"مجهولون يقتلون شرطيا.. مجهولون يضرمون النار في سيارة ضابط بالجيش.. مجهولون يستهدفون نقطة تفتيش للشرطة.. انفجار قنبلة بدائية الصنع في نقطة تفتيش عسكرية".. عناوين تصدرت الصحف خلال الأسابيع والأشهر الماضية، عن حوادث إرهابية صغيرة، لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها. هذه الوقائع واختلاف طرق تنفيذها، وما تعلنه وزارة الداخلية بعدها من القبض على مرتكبين لعدد منها، يشير إلى أن القائم بتلك العمليات هي مجموعات صغيرة لاعلاقة لها بتنظيمات جهادية منظمة، كل حسب قدراته. واليوم، قتل شرطيان، إثر قيام مجهولين يستقلان دراجة بخارية بإطلاق النار عليهما بميدان سفنكس بالمهندسين، بحسب مصدر أمنى. وأمس، أعلن الجيش مقتل ضابط وجندي وإصابة ثالث، في تفجير عبوة ناسفة بمدينة العريش بشمال سيناء. في الوقت الذي قال فيه مصدر أمني، أمس، إن مسلحين اثنين قتلا وأصيب 3شرطيين ومدنيين اثنين في اشتباكات بين الأمن و3مسلحين مجهولين بمنطقة السلام بالقاهرة. مثل هذه الأحداث تكررت في مصر بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، وهو ما وصفه خبير أمني بأسلوب "الذئاب المنفردة/ الشاردة". ويُعرف مصطلح "الذئاب المنفردة/ الشاردة" بأنه تكتيك تلجأ له التنظيمات الإرهابية عندما يتم تضييق الخناق عليها، ويعني قيام شخص أو مجموعة، لا يخضعون لها تنظيميا، ولكن يؤمنون بأفكارها، بالتخطيط والتنفيذ لبعض العمليات الإرهابية استنادا إلى إمكاناتهم الذاتية. العميد صفوت الزيات، الخبير العسكري والاستراتيجي، قال إنه "يمكن إطلاق اسم "العمليات المنفردة/ الشاردة على مثل هذه العمليات الصغيرة التي يكون هدفها في الأساس هو الثأر أو الانتقام". وأضاف في تصريح إلى وكالة "الأناضول"، أن "هذه العمليات تشير إلى أن من يقوم بها جماعات صغيرة بدائية، تقوم بعملياتها طبقا لإمكانياتها المتاحة". وتابع: "على الرغم من حداثة تكوين هذه الجماعات وبدائية تكويناتها، إلا أنها أخطر على الدولة من الجماعات الكبيرة، نظرا لصعوبة تتبعها أو القبض عليها، وسهولة تخفيها". ومضى الخبير العسكري بالقول: إن "مواجهة تلك الجماعات التي تعمل بصورة لامركزية أصعب على الدولة من مواجهة كيانات تنظيمية تعمل بشكل مركزي". محلل الشؤون الدفاعية بصحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية "كون كوجلن"، قال في 24 أكتوبر الماضي، إن "منع مثل هذه الهجمات أمر شديد الصعوبة ما لم تكن لدى السلطات معلومات عن نية الشخص القيام بمثل هذا العمل". وأضاف أن "مراقبة نشاط الأفراد أمر أكثر تعقيدا، خاصة بعد الضغوط التي يتعرض لها السياسيون في أوروبا والولايات المتحدة لكبح جماح أجهزة المخابرات في التجسس على الأفراد". وقال أشرف أمين، مساعد وزير الداخلية الأسبق في تصريحات سابقة، تعليقًا على تفجيرات شهدتها منطقة وسط القاهرة خلال شهري سبتمبر، وأكتوبر الماضيين: "هذا النوع من التفجيرات يصعب الحد من وقوعه، لأن طريقة تنفيذه سهلة، وبها قدر كبير من الغدر، ولا تحتاج إلا لتصنيع قنبلة ووضعها في المكان المراد استهدافه". وألمح أمين إلى أن "المواد المستخدمة في إعداد قنابل التفجير متاحة، ولها استخدامات كثيرة"، في إشارة إلى صعوبة السيطرة عليها. ويؤرخ المهتمون بملف الحركات الجهادية إلى عام 2001 كبداية لبزوغ تكتيك "الذئاب المنفردة"، والذي يتم اللجوء إليه عندما يعجز التنظيم المركزي على توسعة نشاطه، للتضييق الأمني.