فلسطين الآن في حالة قلق وترقب، وثمة توقعات بحدوث انقلاب عسكري بتخطيط إسرائيلي أمركي وبتمويل دولة خليجية شهيرة ومعادية للربيع العربي، يطيح بالرئيس محمود عباس واستبداله بالجنرال الهارب في الإمارات محمد دحلان. والأخير لم يعد لغزا، فهو ورقة مكشوفة، والتقارير الغربية، كشفت تفاصيل الانقلاب العسكري الذي قاده ضد حماس، وذكرت تلك التقارير أسماء شخصيات ودول وشيكات وأموال ضخمة، ضختها دول عربية وعلى رأسها الإمارات، لتمويل انقلاب دحلان العسكري عام 2006 ضد السلطات الشرعية المنتخبة في فلسطين وقبل الإشارة إلى الإنقلاب المتوقع ضد محمود عباس، فمن الأهمية الإشارة إلى التقرير الخطير الذي نشرته مجلة "فانيتي فير" الأمريكية، ونقلت الأخيرة عن المستشار السابق لنائب الرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط "ديفيد وارمسر" الذي استقال من منصبه في يوليو 2007 بعد شهر من سيطرة حماس علي غزة، وصفه الإدارة الأمريكية بأنها "كانت تنخرط في حرب قذرة في إطار جهودها لتأمين النصر لديكتاتورية يقودها عباس". المفاجاة هنا أن "وارمسر" رأي أن حماس لم تكن تنوي السيطرة علي غزة حتي أجبرتها فتح علي ذلك . وقال للمجلة: "يبدو لي أن ما حصل لم يكن انقلاباً من قبل حماس وإنما انقلاب من قبل فتح جري إحباطه قبل حصوله ". ونقلت عن "دحلان" قوله إن بوش هو من ضغط باتجاه إجراء الانتخابات.. وأنه حاول تحذير أصدقائه في الإدارة الأمريكية بأن فتح غير مستعدة للانتخابات. وقال دحلان الجميع "في الإدارة الامريكية" كانوا يعارضون الانتخابات ، مضيفاً الجميع إلا بوش . المجلة نقلت عن مسؤول في "البنتاغون" قوله: "كل واحد ألقي باللوم علي غيره (بعد فوز حماس) ، مضيفاً: جلسنا في "البنتاغون" نتساءل: من الغبي الذي أوصي بذلك؟ ".
وذكرت المجلة أن الرئيس عباس رفض أن يكون طرفا في حرب أهلية فلسطينية. وأشارت المجلة إلي أن واشنطن تصرفت بقلق ورعب، حين بدأ عباس المحادثات مع حماس علي أمل إنشاء حكومة وحدة وطنية . وبدا للإدارة الأمريكية التي راحت تعد من وقتها خطة بديلة لإزاحة حماس من السلطة بالتعاون مع دحلان، أن القوات التابعة لفتح أكثر قوة من عناصر حماس، من الناحية النظرية. لكن الحقيقة تجلت في أن عناصر فتح لم يكونوا يحصلون علي رواتبهم بسبب الحصار الذي فرض علي حكومة حماس وكشفت المجلة بأنه مع عدم وجود أي إشارة بأن عباس جاهز لحل حكومة حماس، فإن الولاياتالمتحدة بدأت محادثات مباشرة مع دحلان ونقلت عن مسؤولين في البيت الأبيض أن بوش كان يصفه بأنه "رَجُلُنا" . وبدأ القائد الأمريكي كيث دايتون الذي عينه بوش في العام 2005 للتنسيق الأمني في الأراضي الفلسطينية لقاءاته مع دحلان في القدس ورام الله.
وكان رد دحلان أن حماس تهزم فقط بالوسائل السياسية، أما إذا كنت سأواجهها (عسكريا) فأحتاج إلي موارد أساسية . وتوافق الرجلان علي العمل علي خطة أمنية تبدأ بتوحيد الأجهزة تحت قيادة دحلان، الذي عينه عباس بالتزامن مع ذلك مستشاره للأمن القومي. ورفض الكونغرس بداية تمويل هذه العملية خوفاً علي أمن إسرائيل، فطلبت الولاياتالمتحدة من الأردنوالإمارات دعم الأجهزة تدريباً وعتاداً. وحسب مذكرة من وزارة الخارجية الأمريكية فإن تكاليف الخطة (رواتب المسلحين والتدريبات والأسلحة) قدرت ب 1.27 مليار دولار علي مدي خمس سنوات. وحسب المجلة فإن المخطط لم تجمع له سوي دفعات مالية بلغت 30 مليون دولار ، أغلبها أتي من الإمارات العربية المتحدة.
وقالت المجلة إن دحلان نفسه قال أن المبلغ الذي جمع كان 20 مليون دولار فقط، وأكد أن العرب قدموا من التعهدات أكثر من تقديمهم للمال". ويوم أمس قامت الدنيا ولم تقعد في فلسطين، بعد أن كشف موقع "والاه " الإسرائيلي نقلا عن مصادر إسرائيلية وفلسطينية إن ليبرمان وزير خارجية إسرائيل ورئيس حزب "يسرائيل بيتنا" ودحلان التقيا عدة مرات في عواصم أوروبية، مشيرا إلى أن السلطة الفلسطينية طلبت من جهات داخل إسرائيل معنية توضيحات عما إذا كانت لقاءات ليبرمان مع دحلان رسمية وتمثل حكومتها ورئيسها. وأوضح " والاه " أن اللقاءات بين ليبرمان ودحلان بدأت قبل نحو عام، مرجحا أن إسرائيل كانت معنية بالمحافظة على علاقتها مع دحلان كتحضير لاحتمال استقالة الرئيس عباس من منصبه. كما يشير لترجيح آخر مفاده أن الاتصالات مع دحلان تمت على خلفية تقديرات بأن عباس عاجز عن توقيع اتفاق دائم مع إسرائيل. ثمة المؤشرات إذن تفصح عن ترتيبات تحت رعاية إسرائيلية للاطاحة بعباس، ولم يعد خافيا، الدور الأمني الخطير الذي يقوم به دحلان من الإمارات ما يطرح سؤالا مشروعا حول ما إذا كانت الإمارات ستقوم بدور في هذا الانقلاب استنادا إلى سيرتها السياسية والأمنية والإعلامية في أكثر من بلد عربي.. وحضورها الإعلامي والسياسي والمالي الخطير في دعم الأنظمة الديكتاتورية ضد ثورات الربيع العربي. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.