بات من الواضح أن جماعة الإخوان بصدد البحث عن "مدونة" وطنية في الداخل المصري، مستقاه من تجربة حزب العدالة التركي.. إذ بات الأخير وخبرته الأخيرة أحد أكثر النماذج التي تستخدم اليوم في نقد الإخوان سواء من التيارات المعادية لها أو من قبل النخبة المتعاطفة معها، من خلال أشهر الأسئلة المطروحه هذه الأيام وبقوة على القيادة السياسية للجماعة وهو: لماذا نجح الإسلاميون في تركيا وفشل الإخوان في مصر؟! والحال أن المبرر الذي يستند إلى خصوصية التجربة المصرية ومفارقتها للخبرة التركية، لتبرير عدم شرعية مثل هذا السؤال، يحتاج فعلا إلى مراجعة، لأن مصر وتركيا يكادا يتشبهان في كثير من القواسم المشتركة التي تقتضي أن يراجع الإسلاميون المصريون وعلى رأسهم الإخوان موقفهم من مسألة "الخصوصية" لأنها قد باتت سببا للتثاؤب الفكري والتنظيمي . في مصر قوى علمانية متباينة فمنها المتطرف والمعتدل والعلماني "الجزئي" أو "المؤمن" على حد تعبير الراحل عبد الوهاب المسيري، صحيح أنها لا تمثل تيارا اجتماعيا كبيرا يعادل الإخوان، ولكنها مؤثرة في القرار السياسي الرسمي .. وقلقة من أي مشروع سياسي يقدم نفسه ب"لافتة إسلامية" ولكنها في ذات الوقت قد تقبل التعاطي معه مجردا من فكرة "اللافتات" ولعل ذلك ما يعطي لحزب الوسط قبولا في الأوساط العلمانية رغم أنه ذات مرجعة إسلامية ومعروف أنه تيار منشق عن جماعة الإخوان المسلمين. التيار العلماني في مصر موجود ك"حقيقة" كما أن الإخوان موجودون كحقيقة سياسية هي الأكبر والأهم.. ولن يستطيع أحدهما من تحقيق انتصار نهائي وحاسم على الآخر.. وذلك يقترب بشكل كبير من تضاريس "الخريطة" السياسية الداخلية في تركيا، مع فارق بالغ الأهمية وهي أن العلمانية التركية شديدة التطرف بل وأكثر تطرفا من العلمانية اللائكية في فرنسا وتحظى بحماية مؤسسات تعليمية وقضائية وعسكرية تعتبر الحضانات الكبرى للمتطرفين العلمانيين ، وهو ما يجعل مهمة الإسلاميين المصريين أكثر يسرا حال خلصت النوايا للاستفادة من تجربة حزب العدالة التركي. [email protected]