ما من شك ان محاولة القراءه فى ملف امريكا تضمر احشائها مكنونات بالغة الاهميه، فهى الدوله التى ينطلق من افواء كثيرون فى هذا العالم من شاغلى هذه المسكونه وقاطنى تلك المعموره ، بل وترد –ايضا – فى اراء ومقالات عالميه باقلام امريكيه وفى صحف امريكيه –بذاتها-انها الدوله الوحيده التى يصطف الواقفين من الناس امام قنصلياتها وسفاراتها بغية نيل تاشيرة دخول اليها كغايه ماموله ،للسياحه او للبزنس او للاقامه فى اراضيها ،فهى الجنه الماموله والنعيم المرتجى..ومن الامور شِبه المجمع عليها ان افعال امريكا تلقى تقبلا عالميا جبرا من الحكومات وتكتسب تفهما قسرا مهما اتت من افعال لايمكن لغيرها ان تأتيها ومهما كانت موجباتها ، فهى-اى امريكا - تشكل الراى العام العالمى بما تراه ، فيجتمع على موقفها، فى ظاهره فريده يندر الاختلاف عليها او الشذوذ عنها. فامريكا - او بالاحرى – الولاياتالمتحدهالامريكيه مُذُ نشاتها –وكما يقولون – ترى ان "على رأسها ريشه" فهى ترى انها تستطيع ان تاتى من الافعال وترسم من النماذج التنظيريه ، ما لا يتوفر لغيرها ،فهنالك مثلا قرار لرئيس امريكى من زمرة السابقين وهو الرئيس "لينكولين " بتعطيل حكما قضائيا امريكيا صدر اثناء الحرب الاهليه الامريكيه ،قضى بتسليم متهما ...وهناك –مثلا آخر – قرار رئاسى وليس قضائى ، نفذ ابان الحرب العالميه الثانيه باحتجاز 127 الف امريكى داخل السجون الامريكيه لمجرد ان اصولهم يابانيه..ذلك وقتما كانت الطائرات الامريكيه تدك الاراضى اليابانيه وتقصف مدينتى " ناجازاكى وهيروشيما " اليابانيتان ، بالقنابل الذريه(القنابل المحرم استخدامها على غيرها) ،ووقت ان احرزت القوات الامريكيه التى كانت على راس ما يسمى قوات الحلفاء، نصرا وليدا وفريدا على قوات دول المحور التى كان على راسها –وقتها- " فوهرر" المانيا النازيه "هتلر". وهناك - ايضا –قرار اقتصادى منفردا اتخذه رئيسا امريكيا من زمرة السابقين وهو الرئيس الامريكى " نيكسون " فى عام 1971 حنثت امريكا بموجبه بما سبق ان اتفقت عليه وما وقعه ممثليها فى اتفاقية "بريتون وودز" العالميه التى عقدت برعايه امريكيه ، فوق ارض امريكيه ، حيث اصدر امرا لبنك "الاحتياطى الفيدرالى الامريكى" بوقف مبادلة الدولارات الامريكيه من اى دوله من دول العالم بغرض تحويلها الى "ذهب"،ضاربا بمصالح كافه دول العالم عرض الحائط ،ولم تستطع اى من دول العالم –وقتها – ان تبدى عداء لامريكا سواء كان سياسيا اوعسكريا او ان تُُغيٍيرقواتهم على اراضيها، بعدما تبددت ثروات العديد من تلك الدول على يد امريكا فى ذلك الزمان ..وهناك –ايضا وايضا –منظمات اقتصاديه امريكيه قامت بالسطو على ثروات دول العالم ومن اهمها دول النفط الخليجيه ودول اخرى كالصين ودول غرب اوربا ، حيث قام بنك "ليهمان برازرز "فى رفقه منظمات اقتصاديه امريكيه اُخَر بالتسبب فى احداث "الازمه الماليه الامريكيه " عام 2008 التى قوضت اركان اقتصاديات دول ، وكادت ان تعصف بالاقتصاد العالمى، ثم خرجت امريكا منها "كالشعرة من العجينه " بعدما خسر العالم ترليونات الدولارات جمعها من كده ودؤبه واودعها البنوك الامريكيه فتبددت فى غمضة عين ، و تبخرت قبل انتباهتها ،وانتزعت امريكا الدوله- بذلك- اصولا ماليه من الغير بفعل فناء تلك الثروات الدولاريه ،وتبددت التزمات كانت مرتبه على الاقتصاد الامريكى بفضل افلاس المنظمات الامريكيه الماليه التى كانت تحوى الايداعات الاجنبيه لديها .وزادت امريكا الحكومه فى البجاحه وامعنت فى الرزاله عندما نزل بنك "الاحتياطى الفيدرالى الامريكى " بقرارا منفردا دون تشاور ،بسعر الفائده وقتها ،ليكاد يتساوى بالصفر ،مما حرم ايداعات كافة دول العالم من الحصول على اى فوائد لإيداعاتهم لدى الحكومه الامريكيه فى السندات الفيدراليه . وفيما ان امريكا – الآن –توزع عقوباتها داخل انحاء المعموره ذات اليمين وذات اليسار بدعوى انتهاك هذه الدوله او تلك، حقوق الانسان،يظهر على الملأ ما تم الافراج عنه الاسبوع الماضى من "الملخص التنفيذى" لتقرير لجنة الاستخبارات فى مجلس الشيوخ الامريكى الذى حرره الموظفين الديمقراطيون فى تلك اللجنه الآنف الاشاره اليها ،ويتناول التقرير استعراض التعذيب واساليبه الشيطانيه المبتكره التى مارستها المخابرات الامركيه " سى آآى أييه " زمن الرئيس الجمهورى "نيكسون " للمعتقلين الاسلاميين المتهمين فى احداث تفجير مركز التجاره العالمى واحداث سبتمبر عام 2001. وعلى الرغم من ان ادارة الرئيس الامريكى "اوباما"قد ناضلت لكى لا يرى هذا التقرير النور، وحاولت ان تحُول دون نشره ، الا ان مناخ الحريه التى يتمتع به الامريكيين ويسرى بينهم زلالا ، كانت له الغلبه عما سواه.واحدث نشر هذا التقرير جرحا عميقا فى نفوس الشعوب المقهوره كما كان الجراح ،اكبر واشد وانكى، للمبرارت التى ساقها صلب ذلك التقرير من ان تلك الممارسات وصفتها بانها كانت مشروعه ،لان ما تم استخدامه من اساليب تعذيب –كما يصفونها- ب "الاستجواب المعزز " للمتهمين بالارهاب ، فى اماكن الاحتجاز "المواقع السوداء "كان الغرض منه تعطيل واحباط الهجمات الارهابيه على الاراضى الامريكيه والمواطنين الامريكيين . ومن المفجع ان استطلاعات راى الامريكيين والمقالات التى نشرت فى صحفها تعبر عن آرآء كتابها وصحفييها اظهرت تعاطف جميعهم لتلك الفظائع التى يمكن وصمها بانها اقل من الحيوانيه مهما كانت مبرراتهم على انها تدخل فى اطار الدفاع عن امن امريكا وسلامة مواطنيها الامريكييين . ولكن –ولنقتنص انتباها صار ضروريا –الحق يقال ان تلك الاساليب الوحشيه والتقنيات البوهيميه التى مارستها المخابرات الامريكيه كان لمواطنى دول اخرى كان من الاكرم لحكومات هؤلاء المواطنين ان تبادر لطلب استلامهم لمحاسبة من يثبت فعلا مقارفتهم تلك الجرائم حسابا قضائيا تقره شرائع السماء وقوانين الارض ، واخلاءا فوريا لسبيل الأبْرياء والمشتبه بهم دون جريره.... اى ان المخابرات الامريكيه كانت تاتى التعذيب - فعلا – لكن لمواطنيين ليسوا امريكيين !!وكان يتم فوق اراضى خارج الحرم الامريكى الذى يطهرونه من مثل تلك الآثام والدنايا ،فيما اسمونه "البقعة السوداء "، لقد تجاوزت ا لمخابرات الامريكيه فى تعذيب المشتبه بهم فى معتقل " جوانتنمو "الذى يقع على اراضى الجزيره الكوبيه جنوب شرق امريكا ، ابان احداث سبتمبر السابق الاشاره اليه ،ما كانت تتقيد به من لوائح كانت تلزم نفسها بها وهى ان تصلق الاعمال القذرة والاعمال الوحشيه للتنكيل بما اسموه الارهابيين من رعايا الدول الاسلاميه لاجهزة الامن فى الدول التابع لها جنسيات اولئك المتهمين سبيلا لانتزاع الاعترافات التى تعتقدها هى وتراها..وليكون المُعًذَبْ والُمعٍذِ ب من نفس الطائفه وذات الجلده ، ويهربوا هم من عقاب التاريخ ويإدِوا كراهية الشعوب لهم، ويَنْأوْ عن الحساب من أىٍ ، من كان ! ولعل –ايضا –ما استدعى الذهن لعرض تلك المسيره الوقحه لاحداث التاريخ الامريكى المعاصر وما حواه من المشائن الامريكيه التى ذكرنا منها غيض من فيض وقُطَيْراتٍ من غيث ،اخبار حوارات تامين السفاره الامركيه بالقاهره ،ومدى تخاذل السلطات المصريه فى تنفيذ حكما قضائيا مصريا وطنيا " بآتٍ "ونَهَائى، بفتح شارع امريكا اللاتينيه الواقع بحى" جاردن سيتى" المطله على نيل القاهره ،وذلك بسبب انه تقع على احدى ضفتى هذا الشارع ارض السفاره الامريكيه ، وكأن امريكا الدوله مازالت تبسط سلطانها خارج نطاقها الاقليمى على حكومات ذات سياده صارت تحترز من ان تغضبها ولو على حساب مواطنيها ومصالحها !! وهكذا الايام فى كرها والاحداث تستانف دورانها فى كنف المارد العسكرى والاقتصادى الامريكى ، خلال القرنين، العشرين، والواحد والعشرين ..لكن ربما يكون للخالق الاعظم فى مقبل الايام اراده - هى بالقطع ستكون فوق ارادة امريكا - فى اقامه عدلا إلآهِيا وليس امريكيا سيكون بكل تأكيد مغايرا له ،يليق فعلا بمكانة الانسان عنده -جل شانه. .. الذى فَضًله على سائر مخلوقاته. فإليه نبتهل ان يعصف بالظلم والظالمين وان يبدد الظلام الحالك .