبيعي، يحاكمهم محاكمات عادلة، بقوانين استنوها بأنفسهم على مدى 30 عاما من الحكم الفاسد، دون أن نحيلهم لمحاكمات ثورة أو نفعل بهم ما فعل الاخوة الرومانيون بسيئ الذكر نيكولاي تشاوشيسكو، الذي شهد اسرع محاكمة في القرن العشرين هو وزوجته، لينفذ فيه حكم الاعدام، رميا بالرصاص بعد تقييد يديه من الخلف هو وزوجته الشمطاء التي لم تتوقف عن الصراخ حتى اسكتهما رصاص «الشرطة العسكرية» أمام عدسات التلفزيون، «بذمتكم شفتم ثوار اطيب مننا»!! اقول لكل من يلوم على المصريين انهم يحاكمون مبارك وهو مريض ان يراجعوا ما فعله الرومانيون بتشاوشيسكو، اما نحن فليس عندنا «مباركشيسكو»، ولا «سوزانشيسكو» بل محاكمة محترمة عادلة، انا شخصيا اعتقد بأن حسني سيخرج منها دون ادانة جنائية، رغم ان المشير طنطاوي شخصيا قال في حفل تخريج دفعة ضباط الشرطة في 16 مايو الماضي ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة «رفض بغالبية اعضائه ان يفتح الجيش النار على المتظاهرين».. ولا تعليق.. .. ويكفي المصريين فخرا ان يستدعى المشير طنطاوي، رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة، والذي لديه سلطات رئيس الجمهورية، للشهادة امام المحكمة، فيمتثل ويحضر امام القاضي ليؤدي للقاضي التحية العسكرية حسب الاعراف ثم يقسم: «والله العظيم اقول الحق ولا شيء غير الحق... ويظل واقفا ملقيا شهادته»، في مشهد كنت اتمنى ان يتم تصويره ليرى العالم مدى تحضر الثورة، وعظمة مصر مهد الحضارة وصانعة التاريخ. وايضا بغض النظر عن كل ما سبق، أهمس لمن يتوقع ان يلف المشير حبل المشنقة حول رقبة «الطيار»، أو يطلق عليه رصاصة الرحمة، ان يخفض مستوى توقعاته، فالاغلب ان المشير لم يسمع مبارك وهو يأمر بقتل المتظاهرين صراحة، ولكن منطق الامور، وما شاهدناه بأعيننا يقول ان مبارك إن لم يكن أمر، فهو لم يمنع أو يوقف قتل ابناء شعبه على ايدي زبانيته، وطالما ارتضينا جميعا ان نواصل تحضرنا – الذي للاسف اضر وسيضر بالثورة كثيرا – فيجب ان نتحمل نتائج هذا «التحضر»، ونسمع بآذاننا هتافات جماعة «إحنا قابضين يا ريس» المؤيدة للمخلوع، ونتسامح مع من يهاجم الثورة لتعاملها ب«قسوة» مع المخلوع.. العيّان.. الغلبان.. المنسدح على سريره استدرارا لعطف رحماء القلوب.. ولهم أدعو الله: «اللهم احشرهم مع مبارك وجمال وعز وسرور والعادلي.. يوم تسودّ وجوه وتبيضّ وجوه.. يا جبار.. يا قهار.. يا خافض.. يا رافع.. يا معز.. يا مذل.. يا قادر على كل شيء». حسام فتحي [email protected] twitter@hossamfathy66 شاور على قلبها قبل الكلام ما يدور فتحت كتاب ربها لقت الشهيد مذكور طلعت عنان السما متعطره بالنور يا شاهدين ع الدما ما تعولوش ع الزور الزور شهادة عمى لو استمر دهور لابد للمظلمه ع الغدر تاني تثور وساعتها في المحكمه كل الزيوف هتغور مختار عيسى (يوميات يناير)