جامعة بنها تطلق معسكرًا دائمًا بمطروح لتعزيز مهارات الطلاب -صور    رسمياً.. إطلاق تطبيق "البورصة المصرية EGX" غدا    الخارجية الأمريكية تعلن إيقاف تأشيرات الزوار لسكان غزة    موقف مرموش.. تشكيل مانشستر سيتي لمواجهة ولفرهامبتون في الدوري الإنجليزي    ب3 صور.. صلاح يستعرض احتفاله على طريقة جوتا من مباراة بورنموث    مصرع طالب إعدادي غرقا في نهر النيل بقنا    جاذبية وجمال.. تفوق 5 فتيات في مسابقة المواهب بفعاليات ملكة جمال مصر    وصلة هزار بين ياسمين عبدالعزيز وأحمد سعد.. والجمهور: بتضرب بجد    بأمر رئاسي.. الجزائر تسحب حافلات النقل المتهالكة بعد فاجعة وادي الحراش    أمريكا توقف تأشيرات الزيارة للأفراد القادمين من غزة    العلمين الجديدة.. جوهرة تاج المتوسط.. موقع سفر عالمى: المدينة تنافس أهم وجهات السياحة الأوروبية الرائدة فى اليونان وإيطاليا وإسبانيا.. وتؤكد: تطويرها جزء من استراتيجية مصر الشاملة لتنمية الساحل الشمالي الغربي    محافظ الغربية يترأس اجتماعًا موسعًا لمتابعة مشروعات "حياة كريمة" بزفتى    توماس فرانك: صفقات توتنام المقبلة سر    أرسنال يلتقى مان يونايتد فى مستهل مشوارهما بالبريميرليج    نوتينجهام يضم جيمس مكاتي من مانشستر سيتي    وزير السياحة: أنا من وجهت باتخاذ إجراءات قانونية في واقعة فيديو المتحف.. الموضوع مش لعب عيال    تيك توك يحد من مشاهدات المحتوى التسويقى ويفرض قواعد جديدة للانتهاكات    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لعاطل لاتهامه الإتجار فى الشابو بسوهاج    الداخلية: وفاة محتجز بقسم شرطة فى الجيزة بسبب مشاجرة مع نزلاء وليس التعذيب    أكسيوس: إدارة ترامب تصنف 533 شركة وكيان داخل أمريكا بناءً على ولائها للرئيس    فرنسا تدين بشدة موافقة إسرائيل على مشروع "إي 1" الاستيطاني    خالد سليم يُحيى ليلة ساحرة فى الليلة الثانية لمهرجان القلعة.. صور    صدمة زوجة مدير التصوير الراحل تيمور تيمور بعد وصولها المستشفى لاستخراج تصريح الدفن    أشرف زكى يكشف سبب رحيل مدير التصوير تيمور تيمور: توفى غرقا    الفنان صبحي خليل يستقبل العزاء في والدته غدا من مسجد الحامدية الشاذلية    ظاهرة مؤقتة أم تحول فى فكر صناعها؟.. قضايا الأحوال الشخصية تفرض نفسها على الدراما التليفزيونية    وزير الأوقاف: مسابقة دولة التلاوة لاكتشاف الجواهر والكنوز من أصوات القراء    هل يجوز إخراج الزكاة في بناء المساجد؟.. أمين الفتوى يجيب    عاوزه ألبس الحجاب ولكني مترددة؟.. أمين الفتوى يجيب    "الصحة" تعلن فحص 8 ملايين و336 ألفا ضمن مبادرة علاج فقدان السمع لدى حديثى الولادة    منها فقدان الوزن.. 5 علامات مبكرة لتلف العظام تتطلب اهتماما عاجلا    رئيس جامعة طنطا يتفقد الاستعدادات النهائية لاستقبال لجان بدء الدراسة بجامعة طنطا الأهلية    القائد العام للقوات المسلحة: المقاتل المصري أثبت جدارته لصون مقدرات الوطن وحماية حدوده    قانونية: الرجل ملزم بالتكفل بالزوجة والأبناء بعد الطلاق    منال عوض: تسريع وتيرة تنفيذ المشروعات البيئية لمواجهة التحديات العالمية    حزن ودعوات| المئات يشيعون جثمان «شهيد العلم» في قنا    صحة شمال سيناء: مستمرون في تحسين جودة الخدمات بوحدات الرعاية الأولية    «الزراعة»: انطلاق الحملة القومية لتحصين الثروة الحيوانية من العترة الجديدة ل الحمى القلاعية    لليوم ال13 على التوالي.. إسبانيا تواصل مكافحة حرائق الغابات وسط موجة الحر    5 أطعمة غنية بفيتامين «د» لتعزيز صحة العظام وتقوية المناعة    محمود الهباش: الموقف المصري والأردني أسقط مخطط التهجير الإسرائيلي من غزة    كنائس هولندية تطالب الحكومة بالاعتراف بفلسطين ووقف تسليح الاحتلال الإسرائيلي    العلاوة التشجيعية.. شروطها ونص القانون الصادر لها    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 أدبي.. الكليات المتاحة بكل المحافظات    مائدة مستديرة بالأعلى للثقافة بعنوان «ترشيد مياه النيل والحفاظ عليها من التلوث»    الشيخ خالد الجندي: الإسلام دين شامل ينظم شؤون الدنيا والآخرة ولا يترك الإنسان للفوضى    وزير الرياضة: أهنئ جماهير بورسعيد على البداية الرائعة للنادي المصري    نتائج بطولة كأس مصر للتجديف بالإسماعيلية.. نادي القناة يحقق الصدارة    30 ألف جنيه متوسط سعر المتر للوحدة السكنية فى مشروع ظلال بديل جنة مصر    ضبط 35 شيكارة دقيق مدعم و150 قالب حلاوة طحينية مجهولة المصدر في كفر الشيخ    ضبط 6003 قضايا بمجال الأمن الاقتصادي خلال 24 ساعة    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    الصحة: تدريب أطباء الأسنان وتقديم خدمات مجانية ل86 مواطنًا    خالد سليم يلتقي جمهور القلعة اليوم ضمن فعاليات الدورة 33 في هذا الموعد    محاكمة 6 متهمين في خلية «بولاق أبو العلا» الإرهابية| بعد قليل    بالأسماء.. تفاصيل إصابة 10 أشخاص من أسرة واحدة باشتباه تسمم جنوب المنيا    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعلان عيد الفطر..قراءة فقهية ونظرة مستقبلية
نشر في المصريون يوم 05 - 09 - 2011

لم تنجح تفسيرات وتبريرات الهيئات الدينية الرسمية في مصر والسعودية، في إقناع الناس بحقيقة الجدل والشائعات التي أعقبت الإعلان عن دخول أول أيام عيد الفطر المبارك يوم الثلاثاء 30 أغسطس، بعد أن أكدت الجمعية الفلكية بجدة، ومعهد علوم الفلك بمصر استحالة الرؤية في يوم الاثنين وهو ما يعني الخطأ في الإعلان عن يوم العيد في اليوم التالي؛ ذلك لأنها جاءت تقطع وتجزم بصحة الإعلان وتدعو لرفض الشائعات، بل وتزعم أن الإعلان جاء موافقا لحسابات الفلكيين، ومن طريف ما جاء في بعض الردود التي تحاول إسكات من يشكك في صحة الإعلان، أن اسرائيل وراء هذه الشائعة التي تهدف منها إلى إفساد فرحة المصرين بأول عيد بعد مبارك؟!
ولم تقدم أى جهة تفسيرا علميا أو فقهيا لما حدث، يقال فيه: منهجيتنا في الإعلان تقوم على كذا وكذا، وتطبيقها هو كذا!
1- الذي حدث
تباينت كالعادة استطلاعات هلال عيد الفطر، فأعلن المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث برئاسة الشيخ يوسف القرضاوي أن أول أيام العيد الثلاثاء وذلك قبل نهاية رمضان بأسبوع، أخذا بالحسابات الفلكية نفيا وإثباتا بشروط علمية دقيقة، وترجيحا لمبدأ وحدة المطالع بمعنى إذا رؤى الهلال في بلد يشترك مع البلد الآخر في جزء من الليل لزمهم الصوم والفطر، وعلى ذات النهج تسير تركيا وماليزيا، وغيرهما، أما عمان فقد أعلنت بعد الاستطلاع أن العيد الأربعاء جمعا بين الحسابات الفلكية والرؤية البصرية، بينما تأخرت المغرب يوما لأنها بدأت كذلك بعد الدول العربية بيوم، ومعلوم أن المغرب من أدق الدول العربية في إعلانها عن أوائل الشهور العربية لكن وفق الرؤية المحلية، لذا فهي تخالف السعودية حتى في هلال ذي الحجة ويوم عرفة.
أما مصر فقد أعلنت الثلاثاء أول أيام عيد الفطر بحسب لجانها الشرعية والعلمية، وجاء في بعض التصريحات الإعلامية الصادرة عن الأزهر أن بعض اللجان رأت الهلال، ومثل مصر أعلنت السعودية بعد أن شهد الشهود العدول لديها برؤية الهلال.
2- تفسير ما جرى
الإشكال حدث لسببين: الأول: تأكيد الحسابات الفلكية في مصر والسعودية على استحالة الرؤية البصرية يوم الاثنين وعليه يكون العيد الأربعاء، ومعلوم أن عددا من المجامع الفقهية دعا وأكد على ضرورة الأخذ بالحسابات الفلكية على الأقل في حالة النفي دون الإثبات، بمعنى أنه إذا نفت الحسابات الفلكية الرؤية فلا يدعى إلى رؤية الهلال ولا يؤخذ بشهادة الشهود، لأنها ظنية والظني لا يقاوم القطعي فضلا عن أن يقدم عليه، الثاني: أن الدول التي أعلنت العيد الثلاثاء خالفت منهجيتها التي أعلنت عنها غير مرة، وهى الأخذ بمبدأ اختلاف المطالع يعنى كل بلد له مطلعه، مع الأخذ بالحسابات الفلكية خاصة في حالة النفي، فالحالة التي نحن فيها أن الفلك ينفي الرؤية في مصر والسعودية، ورغم ذلك كان الإعلان بدخول العيد بناء على الرؤية البصرية المستحيلة فلكيا. ولهذا فإن مصر تخالف السعودية كثيرا في إعلانها عن عيد الفطر تحديدا، والخطأ متكرر معتاد عليه من السعودية بسبب رفضهم الأخذ بالحسابات الفلكية وكذا الأخذ بوحدة المطالع. أما مصر فقد كانت إعلاناتها السابقة جدا منضبطة متسقة مع العلم والشرع.
3- إعلان دار الإفتاء المصرية صحيح لكن توجيهه خطأ
لا إشكال من الناحية الفقهية أن تنظر دار الإفتاء إلى مآل أو نتيجةٍ للفتوى فتغير منهجيتها، سيما إذا كان المآل هو النظر إلى توحيد المسلمين وجمع كلمتهم وهم يعيشون فرحة كبرى بنجاح ثورتهم، فلو أن الأمر أن مصر رأت أن السعودية ومنطقة الخليج وباقي الدول العربية الأخرى أعلنت العيد الثلاثاء فيما عدا عمان التي أعلنت الأربعاء ، فرأت العدول عن منهجيتها هذا العام لهذه الاعتبارات فلا بأس ولا حرج، لكن كان عليها التنبيه وتوجيه الأمر أن إعلاننا بدخول عيد الفطر كان أخذا بالرؤية العالمية وفق الحسابات الفلكية الدقيقة، التي قطعت أن الهلال يري بالعين وبالتلسكوب في نقاط مختلفة من العالم، وهو الأرجح فقهيا وما تدل عليه النصوص صراحة، لكن الهلال لم ير في مصر ولا نأخذ برؤية من أخبرنا بالرؤية البصرية، عندئذ نكون أمام إعلان صحيح وتوجيه وتعليل صحيح، أما الإعلان عن حدوث الرؤية البصرية مع القطع فلكيا باستحالتها والإصرار على ذلك فهو الذي يوقعنا في اللبس والحيرة، ويفقد الناس الثقة في المؤسسة الدينية.
4- إعلان أكثر الدول مصحح للفطر وغافر للخطأ إن حدث
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون) وقد صحح الحديث الشيخ أحمد شاكر ورد على قول الترمذي إنه حديث غريب ، وذكر له طرقا عديدة يقوي بعضها بعضا، كما صححه الألباني ومعناه كما قال الترمذي في السنن: الصوم والفطر مع الجماعة وعُظم الناس أي معظمهم، وقال تقي الدين السبكي في فتاويه معنى الحديث: إذا اتفقوا على ذلك فالمسلمون لا يتفقون على ضلالة والإجماع حجة.
وقال الخطابي في معالم السنن : "معنى الحديث أن الخطأ موضوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد، فلو أن قوما اجتهدوا فلم يروا الهلال إلا بعد الثلاثين فلم يفطروا حتى استوفوا العدد، ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعا وعشرين، فإن صومهم وفطرهم ماض، فلا شيء عليهم من وزر أو تعب" وهذا الحديث بشروحه يقوى ويعضد ما أعلنته دار الإفتاء فإن معظم الدول العربية والإسلامية أفطرت في يوم واحد بناء على اجتهاد المجتهدين، فالفطر يوم يفطرون والصوم يوم يصومون.
وقد قرر الفقهاء قاعدة فقهية جليلة أن: (حكم الحاكم يرفع الخلاف)
ومعنى القاعدة أن ولي الأمر (الحاكم) -سواء أريد به القاضي أو السلطان- إذا اختار أو تبنى رأياً من الآراء الاجتهادية في الشريعة ولو كان مرجوحاً يرتفع به النزاع بين الناس ويلزمهم العمل بالقول الذي اختاره وارتضاه
4- حتى لا يتكرر ما حدث في قابل الأعوام
الخروج الآمن من هذا الإشكال المتكرر في كل عام إنما يكون بالعمل بالحسابات الفلكية نفيا وإثباتا وتحديد أوائل الشهور العربية كاملة مسبقا، مع الأخذ بوحدة المطالع، ونحن عندما نأخذ بالحسابات الفلكية في الصوم والفطر فإننا لا نعارض السنة التي تأمر بالرؤية البصرية والمتمثلة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)، لأن الحق الذي قرره العلماء المعاصرون أن الحسابات الفلكية تطبق الحديث بدقة متناهية، ذلك أن الرؤية البصرية المأمور بها في الحديث هي وسيلة صالحة لزمانهم مقدور لهم عليها، ويمكن أن تتغير إذا وجد ما هو أفضل وأضبط منها، فهي وسيلة متغيرة لهدف ثابت، وهذا الهدف هو معرفة دخول الشهر وصيامه كاملا دون إضافة أو نقصان، والمثال الذي يقرب المعني هنا هو فهم الأحاديث الآمرة بالتسوك، أن الهدف هو تنظيف الأسنان، ووسيلته المقدور عليها لهم وقتها كانت أعواد السواك، فإذا وجد في زماننا فرشاة ومعجون وغيرها من الأدوات لتنظيف الأسنان على نحو أكمل تطييب معه رائحة الفم كان المصير إليها واجبا، لأن السنة تتحقق معها أفضل من غيرها كما لا يخفى.
وقد أطلق بعض العلماء المعاصرين على الحسابات الفلكية الرؤية العلمية، وهذا الاصطلاح يؤكد عدم معارضة الحسابات للسنة ولحديث الرؤية البصرية.
أما حديث: (نحن أمة أمية لا نحسب ولا نكتب...) فهو حديث يصف واقع الأمة وقتها، أى أنها لا تعرف الحساب ولا الكتابة فكيف تؤمر به وهي لا تعرفه، لكن الحديث لم ينف تعلم الحساب والكتابة والعمل بهما في الحياة، فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم فداء الأسير من غير المسلمين في غزوة بدر، أن يعلم عشرة من الصحابة القراءة والكتابة، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري:( "لا نكتب ولا نحسب" بالنون فيهما، والمراد أهل الإسلام الذين بحضرته في تلك المقالة، وهو محمول على أكثرهم؛ لأن الكتابة كانت فيهم قليلة نادرة. والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها، ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضًا إلا النزر اليسير، فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير).
والعجيب أننا نأخذ بالجزء الأول من الحديث فنرفض الحسابات الفلكية، ونرفض الجزء التالي وهو الكتابة رغم أنه معطوف عليه ويأخذ حكمه، فإذا منعنا الحسابات الفلكية، علينا كذلك أن نمنع الكتابة؟!
إن الحسابات لا شك أوثق وأضبط في إثبات الهلال من الاعتماد على شاهدين ليسا معصومين من الوهم وخداع البصر، ولا من الكذب لغرض أو مصلحة شخصية مستورة، مهما تحرينا للتحقق من عدالتهما الظاهرة التي توحي بصدقهما، وكذلك هو -أي طريق الحساب الفلكي- أوثق وأضبط من الاعتماد على شاهد واحد عندما يكون الجو غير صحو والرؤية عسيرة، كما عليه بعض المذاهب المعتبرة في هذا الحال.
وقد قال بجواز الاعتماد على الحسابات الفلكية في الصوم والفطر عدد من الفقهاء المتقدمين منهم: مطرف بن عبدالله من التابعين، والقشيري، والعبادي من فقهاء الشافعية، وابن سريج من الشافعية،وابن قتيبة، وابن مقاتل، والرازي، والإمام ابن دقيق العيد، ومن المعاصرين: الشيخ المطيعي، وطنطاوي جوهري، والمراغي، ورشيد رضا، والقاسمي، وأحمد شاكر، ومصطفى الزرقا، وعلى الطنطاوي، ويوسف القرضاوي.
5- لماذا رفض الفقهاء الأوائل اعتماد الحساب في تحديد بداية الشهر القمري للصوم والإفطار؟
لسببين الأول: أنه ظني مبني على الحدس والتخمينhttp://mdarik.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&pagename=Zone-Arabic-Mdarik/MDALayout&cid=1173696405355 - 3#3، حيث لم يكن في وقتهم علم الفلك قائمًا على رصد دقيق بوسائل محكمة .
الثاني: إن الفقهاء الأوائل واجهوا أيضًا مشكلة خطيرة في عصرهم، وهي الاختلاط والارتباط الوثيق إذ ذاك في الماضي بين العرافة والتنجيم والكهانة والسحر من جهة، وبين حساب النجوم (بمعنى علم الفلك) من جهة أخرى، وهو ما ينبني عليه انسياق الناس إلى التعويل على أولئك المنجمين والعرافين الذين يحترفون الضحك على عقول الناس بأكاذيبهم، وترهاتهم، وشعوذاتهم.
وسبحان الله رغم ذلك انتشر في عصرنا السحر والخرافة والعرافة والتنجيم أضعاف ما كان في عصرهم رغم الحذر برفض الأخذ بالحسابات الفلكية في مسألة الصيام والإفطار.
والعجيب أننا نأخذ بالحسابات الفلكية لتحديد جهة القبلة ومواقيت الصلاة مع أن الصلاة في حكم الإسلام أعظم خطورة من الصوم بإجماع الفقهاء، وأشد وجوبًا وتأكيدً، ولا نأخذ بها في الصوم.
6- اختلاف المطالع قول مرجوح فلم الإصرار عليه؟
إن الإصرار على أنه لكل بلد رؤيته في عصرنا الذي أصبح الناس فيه كأنهم في قرية صغرى أمر يرفضه العقل ولا يستحسنه الشرع، فإن النص عام (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) يعنى في أي مكان ، كما أن القول باختلاف المطالع كان مناسبا لزمان الفقهاء السابقين متناغما مع قولهم بالرؤية البصرية ورفضهم للحسابات الفلكية، أما في عصرنا فإنا نقطع أنه لو عاش أحد الفقهاء السابقين فيه لقال بوحدة المطالع، ورغم هذا فقد نقل النووي عن ابن المنذر أن القول بوحدة المطالع وعدم اعتبار اختلافها هو قول الأئمة الأربعة، والليث بن سعد وأكثر الفقهاء، وإن اختلف أتباعهم فيه بعد ذلك، والعلامة الشوكاني نقل اختلاف العلماء في المسألة ثم رجح وحدة المطالع فقال: والذي ينبغي اعتماده هو ما ذهب إليه المالكية، وجماعة من الزيدية، واختاره المهدي منهم، وحكاه القرطبي عن شيوخه أنه إذا رآه أهل بلد لزم أهل البلاد كلها.
ومعلوم أن أوائل الشهور لا تختلف باختلاف الأقطار أو تباعدها، وإن اختلفت مطالع القمر، والذين ذهبوا من العلماء إلى القول باختلاف المطالع إنما قالوه باعتبار الرؤية وتباعد الأقطار وصعوبة وصول الخبر تلك الأقطار ؛ لأن أول الشهر يجب أن يكون في هذه الكرة الأرضية يوما واحدا.
هذا قديما أما حديثا فإن جميع المجامع الفقهية المعاصرة ترجح القول بوحدة المطالع فيما عدا المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي الذي ذهب إلى القول باختلاف المطالع.
إننا في الغرب نواجه إشكالا كبيرا مع غير المسلمين في التعامل مع هذه القضية وهو أننا بهذا الاختلاف والتعارض مع قطعيات علم الفلك نسيء إلى سمعة الإسلام كدين حضاري، ونعرض رسالته لخطر لا يمكن تبريره، سواء أمام المسلمين أو غير المسلمين، لأن عدم اتفاقنا على صيغة للتوحد في هذه المسألة –رغم إمكانها- يعنى تناقض الإسلام مع نفسه فكيف يدعو إلى العلم ويرفض الحسابات الفلكية، ويدعو إلى الاعتصام والوحدة، وأتباعه متفرقون رغم وجود كل أسباب الوحدة فكتابهم واحد، ونبيهم واحد، وقبلتهم واحدة، وشعائرهم الدينية واحدة، وفي الصورة الأخرى توحد الأوربيون رغم عدم وجود أي سبب من الأسباب السابقة عند المسلمين. فهل يعي المسلمون الدرس وهل يفيقوا إلى أنهم الأمة الشاهدة على الناس؟
* رئيس هيئة العلماء والدعاة بألمانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.