بات تعقب التنظيمات الإرهابية مهنة رائجة في الولاياتالمتحدة تدر دخلاً كبيرًا على القائمين بها، لاسيما مع تطور الأمر إلى تأسيس كيانات وشركات عملاقة متخصصة في جمع المعلومات الأمنية والاستخباراتية، وتحليل تسريبات وتسجيلات الجماعات المتشددة التي يتم بثها على شبكة الإنترنت. وتقبل السوق الأمريكية بنهم على هذه المعلومات منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، وسط منافسة شرسة على رصد ونشر تقارير ومعلومات تميط اللثام عن كواليس الجماعات والحركات المسلحة حول العالم. أبرز تلك الكيانات، موقع سايت للرصد، وهو مؤسسة أمريكية متخصصة في رصد المواقع الإسلامية لاسيما المواد الإعلامية التي ينشرها تنظيم القاعدة. في عام 2002 أسست ريتا كاتز وجوش دفون وآخرون معهد البحث في شئون كيانات الإرهاب الدّولي (معهد سايت SITE institute)، وهو مؤسسة هدفها البحث المستمر عن أي إنتاج جهادي وترجمته وبيعه لمشتركين من وكالات استخباراتية ووسائل إعلام وشخصيات أمنية أخرى. ويتيح "سايت" للمشتركين الحصول على خدمات استخباراتية، ومعلومات مبكّرة حول النّشاط الإرهابي للمساعدة في اقتفاء التهديدات الإرهابية، وترجمات فورية للدّعاية الإرهابية، موسوعات التدريب والبيانات، لوائح الاتّهام، أوامر التّفتيش، ومستندات المحكمة، إتاحة فورية للإصدارات الإعلامية ذات الصّلة بالإرهاب المنشورة على الإنترنت. كما يوفر المركز لرواده ترجمات كاملة وتفريغات كتابية لرسائل قياديي الإرهابيين، والعناوين الرئيسية حول الإرهاب خلال الأسبوع، والاتّجاهات المتنامية في الإستراتيجية الإرهابية، التكتيكات، الاستهداف والدّعاية. نشاط "سايت" يزداد زخمًا ويحظى بإقبال كبير، بعد أن أشعلت تسجيلات تنظيم القاعدة على شبكة الإنترنت حربًا إلكترونية غير مسبوقة بين الذراع الإعلامية للتنظيم "مؤسسة السحاب"، وبين مجموعات محلية أمريكية تعمل في مجال تقنيات الإنترنت. ونجح بعض الأفراد والمؤسسات الصغيرة في اصطياد رسائل القاعدة الأخيرة من الشبكة وبثها قبل يوم كامل من قيام التنظيم بذلك، محققين سبقًا إعلاميًا تفوقوا به حتى على الوكالات الأمنية الأمريكية، وذلك باستخدام توليفة مبتكرة من الخدع والأساليب التقنية. موقع SITE يحظى بقائمة طويلة من الزبائن، بداية من الصحف والمجلات الأمريكية، ومرورًا بأجهزة أمنية في عدة دول، وكذلك بعض أقارب ضحايا هجمات 11 سبتمبر، وتزايد الطلب على خدمات المركز مع ازدياد عدد مواقع الحركات الإرهابية، وحصل SITE على رسالة شكر من روبرت أس مولر رئيس الشرطة الفيدرالية الأمريكية. "ريتا" والعاملون معها يتخفون في شبكة الإنترنت تحت أسماء مستعارة وكأنهم ينتسبون إلي جماعة متطرفة، وتزود حكومات دول بمعلومات عن نشاطات طالبان في أفغانستان وعن الوضع في العراق وسوريا وغيرها من البؤر الساخنة فى العالم. وينافس "سايت" في نفس المضمار "إنتل سنتر" و"إنتل جروب"، و"ستراتفور"، و"فينيكس"، وأغلبها شركات وكيانات أمريكية تقدم خدمات استخباراتية لمجموعة واسعة من العملاء رفيعي المستوى سواء حكومات دول أو أجهزة استخباراتية وشركات قرصنة.