اتفقت إثيوبيا وأوغنداء على أهمية الاستفادة العادلة من مياه نهر النيل، في إطار اتفاقية عنتيبي الإطارية التي تنص على الاستخدام المنصف والمعقول لموارد مياه المنظومة المائية لنهر النيل. جاء ذلك في كلمات ألقاها كل من رئيس وزراء إثيوبيا، هيلي ماريام ديسالين؛ والرئيس الأوغندي يوري موسفيني، في جلسة محادثات رسمية مغلقة، اليوم الجمعة، بقصر الرئاسة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، نقل محتواها التلفزيون الإثيوبي الرسمي. من جانبه أشار ديسالين؛ إلى إن إثيوبيا وأغندا تساهمان بصورة كبيرة في نسب مياه النيل، وهما من الدول الموقعة على اتفاقية عنتيبي. وأضاف ديسالين أن اتفاقية عنتيبي بدأت تدخل حيز التنفيذ من خلال المصادقة عليها من قبل برلمانات الدول التي الموقعة على الاتفاقية في عام 2010، مؤكدا على وجود تفاهمات بين إثيوبيا وأغندا في هذا الصدد. وفي عام 2010، وقعت دول المنبع إثيوبيا وكينياوأوغندا ورواندا وتنزانيا الاتفاق الإطاري التعاوني لتنظيم استخدام مياه النيل، فيما وقعت بوروندي على الاتفاقية في عام 2011. قبل أن تصادق عليها في وقت لاحق إثيوبيا ورواندا وتنزانيا، وتبدي كل من كينياوأوغنداوجنوب السودان استعدادهم للمصادقة. وتنص اتفاقية عنتيبي على أن "مرتكزات التعاون بين دول مبادرة حوض النيل تعتمد على الاستخدام المنصف والمعقول للدول بأن تنتفع دول مبادرة حوض النيل انتفاعاً منصفاً ومعقولاً من موارد مياه المنظومة المائية لنهر النيل". وبينما وصفت مصر (دولة المصب) اتفاقية عنتيبي ب"المخالفة للقانون الدولي"، متمسكة بالاتفاقات السابقة لتنظيم مياه النيل، رفضت السودان التوقيع على الاتفاقية؛ لأنها "تمس مصالحها المائية"، على حد قولها. وتقول بعض دول حوض النيل، وفي مقدمتها إثيوبيا، إن الاتفاقات التي تنظم استخدام مياه نهر النيل، وقعت في الحقبة الاستعمارية، ولا تلزم السلطات الحالية في تلك البلدان، فيما تستند مصر إلى قاعدة أساسية في القانون الدولي تنص على مبدأ توارث المعاهدات، فيما يتعلق بالمعاهدات الخاصة برسم الحدود الدولية والوضع الجغرافي والإقليمي، بحيث لا تنتهي تلك المعاهدات بانتقال السيادة في الإقليم. وشهدت الأشهر الأخيرة توترًا للعلاقات بين مصر وإثيوبيا، مع إعلان الأخيرة بدء بناء مشروع سد النهضة، الذي تثور مخاوف داخل مصر بشأن احتمال تأثيره على حصتها السنوية من مياه النيل، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب، وتأثيره على أمنها القومي في حالة انهياره. من جانبه أكد الرئيس الأوغندي يوري موسفيني؛ على أحقية إثيوبيا في الاستفادة العادلة من حصتها في مياه نهر النيل، مشيرا إلى أن الاستفادة العادلة هي مطلب الجميع. من جانبه أشار موسفيني إلى أن إثيوبيا بدأت تستفيد من مياه النيل في المشاريع التنموية للقضاء على الفقر والسعي نحو التنمية المستدامة، وقال إن إثيوبيا ستصبح إحدى الدول الأفريقية المنتجة للطاقة في القارة. وأوضح موسفيني أن أثيوبيا والكونغو هما الدولتان الأفريقيتان اللتان لهما إمكانيات ضخمة لتلبية احتياجات القارة من الطاقة. وبحسب مراسل الأناضول، فإن رئيس الوزراء الإثيوبي والرئيس الأوغندي لم يتطرقا للتعاون المائي واتفاقية عنتيبي، خلال مؤتمر صحفي عقداه لاحقا، إلا أن التلفزيون الإثيوبي الذي قام بتغطية وقائع جلسة المحادثات الرسمية نقل كلمات موسفيني وديسالين التي تركزت حول ملفات التعاون في مجال مياه النيل ومكافحة الإرهاب. وعقب مباحثات ثنائية عقد موسفيني وديسالين، مؤتمرا صحفيا مشتركا، تابعه مراسل وكالة الأناضول، قال خلاله الرئيس الأوغندي، إن قوات بلاده "لن تنسحب" من مدينتي جوبا وبور في دولة جنوب السودان "إلا بعد أن يتم استتباب الأمن والاستقرار في المدينتين". وأضاف موسفيني أن "أوغندا لم تدخل جنوب السودان بحثا عن مصالح اقتصادية، وإنما بطلب من الرئيس سلفاكير ميارديت عقب اندلاع الأزمة بينه ونائبه السابق (ريك) مشار". واعتبر أن مشكلة جنوب السودان ليست في تواجد القوات الأوغندية؛ وإنما في تأخر وصول الأطراف المتنازعة إلى اتفاق سلام ينهي الأزمة هناك. وجدد دعم بلاده للسلام الدائم في جنوب السودان؛ لأن الحرب تؤثر على الإقليم بكامله؛ مؤكدا سعي بلاده من خلال الهيئة الحكومية لتنمية شرق أفريقيا "إيغاد"، إلى إيجاد حل للأزمة. ودخل الصراع المسلح على السلطة في جنوب السودان بين الرئيس سلفاكير ميارديت، ونائبه السابق ريك مشار عامه الأول، دون أن تفلح عدة جولات من المفاوضات بين الجانبين، استضافتها إثيوبيا برعاية "إيغاد"، في حل الأزمة رغم توقيع الجانبين لاتفاق سابق لوقف العدائيات. ومنذ بدايات الصراع دخلت أوغندا على الخط بإرسال قواتها لجنوب السودان للقتال إلى جانب حليفها سلفاكير، وهو ما لاقى استنكارا واسعا من جانب مشار وقواته، التي اعتبرته "تدخلا في الشؤون الداخلية" لبلاده. ووقعت البلدان، بحضور كل من رئيس الوزراء الإثيوبي والرئيس الأوغندي، أربع مذكرات تفاهم في مجالات الطاقة والصحة والمواصلات، وتوأمة بين إدارتي أديس أبابا وكمبالا، حسب مصادر إثيوبية. من جانبه، وصف ديسالين الرئيس الأوغندي، الذي يتولى سدة الحكم في بلاده منذ 28 عاما، ب"عميد الرؤساء"، وقال إن "المناقشات التي جرت بينهما شملت جوانب عديدة منها تعميق التعاون في مجال السلام والأمن والقضايا الاقليمية وتوسيع مجالات التعاون في التجارة والاستثمار والتنمية". وكشف "ديسالين" عن قمة لرؤساء دول منظمة "إيغاد" في أقرب وقت، دون تحديد موعد للقمة، لبحث نتائج مفاوضات جنوب السودان، مؤكدا عزم المنظمة علىلا إنهاء الأزمة التي تهدد السلم الإقليمي. و"إيغاد" هي منظمة إقليمية أفريقية تأسست عام 1986 وتعني باستقرار وتنمية أعضائها (إثيوبيا؛ السودان؛ جيبوتي؛ الصومال؛أوغندا؛كينيا؛جنوب السودان؛ إريتريا). يشار إلى أن إثيوبيا وأوغندا يشكلان رأس الحربة في محاربة التنظيمات المسلحة المتشددة في شرق ووسط أفريقيا، ويقودان مساع الاستقرار بقوات ضخمة في الصومال، كما يلعبان دورا مؤثرا في جنوب السودان. وكان موسيفني وصل أديس أبابا، في وقت سابق اليوم الجمعة، في زيارة تستغرق يومين، لبحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها.