غادر السفير الإسرائيلي لدى مصر يتسحاق لفانون، ومعه كبار موظفي السفارة القاهرة في وقت مبكر صباح السبت عائدين إلى إسرائيل السبت بعد ساعات من اقتحام متظاهرين مصريين غاضبين العقار الذي يوجد به مقر السفارة، إثر قيامهم بهدم الجدار العازل الذي شيدته مصر في أعقاب التظاهرات التي اندلعت قبل أسبوعين عقب استشهاد خمسة جنود مصريين على الحدود. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر مسئولة بمطار القاهرة إن السفير و71 إسرائيليا من طاقم السفارة وأسرهم وبعض رعايا إسرائيل لدي مصر غادروا علي طائرة عسكرية خاصة وصلت من تل أبيب. وأضافت إن السفير وأعضاء الجالية وصلوا مطار القاهرة قبل ساعتين من وصول الطائرة وسط إجراءات أمنية مشددة عقب محاولة اقتحام مقر السفارة "الإسرائيلية". وقالت المصادر، إن السفير انتظر في صالة كبار الزوار بصحبة أفراد أسرته وأعضاء السفارة بينما أنهى العشرات من أعضاء الجالية الإسرائيلية سفرهم من صالة السفر رقم 1 وسط تيسيرات وتواجد أمني من سلطات المطار التي أعلنت حالة الطوارئ لمنع أي احتكاكات بهم سواء أمام المطار أو في الصالات. وسحبت إسرائيل معظم العاملين بالسفارة وأبقت على أحد الدبلوماسيين لرعاية سفارتها بالقاهرة. ونقلت وكالة "رويترز" عن مسئول إسرائيلي، إن قنصل شئون الدولة ونائب سفير إسرائيل في مصر سيبقى في الوقت الذي تدرس فيه إسرائيل الرد على المظاهرات التي وقعت ليل الجمعة والتي تم خلالها اجتياح البرج الذي يضم السفارة. وكان محتجون تمكنوا من دخول شقة تابعة للسفارة الإسرائيلية في المبنى الذي يضم السفارة وألقوا بمئات الأوراق الخاصة بالسفارة من الشقة إلى الشارع. وجاء ذلك بعد أن حاول محتجون في وقت سابق اقتحام السفارة التي تشغل الطابقين الأخيرين من المبنى لكنهم لم يتمكنوا من ذلك. وأثار هجوم المتظاهرين المصريين على مبنى السفارة ردود فعل منددة في إسرائيل. ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السبت اقتحام السفارة بأنه حادث خطير، مطالبا باتخاذ موقف حازم بشأنه. واعتبر نتنياهو في تصريحات نقلتها الإذاعة الإسرائيلية، أنه "لا يجوز أن تمر مصر مر الكرام على هذا المساس الخطير بنسيج العلاقات السلمية مع إسرائيل والانتهاك السافر للأعراف الدولية"، لكنه أشار إلى أن السلطات المصرية اتخذت في نهاية الأمر الخطوات اللازمة لإنقاذ حراس السفارة مما يستحق الشكر والتقدير. وأضاف إن "الوضع كان يمكن أن يكون أسوأ من ذلك لوكان المقتحمون قد تمكنوا من فتح الباب الأخير والحقوا أذى بأعضاء سفارتنا". وقال نتنياهو إن الوضع كان مرشحًا لحدوث كارثة، معربًا عن سعادته لإنقاذ 6 من الحراس والعاملين بالسفارة كانوا محاصرين داخل المبنى، مشيدًا بما أسماه "رباطة جأشهم لحين إخراجهم من مقر السفارة. وتابع: "إنني سعيد لأننا تمكنا من منع وقوع كارثة وأود أن نشكر الرئيس الأمريكي باراك أوباما على مساعدته. أود أيضًا أن أهنئ كل مسئولى المخابرات الذين ساعدوا في عملية الإنقاذ على عملهم الممتاز". وقالت صحيفة "هاآرتس" إن الكوماندوز المصريين قاموا بعملية إنقاذ الإسرائيليين الستة المحاصرين داخل السفارة قبيل فجر السبت بينما كان المتظاهرون المصريون يقتحمون المبنى. وأوضحت أن هؤلاء تم نقلهم إلى تل أبيب جوا بعد فترة من إجلاء السفير يستحاق لفانون وحوالي 80 دبلوماسيًا وأفراد عائلاتهم وإسرائيليين آخرين كانوا موجودين بمصر. وأشارت إلى أن السفير ومن معه تم نقلهم على متن طائرة خاصة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي بعد وصولهم مطار القاهرة بينما لم يبق في مصر إلا نائب السفير فقط. ولفتت إلى أن عملية الإجلاء تمت في وقت أقامت فيه وزارة الخارجية الإسرائيلية غرفة طوارئ، قرر بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء ووزير الخارجية أفيجدور ليبرمان إجلاء الدبلوماسيين، بعد فقدان قوات الأمن المصرية سيطرتهما على التظاهرات واقتحام مبنى السفارة. وذكرت أن مناقشات دارت داخل أروقة وزارة الخارجية الإسرائيلية شهدت حالة من الجدل هل يتم إجلاء كل الدبلوماسيين أم يتم إبقاء مبعوث واحد يستمر في العمل بالقاهرة لكن كان هناك خوف من استحالة اعادة كل الدبلوماسيين للقاهرة مرة أخرى اذا ما تم إجلائهم بالكامل وعليه اتخذ القرار بإبقاء أحدهم مزودا ببعض الحراس. وأضافت إن "نتنياهو تحدث ثلاث مرات مع الإسرائيليين المحاصرين بالسفارة وأشاد بهم ووعدهم بعمل كل ما يلزم لإنقاذهم وإخراجهم بسلام". وقالت إن المتظاهرين صعدوا لطابق يشغله القسم القنصلي بالسفارة واقتحموا البوابات بواسطة قضبان حديدية ودخلوا للغرف ملقين بوثائق عثروا عليها داخل المكان من نوافذ المبنى بينما تحصن الحراس والعاملون الستة بالطابق العلوي الذي يتميز بتأمين أكبر وكانوا يخطرون ليبرمان ولفانون بما يستجد. وأكدت أن تقارير وصلت إسرائيل عن تصعيد في الأمر وتخوفات من نجاح المتظاهرين في اقتحام الطابق العلوي وإعدام الإسرائيليين الموجودين بداخله، وأن نتنياهو اتصل بالرئيس الأمريكي باراك أوباما وأبلغه بالوضع الخطير وطالبه بشكل عاجل بالاتصال بالسلطة المصرية للسيطرة على الوضع، بينما أجرى وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك محادثات مع نظيره الأمريكي ومستشار الرئيس الأمريكي دينيس روس. وقالت الصحيفة إن الأمريكيين تدخلوا بسرعة وأجرى وزير دفاعهم وسفيرتهم بالقاهرة ومسئولون آخرون محادثات عاجلة مع المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الأركان سامي عنان ورئيس المخابرات العامة مراد موافي طالبين منهم إرسال قوات لتفريق المتظاهرين. بدورها، اعتبرت الخارجية الإسرائيلية، الهجوم على السفارة يشكل "خرقا خطيرا للمواثيق الدبلوماسية ولحصانة السفارات الاجنبية في العالم"، لكنها عبرت على لسان يجآل بالمور الناطق باسمها عن شكرها لقوات الأمن المصرية التي قامت بإنقاذ الاسرائيليين الذين كانوا داخل السفارة. وأضاف في تصريحات للإذاعة العبرية أمس، إن السفارة تواصل نشاطها بطاقم مقلص برئاسة المفوض السياسي يسرائسيل تيكوشينسكي، وأشار إلى أن السفير الاسرائيلي سيعود للقاهرة دون أن يشير الى موعد عودته . من جهته، وصف محمد عاصم إبراهيم سفير مصر السابق بإسرائيل اقتحام المتظاهرين المصريين للسفارة الإسرائيلي بأنه غضب أحمق. ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عنه قوله، إن "أيادي خفية تورطت أيضًا بما حصل".