فى مقالة أمس تحدثت عن احتضار الثورة وكنت أريد أن أدق ناقوس الخطر فوق رؤوس الجميع الذين اعتبرتهم مشاركين جميعاً فيما آلت إليه الثورة بدرجات متفاوتة ولم أستثن أحدا من المسؤولية وآثرت أن أبدأ بالتيار الإسلامى الذى أنتمى إليه حتى نكون صادقين مع أنفسنا لأن نقطة البداية فى خطة الإنقاذ العاجلة لثورتنا المصارحة التامة مع النفس والاعتراف بالخطأ بدلا من تضييع الوقت فى التبرير وخلق نموذج معادى نحمله كل خطايانا . نعم أخطأنا فى إدارتنا للمرحلة الانتقالية والخطأ تستوى فيه كل القوى السياسية بنسب متفاوتة وفى تفرد كل فصيل بنوعية الخطأ الذى يخصه ، أخطأنا عندما مارسنا السياسية بمنطق الهواة اعتماداً على الوعود والأمانى وتطلعاً إلى سلطة حرمنا منها جميعاً . كل التيارات السياسية كانت جائعة " سياسياً " لذا سال لعابها عندما ظهر الطعام فى الأفق أمام أعينهم فانشغلوا بسد " الجوعة " بدلاً من انشغالهم بتنظيف الطريق وتأمينه وضمان سلامتهم . أخطأنا عندما مارسنا الإقصاء دون أن ندرى نظراً لتسلل عدوى " الإقصاء " إلى نفوسنا من النظام السابق فهناك من مارس الإقصاء بصورة فجة مستفزة ، وهناك من مارسه من طرف خفى مع تعمد ملأ الأفاق بالحديث عن التعددية وقبول الآخر .. أخطأنا الخطأ الأكبر عندما انقسمنا فتشتت جهودنا وسهل اصطيادنا وانقسم البلد إلى فسطاطين أحدهما " مدنى " والآخر " إسلامى " كما قيل وأشيع رغم أن قوتنا الحقيقية كانت فى توحدنا وتوحد كلمتنا وهو الدرس الذى علمنا إياه ميدان التحرير ولم نحفظه ولم نستوعبه . لابد من المصارحة بكل الأخطاء فى هذه اللحظة المفصلية حتى نتمكن من الاستدراك ومعالجة ما فات فاجتماع مرشحى الرئاسة على سبيل المثال استطاع أن يرسل رسائل هامة إلى المجلس العسكرى والحكومة رغم أنه تم بلا ضجيج ولكن رسائله الرمزية كانت لا تخفى على أحد . لذا فالأمل مازال قائماً إذا استدركت القوى السياسية ما فات واجتمعت كلمتها فى مطالب محددة واضحة فلا مكان الآن للترف السياسى من عينة المبادىء الدستورية الحاكمة ، ومبادىء اختيار لجنة وضع الدستور ... إلخ ولكن المطلب الأسمى الذى لابد وأن نتحد علينا جميعاً هو تنفيذ خطة الانتقال السلمى للسلطة التى حددها الإعلان الدستورى فى أقرب وقت دون تلكؤ أو تسويف وساعتها يجوز لنا أن نمسك فى خناق بعضنا البعض سياسياً ... ولكن التسويف قد يؤدى إلى الحديث عن رحيل ثورة 25 يناير بدلاً من التجهيز للاحتفال بالذكرى الأولى لها بعد أشهر معدودة . [email protected]