رجح محمود عيسى، وزير الصناعة والتجارة الخارجية، فى تصريحات خاصة ل«الشروق»، قيام مجلس الوزراء، فى حالة موافقة النائب العام ووزير العدل، بتأجيل تحصيل قيمة رخص الحديد من الشركات المحكوم عليها بدفعها لما بعد حكم محكمة النقض التى ستتقدم إليها الشركات. ويشترط عيسى وجود تعهدات فعلية ومكتوبة من قبل الشركات بذلك حتى يكون لدى الحكومة ضمان فى تحصيل حقوقها فى حالة تأييد النقض للقرار، مشيرا إلى أن الدولة بأكملها تعمل على حل هذه القضية «الحساسة» بأسرع وقت ممكن. وكانت محكمة الجنايات قد أصدرت الأسبوع الماضى حكما قضائيا برد قيمة الرخص الأربع، التى حصلت عليها شركات حديد مجانا فى 2008، وتغريم كل من وزير الصناعة والتجارة السابق، رشيد محمد رشيد، 1.4 مليار جنيه، وكل من رئيس هيئة التنمية الصناعية السابق، عمرو عسل، ورئيس مجلس إدارة مجموعة عز السابق، أحمد عز 650 مليون جنيه. ويقول عيسى: «الحكم القضائى واجب النفاذ، ولكن الدولة يهمها أن تستمر هذه الشركات فى السوق المصرية، ومن ثم نحن نتفاوض مع الشركات من أجل بحث الوسيلة المثلى للسداد لكل منهما». ومن المقرر، وفقا لحكم القضاء، أن تقوم شركة حديد عز بتسديد 660 مليون جنيه، والسويس للصلب 385 مليون جنيه، وطيبة 38 مليون جنيه، وبشاى 385 مليون جنيه، كل منهم وفقا للطاقة الإنتاجية الخاصة به. ويجرى التفاوض حاليا مع كل شركة على حدة، وفقا لعيسى، من أجل التوصل معها إلى صيغة لسداد المبلغ تتفق مع أوضاعها المالية، وتعاملاتها مع البنوك، من التسديد خلال خطاب الضمان أو تسديد فورى مقابل تخفيض ما، أو شيك، نافيا الوصول إلى نفق مظلم مع الشركات فى ملف التفاوض. ويؤكد عيسى أنه جارٍ التفاوض مع البنوك حاليا من أجل التيسير على هذه الشركات. تجدر الإشارة إلى أن القيمة الإجمالية للقروض المقدمة لهذه المصانع تتجاوز 6 مليارات جنيه. وعلمت «الشروق» أن الشركات الأربع المعنية بالحكم القضائى تجرى حاليا اجتماعات مكثفة على أعلى مستوى، كل منها مع فريقها القانونى الخاص بها، وذلك لبحث وضعها القانونى وإمكانيات النقض الخاص بها. ويقول محمد حنفى، رئيس غرفة الصناعات المعدنية، إن الشركات لا تزال تنتظر حتى الآن حيثيات الحكم والامر التنفيذى، فالحكم حتى الآن منطوق فقط، ولا يوجد أى تفسير مؤكد له. ويؤكد حنفى، أنه فى اجتماع الغرفة، أبدت الشركات الأربع اتفاقا، من حيث المبدأ، على دفع قيمة الرخصة، ولكن فى حالة تأييد النقض للحكم، ف«الشركات على قناعة أن النقض سيكون منصفا لها». ويرجح خبير قانونى، رفض ذكر اسمه، أيضا ذلك الرأى، مشيرا إلى عدد من الثغرات القانونية، التى من الممكن أن تستغلها الشركات، وأهمها أن الشركات الثلاث لم تكن طرفا فى القضية، خاصة بعد رفض القاضى انضمامها إليها. و«بعد ذلك حصلت على حكم، وهذا ليس قانونيا لأنها وفقا للقانون لن يكون لها الحق فى النقض». ومن الثغرات الأخرى المهمة، وفقا لهذا الخبير، هو «اختلاط السياسة بالأعمال»، بحسب قوله، ف«لماذا تتم محاسبة الشركات، وأفراد بعينها فى جهاز الدولة، بينما لا تتم محاسبة كل جهاز الدولة، الذى ساعد فى قيام هذه الشركات؟ ألم تحصل الدولة جمارك على صادرات شركة عز على سبيل المثال؟ وألم تعط هيئة الاستثمار والمحليات ووزارة الكهرباء وغيرها من أجهزة الدولة التراخيص الخاصة بتشغيل هذه المصانع؟. الأمر لا يتعلف بفرد فقط أو بمستثمر واحد.كيف لا تتم محاسبة كل هذه المنظومة بينما يتم محاسبة الشركات بأثر رجعى؟ وينتقد مصدر مسئول فى أحد الشركات الأربع، رفض ذكر اسمه، ما تقوم به الحكومة حاليا من محاسبة الشركات بأثر رجعيى، ف«العقد شريعة المتعاقدين، ولذلك فلا يصح محاسبتنا بعد 5 سنوات من العمل المتواصل وتوفيق الأوضاع، وبناء المصنع واستيراد الآلات. ألم يحدث ذلك على مرئى ومسمع من جميع أفراد الحكومة؟»، بحسب قوله مشيرا إلى أن الحكومة قامت بحساب قيمة الرخص وفقا لأسعار 2010، بينما الشركات حصلت عليها فى 2008. ويضيف المصدر «إذا تمت مراعاة الشق الاقتصاى فقط دون السياسى سيتم إلغاء هذا الحكم».