في منظر مهيب نقلته وكالات الأنباء من سوريا، على قبور الشهداء وقف المشيعون لشهدائهم وهم يؤدون قسم الولاء لسلمية الثورة . • النماذج التى شاركت في هذا القسم تمثل كل الشرائح السورية شيوخا ورجالا وشبابا وأطفالا. • ومضمون القسم (سلمية الثورة) يمثل نموذجا لوعي الثوار السوريين وتحضرهم وضبط رؤيتهم في مواجهة نظام همجى فقد كل قيمه الأخلاقية والإنسانية تجاه شعبه وأمته. • النظام السورى حاز كل السبق في ساحات الخزى والعار ، وتفوق على نيرون حين جلس ضاحكا يستمتع بالنيران وهى تحرق روما . • حماة الديار هم أدوات هذا العار الذين عرف تاريخهم بالسكوت المطلق على عربدة إسرائيل واحتلالها للجولان وعبثها بالسماء السورية وفوق بيت الرئيس ذاته وفي نفس المدينة (اللاذقية) . • الاحتلال في الجولان لم تطلق عليه طلقة واحدة من جيش زعيم الممانعة، ولم يعترض حماة الديار طيران إسرائيل حين حلق فوق قصر الرئاسة ليبعث برسالة إلى زعيم الممانعة كما كان يدعى ، لكنهم قذفوا اللاذقية ببوارج حربية فهل اندست اللاذقية في اللاذقية لتضرب بقذائف البروارج الحربية التى لم تجرب طقلة واحدة في اتجاه العدو ؟ أم أنها ضربت ليثبت النظام للشعب السورى الصامد أن حماة الديار ليسوا منه ولا هو منهم، وأن الثوار ليسوا إخوة الجنود ولا هم أباؤه ، فهل هذا ما يريده زعيم الممانعة ؟ ! أن يقطع الجيش السورى عن أهله وناسه، وأن يغرس بين الإثنين كل عوامل الكراهية والانقسام والفرقة ليلعب هو وحاشيته على وتر الطائفية؟ • يقيننا أن الجيس السورى لا يمكن أن يخلو من شرفاء يرفضون أن يختزل دور القوات المسلحة في حماية الرئيس وعائلته، وأن مهمته الأساسية حماية الوطن شعبا وأرضا وديارا ، وليس قتل الشعب وتدمير مدنه وقراه ، وقذف مآذنه وإغلاق مساجده، وقطع الماء والكهرباء عن أبنائه، ودفعهم إلى النزوح الجماعي، وإلا فما الفرق بين حماة الديار وبين الجيش الإسرائيلي في الأرض المحتلة .؟ • الشعب السورى أكثر وعيا من الرئيس وحاشيته ومعاونيه ، وهو يدرك بوعيه السياسي والأخلاقي والثورى أن وحدته تظل هى الرصيد الاستراتيجي في مواجهة الطائفية الدينية وأنه لا يجوز تصنيف الناس على أساس طائفى وأن عملية تحشيد الناس على الهوية خوفا مما هو قادم إنما هى جريمة وطنية كبرى، ومن ثم فعلى النظام أن يلعب غيرها. • والشعب السورى يدرك بوعيه الثورى أن رفض التدخل الأجنبى هو الذى يحمى شرف وبهاء ثورته. • وأن سلمية الثورة هى الخيار الحضارى والأخلاقى والإنسانى أمام همجية النظام وتعطشه للدماء ورغبته في التوحش وعمليات القتل الجماعى ، وأنه مهما ضغط وحاول لن تستجيب القوى الشعبية لنزقه، وستظل تفضح مخططاته بصمودها وصبرها ورصيدها الثقافي والحضارى الذى يمتد في عمق التاريخ ليؤكد أصالة السورين وشجاعتهم منذ كانت دمشق عاصمة الخلافة لدولة الأمويين . • الرئيس السورى وحاشيته لا يعنيه إن كان التاريخ سيلوث بفعله الفاضح حين ينتهك حرية شعبه ، ويقذف بلده بكل أدوات القتل والتدمير، ولا يعنيه وحاشيته بأية أوصاف سيتحدث عنه التاريخ وكأن المدن السورية ما عرفته يوما وما عرفها ،فهو عنها غريب فلم يشرب من مائها ولا تربى بين شبابها ولم يستنشق عبير تاريخها المشرق الألاق. • الرئيس تقمص شخصية القاتل الأول " قابيل " فطوعت له نفسه أن يبقى هو ،وليذهب شعبه ، وأن يعيش هو وحاشيته وليموت كل أطفال سورية . • الثورة السورية كشفت القناع عن أمرين متناقضين : • الأول : إصرار الشعب السورى على الحرية وأنه لن يتخلى عن معركته الرئيسية وهى المطالبة بالديموقراطية والتى يتحقق فيها الحرية والعدالة ورفض الاستذلال. • رهان النظام على الخيار الأمنى لن يعمر ولن يستمر طويلا وسوابق الثورات في مصر وتونس وحتى في اليمن وليبيا خير دليل على ذلك . • والثانى أن مراوغة الرئيس ، ومحاولات خداع العالم بكلام عن الإصلاح ليس إلا محاولات تخدير للرأي العام ليفلت صاحبنا من محكمة الجنايات الدولية . • بنية الاستبداد أيلة للسقوط والإصرار على المطالبات العادالة بالحقوق واستمرار التظاهر سيسقطها حتما. • تركيبة الطغيان متهالكة من داخلها في النظام السورى وهى في طريقها للتفكك لامحالة وأن الأمر أمر وقت وصمود وصبر ، • صمود الثوار وصبرهم وطول نفسهم سيؤدى في نهاية الأمر إلى تآكل وتفكيك الاستبداد وسقوط الطاغية. لذا فيمكننا أن نشير بتلخيص إلى الضمانات الأساسية لاستمرار الثورة السورية وأن انتصارها يتوقف في نظر أغلب المحللين على تحقيق مجموعة من الضمانات أعتقد أنها واضحة في وعي الشعب السورى وهذه الضمانات يمكن أن نجملها في المبادئ الأساسية التالية: 1 صمود وصبر الشعب السورى، فكلما زاد الصمود واستمر كلما قصر عمر النظام 2 سلمية الثورة ، حيث تفضح وتسقط كل دعاوى النظام وحججه ومن ثم فلا يجوز أن ينجر الشعب لمواجهات مسلحة مهما كانت دوافعها . 3 ورفض التدخل الأجنبى ، وهذا الرفض يؤكد وطنية المبادئ الثورية ويحفظ وجه الثورة من التلوث بالأجندات الأجنبية ، كم انه يسقط مبررات النظام في الحديث عن مؤامرات خارجية. 4 سلامة وحدة الشعب الداخلية ورفض الطائفية، والطائفية دينية أو عرقية هى السلاح الذى يحرص كل طاغية على استعماله وتنمية دوافعه بين أبناء الشعب الواحد ويعزف على وتره باستمرار ليخلق سوء النية والتوجس وخوف كل طرف من الطرف الاخر وليظل النظام هو الملاذ لكل فئة في مواجهة بقية الفئات ومن ثم فرفض الطائفية ينزع السكين التى يغتال بها الطاغية وحدة الأمة . 5 التجمع الشعبي حول وحدة التصور لأهداف الثورة حتى وإن اختلفت جماعات المعارضة، فيجب أن يكون اختلافها اختلاف روافد تصب في نهر واحد. غير أن كل رافد يأتى من طريق. • المتأمل في المشهد السورى يلحظ أن المبادئ الخمسة متحققة حتى هذه اللحظة في المشهد السورى ، كما يلحظ أيضا ان هناك سورية جديدة تولد اليوم، ويمكنك أن تراها في الحشود المتراصة ، وفي لغة خطاب الثوار ، وفي إصرار الشعب على التضحية ، وفي تحديه لكل أدوات القمع التى يملكها النظام، فقد تخطاها بصدره العاري وتخلص من الخوف وكسر كل حواجزه وقفز فوق كل حدوده. • سورية الجديدة يمكنك أن تراها أيضا في وجه كل مواطن سورى، وفي بريق عيونه، لكن نيرون الجديد يريد أن يحرقها، ويستمتع بدخان حريقها الأسود . • منظر الثكالى وأنَّات الجرحى لن تزيد الوجدان السورى إلا غضبا عليك وكراهية لك يا سيادة الرئيس. • قلوب السوريين وأفئدتهم ملئت لا بالكراهية فقط، وإنما بالاحتقار أيضا لشاب أمَّلُوا فيه خيرا، فإذا به يحمل جينات نيرون الذى أحرق روما بعدما خرب ديارها. • عبر التاريخ هنا يجب النظر إليها والاستفادة منها لأنها تستحضر سنن الله في الناس والأوطان والأشياء. • الفرق بين نيرون الجديد والقديم أن عيون القديم كانت مبصرة ، بيمنا عيون طبيب العيون نيرون الجديد أصابها العشى الليلي ومن ثم فقد أخطأت الرؤية ولم تعد ترى. {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الارْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الاْصَارُ وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} ﴿الحج: 46﴾ أكاديمى مغترب رئيس المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية رئيس إذاعة القرآن الكريم في أستراليا