نقلت لنا وسائل الأخبار اهتماما بالغا هذه الأيام للسفير البريطاني في القاهرة جون كاسن, فما بين زيارته لصباحي (المرشح الرئاسي السابق) بمكتبه حسب بيان صحفي صادر يوم الإثنين 13/10/2014، لمناقشة الأوضاع الحالية التي تمر بها مصر والوطن العربي. الى زيارته للمرشح الرئاسي السابق ايضا عبد المنعم ابو الفتوح بمكتبه بالتجمع الخامس صباح الاربعاء 17/12/2014 لمناقشة الأوضاع الراهنة, كما حملت لنا بعض الصحف ومواقع التواصل صورا للسفير وهو يتجول بشوارع المنيا بصعيد مصر حيث يلعب الكرة مع الشباب بالشارع ويشترى خضراوات من الباعة الجائلين, في الوقت الذي علّقت فيه السفارة بالقاهرة خدماتها لعدة ايام قبل أن تعاود فتحها من جديد. لقد خرجت بريطانيا من منطقتنا التي كانت معظمها إما تحت الاحتلال أو الانتداب (مصر واليمن والسودان والصومال والخليج العربي والعراق وفلسطين والاردن والمغرب), وحلت الولاياتالمتحدة محلها (نفوذا), ولم تستطع الولاياتالمتحدة الاستغناء عن التشاورمع ساسة بريطانيا فيما يخص قضايا منطقة الشرق الأوسط باعتبارها الأكثر خبرة ودراية بالمنطقة. وفي هذا السياق كتب الدكتور عبد الله الأشعل (المصريون 16/12) : " فى الاسبوع الأول من ديسمبر 2014 أعلنت بريطانيا انها اقامت قاعدة بحرية عسكرية فى البحرين حتى تبدأ مرحلة جديدة من العودة النشيطة إلى الاهتمام بقضايا المنطقة وقد أطلقت الصحف البريطانية على هذه السياسة "سياسة شرق السويس الجديدة" .. فما هى سياسة شرق السويس القديمة؟ باعتبار انها جزء أساسى فى تاريخ المنطقة العربية الحديث وحدود المقارنة بين سياسة شرق السويس فى الحالتين ومدى جدواها فى ظروف تحول النظام الدولى وظهور قوى اقليمية جديدة, وبعبارة أخرى كيف نقرأ البيئة السياسية الجديدة فى المنطقة من المنظور الجيوسياسى, فسياسة شرق السويس هى السياسة التى اتبعتها بريطانيا عندما كانت قناة السويس هى الحد الفاصل بين الممتلكات البريطانية فى الهند وبين أوروبا حيث كان حفر قناة السويس قد أحدث نقله هائلة فى الاستراتيجية الدولية من النواحى العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية, ثم أن بريطانيا احتلت مصر لاسباب كثيرة من اهمها السيطرة على قناة السويس حتى تضمن انسياب مصالحها فى شرق القناة وفى غربها. وقد أدت الحرب العالمية الثانية إلى انكشاف الأسد البريطانى والأمبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس فأصبحت بريطانيا العظمى عاجزة عن الانفاق على شبكة المصالح البريطانية والترتيبات الدفاعية شرق قناة السويس وظلت تكابر لأكثر من عقدين خاصة وأن الولاياتالمتحدة كانت قد بدأت سياسة رسمية للحلول محل الامبراطوريات الأوروبية الفانية.. كان لابد للفراغ الذى تتركه بريطانيا أن يتم شغله عن طريق الولاياتالمتحدة, وبالفعل أعلن هنرى كسنجر مستشار الأمن القومي الأمريكى فى ذلك الوقت فى صيف 1968 ما يسمى بالخطة الكبرى grand design وبموجب هذه الخطة تشرف واشنطن على الخليج لكى تحمى المصالح البترولية, لقد كان رحيل بريطانيا ايذانا بشيخوختها وحلول القوة الفتية الأميركية الجديدة محلها، أما الآن فإن بريطانيا تحاول أن تعوض انسحاب الولاياتالمتحدة الجزئى من الشرق الأوسط بأكمله إلى أسيا والمحيط الهادى. هذه المهمة الجديدة تأتى فى اطار ترتيب الأوضاع فى الخليج عندما تصبح إيران فى علاقة طبيعية مع الغرب أما إذا فشل الاتفاق مع إيران فإن وجود بريطانيا لا يعنى سوى تسليح الخليج حتى يصبح خطاً متقدماً فى حالة الصدام العسكرى مع إيران. ومن شأن هذه السياسة الجديدة التى لم تتبلور تماماً إثارة شكوك إيران ومخاوفها وارتفاع وتيرة العداء بينها وبين دول الخليج" . إن الانخفاض الكبير في أسعار النفط ,مع حالة ما كان يُسمى بالربيع العربي (اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا), ومع التغيرات السياسية في المنطقة والمقبلة عليها وخاصة في منطقة الخليج (مخاوف بشأن الخلافة في اكثر من دولة), وتزايد اهتمام امريكا بآسيا والمحيط الهادي على حساب اهتمامها بالشرق الأوسط , ودخول بريطانيا المنطقة بزخم أكبر من ذي قبل ,ومع تصويت البرلماني الأوروبي خلال جلسته اليوم الاربعاء لصالح الاعتراف بالدولة الفلسطينية وبأغلبية 498 صوتا لصالح القرار مقابل 88 صوتا ضده , .يبدو أننا أمام شرق أوسط جديد, أو لعله يعكس ما قاله "طارق البشري" أننا أمة لم تستقل بعد ..
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.