احتفلت مدينة شرم الشيخ بعيد الفطر المبارك لأول مرة بعد الإطاحة بنظام حسني مبارك في فبراير، والتي كانت المقر المفضل له، الذي كان يمضي فيه معظم الوقت مستقبلاً ضيوفه من القادة الأجانب ويعقد فيها المؤتمرات الدولية والإقليمية في المدينة التي اشتهرت باسم "مدينة السلام". واعتاد مبارك في السنوات الأخيرة على أداء صلاة العيد في مسجد السلام، أشهر مسجد بشرم الشيخ، والذي يحمل عدة أسماء أولها مسجد السلام، لأنه يقع على طريق السلام، وثانيها مسجد حسين سالم على اسم بانيه، وثالثها مسجد مبارك وهي التسمية التي أطلقها حسين سالم على المسجد. والمسجد تحفة معمارية تكلف بناؤه حوالي 15 مليون جنيه ويوجد به 25 نجفة مستوردة والحوائط مكسية برخام إيطالي وبكل عمود أربع نجفات. من المقتنيات القيمة داخل المسجد قطعة من كسوة الكعبة المشرفة كسوة، قال الشيخ إبراهيم الصانع إمام وخطيب المسجد إن رجال حسين سالم جاءه بها وقال إنها هدية من الرئيس السابق للمسجد ، ووضعتها إدارة أوقاف شرم الشيخ في علبة من القطيفة بصندوق زجاجي وهي داخل المسجد. وقد بنى حسين سالم المسجد بطريق السلام بعيدًا عن العمران السكاني بناء على تعليماته أمنية. وقد صلى مبارك بمسجد السلام سبع مرات وصلى بمسجد المصطفى حوالى أربع مرات. والمفارقة أن معظم من كانوا يؤدون الصلاة مع مبارك بمسجد السلام محبوسون على ذمة قضايا أو صدر ضدهم أحكام بالفعل، ومن بينهم أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الأسبق, وأحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب السابق ووزراء والداخلية, والبترول, والإعلام وجمال مبارك أمين السياسات بالحزب "الوطني" المنحل. وأتاح ذلك للأهالي والعاملين بشرم الشيخ أن يؤدوا صلاة العيد بالمسجد بحرية كاملة ودون قيود أمنية، وقد صلى بهم الشيخ إبراهيم الصانع إمام المسجد، الذي وعلى الرغم من عمله إماما وخطيبا للمسجد لم يسبق له أن خطب بوجود مبارك، حيث كان شيخ الأزهر هو الذي يقوم بالخطابة. وقال الصانع ل "المصريون"، إن مبارك لم يصل بالمسجد منذ أربع سنوات، وأشار إلى أن مكتب حسين سالم ينفق على المسجد سنويا صيانات تقدر بنحو 80 ألف جنيه سنويا من غسيل للنجف وصيانة سباكة ونظافة موكيت. وأجاب على سؤال حكم بناء المساجد بأموال بيع سلاح وبيع الغاز الطبيعي لإسرائيل قائلا "حسابه على الله ولا يستطيع أن يحكم إنسان على نية إنسان آخر". ولدى سؤاله حول ما إذا كان ينطبق مسجد ضرار على مسجد حسين سالم أجاب بالنفي: "مسجد حسين سالم يجتمع فيه كل المسلمين أما مسجد الضرار فكان يقصد به تفريق المسلمين". وبسؤاله عن حكم منع المسلمين من الصلاة مع الرئيس السابق أجاب أن "بعض أصدقائي كانوا يدخلون ورواد المسجد وهي مسألى أمنية لا دخل لي فيها". وغمر المصلون شعور بالسعادة لأدائهم الصلاة للمرة الأولى بالمسجد دون مضايقات أمنية. وقال سيد ويعمل "شيف" بأحد الفنادق القريبة من مسجد السلام "كنا في السابق نمنع من الدخول والصلاة بالمسجد بسبب مبارك بالرغم من أنه المسجد الأقرب إلى مكان عملي، واليوم صممت على أن أدخل وأصلى وأشكر الثورة والثوار والشهداء على حرية الصلاة في مساجد مصر". أما عودة فريج أبو جوهر وهو من عواقل قبيلة المزينة فيصف ما كان يحدث إبان عهد الرئيس المخلوع بأنه "يعد مأساة وإهدار لحقوق المصريين، حيث كان البدو يمنعون من السير ليلاً بسيارتهم النصف نقل داخل شرم الشيخ حتى رحل مبارك، ومن يخالف ذلك تسحب رخص سيارته ويتم وقفها شهرا كاملاً ويدفع غرامة ألف جنيه". وأضاف: "ما كان يحزنني وجود عشرات الشباب المصري على الأكمنة والذين كان يتم ترحيلهم بالرغم من أنهم جاءوا للعمل". وأكد أحمد عمارة مستأجر محل بشرم الشيخ: "كنا لا نخرج من بيوتنا في فترة وجود مبارك لأن عملية القبض على المواطنين كانت تتم بشكل عشوائي والترحيل كذلك، حيث كان يتم ترحيل 70% من العمالة ويطلب كارنيه البحث الجنائي ووصل الأمر إلى دخول المحلات وأخذ العاملين منها وفي قطاع الإنشاءات يتوقف العمل بسبب ترحيل العمالة، وتحدث جراء ذلك خسائر مادية فادحة ولا أحد يستطيع فتح فمه". وروى وائل السيد والذي يعمل بشرم الشيخ منذ 17 عاما أنه تم القبض عليه مرتين في صبيحة يوم العيد حينما كان يصلى مبارك في مسجد المصطفى حيث تم احتجازي أنا وزملائي أمام المسجد من قبل الأمن ومنعوني من الذهاب مرة أخرى لمنزلي ومنعوني من الصلاة ووقفنا محلك سير حتى خروج مبارك من المسجد ووصوله فيلا حسين سالم تم الإفراج عنا. لكن يوم زفاف جمال مبارك – يقول- كانت أقوى حركة تمشيط أمنية شاهدتها فهو زفاف أسطورى وكل من كان يمشى على الأرض يحمل إلى سيارة الشرطة من غير سؤال ويتم ترحيله إلى قسم الخليفة ثم القسم التابع له ويستغرق ذلك أربعة أيام، حيث طلب من الأمن آنذاك تصفية نصف مليون عامل ليبقى منهم عشرين ألف فقط. في حين يتذكر محمد نشأت مستأجر محل بشرم الشيخ: "كنا نسكن بجوار مسجد المصطفى وكان مبارك سيصلي فيه أول يوم العيد، حيث كان نفاجئ بالأمن يقتحم منازلنا ويستولي على أنابيب البوتاجازات ونمنع من استقبال أي ضيوف، أو فتح شباك في وقت صلاة العيد أو يصعد أي شخص على سطح المنزل وكنا نستخدم السخانات الكهربائية حتى يعطونا الأنابيب بعد ذهاب مبارك لفيلته". الأمر لم يقتصر على المواطن العادي، وهو ما يرويه صلاح ربيع عواد عضو مجلس الشعب السابق (مستقل) قائلا: تم دعوتي لصلاة العيد مع مبارك بمسجد السلام وبالفعل ذهبت وكان أغلب ظني أنها فرصة عظيمة وجود رئيس جمهورية ووزراء لنطرح العديد من المشاكل وتحل في وجود الرئيس والوزراء، لكن هذا لم يحدث حيث صافحنا مبارك ثم ذهب هو والوزراء. بينما يقول برلماني سابق طلب عدم نشر اسمه: "كنا نستخدم كديكور وتشريفه والأدهى أننا كنا نمنع من الخروج من المسجد إلا بعد خروج مبارك ومغادرته المسجد بعشرة دقائق وهذا ما اعتبرته إهانة ولم أكرر الصلاة مرة أخرى معه". لكن الوضع بات مختلفا بعد رحيل مبارك. إذ يقول خالد المواري صاحب مقهى: "أول عيد حقيقي لنا في شرم الشيخ بعد أن رحل عنا مبارك، حيث في ظل وجود مبارك كنا نتعرض للبلطجة من أمن مبارك لكننا الآن نحن أحرار وأصبحنا نجلب العمالة التي نحتاجها دون وساطة ونصلي في أي مسجد في العيد بحرية". ويقول المحامي والناشط صالح ياسين، إن مبارك عندما كان يقيم بشرم الشيخ حولها إلى ثكنات عسكرية ويؤثر وجوده على حركة السياحة. وتساءل: هل يأتي يوم يكشف فيه عن حجم الإنفاق من ميزانية الدولة في صلاة العيد بشرم الشيخ من حراسة وسكرتارية وتكلفة الأمن والانتقالات.