بعد عزل الرئيس الأسبق، محمد مرسي، يوم 3 يوليو/تموز 2013، كان محمد ناجي شحاتة، أحد القضاة الذين كلفوا بنظر القضايا المتعلقة بجرائم الإرهاب وأحداث العنف، والتي غالبا ما يتهم فيها منتمون لجماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها مرسي، ونشطاء سياسيون معارضون، وذلك بعد أن قررت محكمة استئناف القاهرة، في ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه، تخصيص 6 دوائر متفرغة لنظر مثل هذه القضايا. وقضت الدائرة التي يرأسها شحاتة، أمس، بالسجن المؤبد (25 عاما) على الناشط السياسي، أحمد دومة، و129 آخرين (كلهم ليسوا من الإخوان)، مع تغريمهم جميعا مبلغ 17 مليون جنيه (2.2 مليون دولار أمريكي). وحكم أمس هو الرابع الذي يصدر عن دائرة القاضي محمد ناجي شحاتة ويحظى باهتمام الرأي العام في مصر. وعلق شحاتة على تلك الأحكام بقوله، ضمن حوار نشرته صحيفة مصرية خاصة اليوم الخميس، إن "البلد يحتاج إلى أحكام رادعة حتى يستقر". وترصد وكالة الأناضول أبرز هذه الأحكام، وكلها أحكام أولية: 1- في 23 يونيو الماضي، أصدر شحاتة حكمه في القضية المعروفة إعلاميا ب"خلية الماريوت"، والمتهم فيها ثلاثة صحفيين تابعين لقناة "الجزيرة" القطرية، وآخرين. وتراوحت الأحكام بين السجن سبع سنوات لكن من صهيب سعد، وخالد عبد الرحمن، وخالد محمد، وشادي عبد الحميد، وبيتر غريستي (أسترالي تم ترحيله لاحقا إلى بلاده)، ومحمد فهمي (يحمل الجنسيت المصرية والكندية)، و10 سنوات لباهر محمد (صحفي)، وبمعاقبة 11 متهماً هارباً بالسجن المشدد 10 سنوات، مع براءة كل من أحمد عبد الحميد عبد العظيم، وأنس نجل القيادي الإخواني محمد البلتاجي من التهم نفسها. وأدانت المحكمة المتهمين ب"بث أخبار كاذبة والانضمام لجماعة أُسست على خلاف القانون (إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين)، وإمدادها بمعونات مادية ومعنوية وحيازة أجهزة بث وتصوير دون تصريح من الجهات المختصة". وهو ما نفى المتهمون صحته. 2- في 30 أغسطس الماضي، قضى شحاتة بالسجن المؤبد على المرشد العام لجماعة الإخوان، محمد بديع، والقيادي الإخواني، محمد البلتاجي، والداعية المحسوب على الجماعة، صفوت حجازي، بالإضافة إلى 5 قياديين آخرين بالجماعة، في اتهامهم ضمن القضية المعروفة إعلامياً ب"أحداث الاستقامة". فيما قضت المحكمة نفسها بمعاقبة 6 متهمين هاربين بالإعدام شنقا. وكان شحاتة قد أحال قبل إصدار حكمه عددا من المتهمين في هذه القضية، يوم 16 يونيو/ حزيران الماضي، إلى المفتي لإبداء رأيه الشرعي في إعدامهم. لكن المفتي رفض إعدامهم، وجاء في تقرير دار الإفتاء أنه بمطالعة أوراق القضية "وجد أنها قد خلت من دليل إلا أقوال ضابط الأمن الوطني (جهاز استخبارات داخلي) التي لم تؤيد بدليل آخر سوى ترديد البعض لأقوال مرسلة بأن من يطلق النار هم جماعة من أنصار الإخوان المسلمين، وهو ما لا يمكن الاعتماد عليه في إنزال عقوبة الإعدام على المتهمين"، بحسب مصادر قضائية. 3- أصدر القاضي ناجي شحاتة، في 2 فبراير/شباط الجاري، حكما بالإعدام بحق 183 متهما، ومعاقبة حدث بالحبس 10 سنوات، وبراءة اثنين، وانقضاء الدعوى لاثنين آخرين لوفاتهما في القضية المعروفة إعلاميا ب"مجزرة كرداسة"، وهي مدينة بمحافظة الجيزة المجاورة للعاصمة القاهرة. وشمل قرار الإحالة الصادر من النيابة بحق المتهمين، تهمة الاشتراك في "مذبحة اقتحام مركز شرطة كرداسة، التي راح ضحيتها 11 شرطيا من قوة القسم والتمثيل بجثثهم، بالإضافة إلى الشروع في قتل 10 أفراد من قوة مركز الشرطة، وحرق عدد من السيارات والمدرعات التابعة له وحيازة أسلحة نارية ثقيلة". 4- حكم القاضي شحاتة أمس بالسجن المؤبد على 230 شخصا، بينهم الناشط السياسي أحمد دومة (25 عاما)، إضافة إلى الحكم على 39 حدثا (أقل من 18 عاما) بالسجن عشر سنوات لكل منهم، في القضية المعروفة إعلاميا ب"أحداث مجلس الوزراء"، بحسب مصدر قضائي. كما قرر القاضي تغريم المتهمين ال230 جميعا ب17 مليون جنيه مصري (نحو 2.2 مليون دولار أمريكي)، هي قيمة التلفيات التي تعرض لها المجمع العلمي ومجلس الشورى ومجلس الوزراء وسط القاهرة. ولا ينتمي أيا من هؤلاء المدانون ال269 لجماعة الإخوان المسلمين. وجرت وقائع هذه القضية في محيط مجلس الوزراء، في ديسمبر/ كانون الأول 2011، حيث شهدت أعمال عنف، على خلفية توقيف قوات الأمن المكلفة بتأمين المجلس شابًا من المعتصمين أمام المجلس آنذاك؛ احتجاجًا على تعيين كمال الجنزوري (أحد رؤساء الوزراء في عهد الرئيس الأسبق، محمد حسني مبارك)، رئيسا للوزراء، والاعتداء على الشاب بالضرب قبل أن تطلق سراحه، لتندلع بعدها اشتباكات بين المعتصمين وقوات الأمن. ولا تزل هناك قضية مهمة منظورة أمام شحاتة، وهي المعروفة باسم "غرفة عمليات رابعة"، والمتهم فيها مرشد الإخوان وقيادات بالجماعة، وقد رفض شحاته التخلي عن نظرها، رغم اتخاذ محامي المتهمين إجراءات برد هيئة المحكمة، وهو الأمر الذي كان يستوجب وقف نظر القضية لحين الفصل في طلب الرد، بحسب القانون المصري. وبناء على هذه القضايا، يقول مصريون إن أحكام القاضي شحاتة تدين بأقصى عقوبة. وهو ما رد عليه شحاتة في حوار مع صحيفة "الوطن" المصرية الخاصة، نشرته اليوم الخميس، بأن "البلد يحتاج إلى أحكام رادعة حتى يستقر، وكل مخطئ لا بد أن يجد العقاب المناسب ولو وجدت لأى متهم خيطاً واحداً لحكمت بالبراءة". وبشأن الانتقادات التي يواجهها منذ قوله في حوار سابق مع الصحيفة نفسها إنه من مؤيدي الرئيس عبد الفتاح، تساءل مستنكرا: "ووهما مالهم ومال السيسى (ما شأنهم بالسيسي ؟!)، أنا قلت إنى كمواطن أميل للسيسى". ويعتبر أنصار السيسي الإطاحة بالرئيس الأسبق، محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، يوم 3 يوليو/ تموز 2013، "ثورة شعبية" استجاب إليها وزير الدفاع آنذاك، رئيس البلاد الآن، عبد الفتاح السيسي، بينما يراها مؤيدو مرسي "انقلابا عسكريا".