بدأت اللجنة العليا للانتخابات، فى تلقى طلبات المرشحين لخوض العملية الانتخابية ابتداء من اليوم ولمدة عشرة أيام كاملة، ولأول مرة فى تاريخ الانتخابات البرلمانية سيتم خضوع المرشحين لانتخابات مجلس النواب المقبل للكشف الطبى طبقًا لحكم محكمة القضاء الإدارى التى قضت فى 20 يناير الماضى بإخضاع جميع المرشحين للبرلمان القادم لكشف طبى ونفسى وإلزام اللجنة العليا للانتخابات بذلك، وقد سادت حالة من الغموض والجدل حول ذلك القرار المفاجئ الذى اعتبره بعض السياسيين أنه قد ينسف بالعملية الانتخابية من الأساس وقد يجعلها تقع فى طائلة الطعن الدستورى وحل البرلمان المقبل . وبموجب حكم أصدره القضاء الإداري، قررت الجنة العليا للانتخابات توقيع الكشف الطبي على جميع المرشحين لمجلس الشعب لعام 2015، وحددت اللجنة قائمة بالأمراض التي تمنع من الترشح لهذا المنصب، وهي في مجملها تتعلق بالقدرة الذهنية والعقلية للمرشح، بحسب ما ذكر التلفزيون المصري على موقعه الرسمي الأربعاء. وحددت وزارة الصحة من جهتها 40 مستشفى في كافة أنحاء محافظات مصر، مخولة بإجراء الكشف الطبي على المرشحين، مقابل 4200جنيه، وتشمل هذه الفحوصات، أشعة للصدر، وتخطيطا للقلب، وموجات صوتية للبطن، وصورة دم كاملة، ووظائف الكبد والكلى، وتحاليل المهيموغلوبين والسكر والدهون، والكشف على المخدرات والمسكرات، وشملت قائمة الأمراض التي تمنع من الترشح عشرة أنواع وهي:
1- الأمراض العضوية التي تصيب المخ، وتؤثر على القدرة على التركيز، والذاكرة على سبيل المثال أورام المخ بأنواعها جلطات المخ ضمور خلايا المخ نزيف المخ تصلب شرايين المخ 2- الأمراض النفسية والذهانية على سبيل المثال انفصام بأنواعه الاكتئاب المتقدم الصرع ومسبباته ثنائي القطبية الزهايمر 3- أمراض الكلى الوراثية التي يصاحبها ضعف بالابصار، أو اضطراب الوعي والتركيز 4- أمراض الذئبة الحمراء، والالتهابات المناعية والتي قد تؤدي إلى مضاعفات في الجهاز العصبي والمخ 5- مرض ما بعد زراعة الكلى في حالة حدوث مضاعفات تؤثر على درجة الوعي أو النشاط الذهني والتركيز 6- أمراض الكلى المزمنة (الفشل الكلوي) التي قد تؤثر على الوعي والتركيز أو النشاط الذهني ومرضى الغسيل الدموي 7- مرض الضغط أو البول السكري مع قصور كلوي يؤثر على الوعي والتكيز والنشاط الذهني، ومرض الغدة الدرقية وأورامها التي قد تؤدي إلى عدم القدرة على اتخاذ القرار المناسب. 8- مرض زيادة إفرازات هرمونات الغدة النخامية والكظرية التي تسبب عدم التركيز 9- مرض أورام الكبد والكلى المؤثرة. وقال محللون وسياسيون، إن تطبيق الكشف الطبى لأول مرة على مرشحى البرلمان المقبل يمهد لوضع عدة ضوابط تمكن النظام الحالى من السيطرة على مقاليد المجلس التشريعى لا سيما بعد فشل النظام فى تكوين ظهير سياسى فى البرلمان، ليضمن عدم زعزعة حكمه، موضحين أن تطبيق الكشف الطبى على المرشحين بصورة شفافة هو أمر صعب الحدوث وأن هذا القرار يمهد للتحكم فى السماح للمرشحين الموالين للنظام من دخول البرلمان وتكوين جبهة قوية، خاصة وأن تطبيق القرار يحمل علامات استفهام كثيرة وعدم توافق المعايير مع المنطق، خاصة أن اللجنة العليا للانتخابات لم تحدد الأمراض التى يمنع على أساسها الترشح, بالإضافة إلى عدم توفير وتسهيل عملية إجراء الكشف بجانب إخفاء التقارير الطبية وترك حق القرار للجنة العليا رغم أن اللجان الطبية هى المنوطه بتحديد معوقات العمل الطبيعى للفرد . وقال محمد سامى رئيس حزب الكرامة، إن عدم إعلان اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية، عن توصيف الأمراض التى على أساسها سيتم منع المرشح من خوض الانتخابات، يثير الكثير من الشكوك حول نزاهة العملية الانتخابية، خاصة وأن اللجنة العليا تحتفظ لنفسها بحق المنع دون ضوابط واضحة وهو ما قد يدل على وجود أياد خفية سوف تسعى إلى التلاعب بالعملية الانتخابية والسماح لدخول الموالين للنظام الحالى واستبعاد غير المرغوب فيهم بأسباب تبدو للجميع منطقية إلا أنها ليست صحيحة. وأشار سامى، إلى أن الأمراض التى يجب أن يمنع أصحابها من الترشح لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة من الممكن أن تكون أمراض مستعصية مثل السرطان والسل وغيرهما من الأمراض الخطيرة، ولفت إلى أن عامل "السبوبة" هو من أسباب شروط الكشف الطبى لأن عدد المرشحين المتوقع يقدر بالآلاف ورسوم الكشف الطبى تصل إلى 9 آلاف جنيه للمرشح مما يعنى استقبال خزينة الدولة لأموال طائلة, هذا بالإضافة إلى تسهيل الترشح لذوى الأموال فقط، مما يعنى عدم دخول نسبة كبيرة من الشباب إلى البرلمان القادم، مشيرًا إلى أن التطبيق سوف يظهر سلبيات كثيرة تؤكد عدم جدوى هذا القرار. فقصر إجراء الكشف الطبى على اثنين من مستشفيات القاهرة فقط، يؤكد وجود نية لمنع عدد كبير من المرشحين فى البرلمان المقبل نتيجة لاستحالة استقبال عدد كبير من المرشحين المتوقع وصول عددهم إلى أكثر من 10 آلاف مرشح، لا سيما وأن الفترة المحددة لا تتجاوز 7 أيام ومن المتوقع أن يتوافد المرشحون من جميع المحافظات التى ستتوافق مرحلتها فى إجراء الانتخابات المقرر عقدها على مدار يومين مما يشير الى وجود تكدس عند إجراء الكشف الطبى الذى لن يكون على قدر كبير من الدقة . فيما رأى الدكتور محمد سليمان لاشين عضو الهيئة العليا لحزب المؤتمر، أن هناك حالة من التخبط الشديد بين وزارة الصحة والمجالس المتخصصة التى ستقوم بإجراء الكشف الطبى, ففى الوقت الذى أعلنت فيه وزارة الصحة عن بدء تلقى المرشحين لإجراء الكشف فى اثنين من مستشفيات القاهرة, لم تحدد المجالس الطبية الكشف الطبى إلا للمعاقين فقط, ولم يتم الإعلان عن إجراء الكشف الطبى على باقى المرشحين, مضيفًا أن اللجنة العليا للانتخابات أعلنت عن موعد تلقى طلبات المرشحين 8 فبراير مما يدل على وجوب إجراء الكشف الطبى قبل هذه المدة حتى يتم التقدم بالأوراق كاملة, وهذا التخبط يدل على وجود اهتزاز فى إصدار القرارات ومحاولة لعرقلة ترشح الأعضاء المنتظرين لصالح جهات معينة فى الدولة خاصة وأن هناك عددًا كبيرًا يستعد لخوض الانتخابات البرلمانية. كما أن وزارة الصحة حددت مستشفى "هرمل" بدار السلام ومستشفى "الشيخ زايد" بمنطقة الدويقة، بداية من الأسبوع القادم وهو ما سيؤدى إلى تكدس أكثر من 30 ألف مرشح سيأتون من مختلف المحافظات وذلك خلال أسبوع فقط، مما يشير إلى احتمال عدم تمكن الكثير منهم من إجراء الكشف الطبى أو أن يتم على عجل دون تحرى الدقة اللازمة وهذا قد يمنع الكثيرين من خوض الانتخابات كما أنه يفتقد أدق معانى الديمقراطية . فاللجان الطبية فى وزارة العدل، غير مؤهلة للكشف على شريحة من السياسيين والمرشحين وربما تلعب الأهواء الشخصية والسياسية دورًا فى استبعاد الكثير من المرشحين، وأيضا قد يلجأ المرشحون المستبعدون إلى الحصول على شهادات طبية تثبت صحتهم البدنية والذهنية مما قد يهدد إجراءات الانتخابات بالفشل. فاللجان الطبية المختصة بالكشف على ذوى الاحتياجات الخاصة متفاوتة التشخيص ولا يمكنها تحديد نسبة الإعاقة بشكل واضح. وقال لاشين، إن الرسوم المقررة لإجراء الكشف الطبى تبلغ 9 آلاف جنيه وهى أكبر من رسوم الترشح المقدرة بنحو 3 آلاف جنيه مما تصعب المسئولية على الشباب فى دخول البرلمان المقبل. فوزارة الصحة، أوكلت الفصل فى استبعاد المرشح بسبب التقرير الطبى إلى اللجنة العليا للانتخابات رغم أنها المنوطة بذلك وهذا يعد مخالفة دستورية قد تؤدى إلى الطعن على صحة البرلمان المقبل. من جانبه أكد مجدى حمدان عضو الهيئة العليا لحزب المصريين الأحرار، أن النظام الحالى يسعى لعرقلة دخول عدد كبير من المرشحين للبرلمان القادم إلا إذا كانت تتوافق مع متطلباته والدليل على ذلك هو وضع عدة عراقيل أمام الترشح, مشيرًا إلى أن هذه العراقيل تتضمن النص على سرية إرسال التقارير الطبية إلى اللجنة العليا وهو ما يثير الشكوك فى إمكانية التلاعب بهذه التقارير أو تبديلها لصالح جهات معينة لقبول من تراه مناسبًا لها وتستبعد آخرين, مما يهدد بوجود برلمان خال من المعارضة، مضيفًا أنه لا يوجد معيار شفاف فى عملية التقارير الطبية التى قد يتم التلاعب فيها، وإضافة أو إزالة مرض معين خاصة وأن اللجنة العليا لم تحدد الأمراض التى تمنع من دخول البرلمان وتركتها مفتوحة حتى يمكن تحصيل عدد كبير من المبالغ الماليه قد تصل إلى مليار جنيه، لا سيما وأن تحديد المرض قد يكون على أساس رغبتها فى قبول ترشح هذا العضو من عدمه . فكان من الواجب تحديد الأمراض التى تمنع مباشرة الحقوق السياسية، والتى يمكن أن تنحصر فى الإرادة الذهنية وتعاطى المخدرات لكن هذا لم يحدث. وقال علاء عبد العظيم أمين عام حزب الجمهورى الحر، إن قرار توقيع الكشف الطبى على المرشحين للبرلمان المقبل من المحتمل أن يكون بوابة خلفية لمنع جميع المعارضين للنظام الحالى خاصة وأن من قام برفع القضية التى أقرت هذا الفعل هم نواب الوطني. فمن المنتظر أن يتم إلغاء هذا القرار وعدم إقراره لأن فئات المرشحين للبرلمان غالبيتهم ستكون من كبار السن ومعظمهم يعانون من أمراض كثيرة، خاصة وأن الشعب المصرى يعنى من فيرس سى بنسبة تصل إلى 20 مليون مواطن مما يهدد عدم وجود الكثير فى البرلمان المقبل، مؤكدًا أنه إذا تم تطبيق هذا القرار فلن تجد اللجنة العليا مرشحين لدخول البرلمان. فاللجنة العليا للانتخابات حددت 9 آلاف جنيه رسومًا للكشف الطبى وهم يعلمون جيدًا أن الكثير من الشباب لا يمتلك هذا المبلغ، خاصة وأن شباب مصر يعانون من البطالة ومن يمتلك هذا المبلغ سيكون مدعومًا من جهة معينة لها مصالح شخصية قد تستغل الشباب لتحقيق أغراضها. فالنظام دائمًا وأبدًا يقوم باستغلال الشباب كواجهة اجتماعية لتحقيق أطماعه الخفية دون أن يكون للشاب أى دور حقيقى فى المشهد السياسي، ومن المنتظر أن يتم الطعن على عدم دستورية هذه القرارات التى أصدرتها اللجنة العليا أو القضاء الإدارى مما ينذر بحل البرلمان المقبل . وتوقع عبد العظيم، أن تحدث فرقة سياسية وحروب جانبية فى حالة قيام اللجنة باستبعاد عدد من السياسيين البارزين إذا أظهرت معاناتهم من أمراض تمنع ترشحهم مما يضاعف من تعقيد الأمور.