انتقدت افتتاحية صحيفة "الجارديان" البريطانية بشدة الهجوم, الذي شنته حركة "طالبان باكستان" في 16 ديسمبر على مدرسة للجيش الباكستاني في مدينة بيشاور, ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى, معظمهم من الطلبة. ووصفت الصحيفة في 17 ديسمبر الهجوم بأنه "مذبحة ضد أبرياء تظهر التطرف الإسلامي في أقسى صوره"، لكنها لامت أيضا سياسات باكستان. وأضافت "هذا الهجوم لم يأت من العدم، لأن الجيش الباكستاني كان منهمكا في قتال مستمر منذ أغسطس الماضي في مدينة وزيرستان, حيث معقل طالبان"، ومن ثم فإن الهجوم على المدرسة -بحسب الصحيفة- كان "عملا انتقاميا من الحركة ومحاولة لترويع الحكومة الباكستانية وقوات الجيش لإلغاء أو تخفيف هذه الحملات ضدها". ورجحت الصحيفة أن يأتي هذا الهجوم بعكس ما تشتهي طالبان باكستان "لأن النفور الشعبي من من قتل طلبة المدارس سيعزز بالتأكيد العداوة ضدها وغيرها من المتطرفين الإسلاميين". وكان الجيش الباكستاني أعلن في 16 ديسمبر انتهاء عملية احتجاز مئات من الطلاب في مدرسة يديرها في بيشاور شمال غربي باكستان, ومقتلَ المسلحين التسعة, الذين شاركوا فيها. وأفاد مراسل "الجزيرة" بأن عدد القتلى من الطلاب والمدرّسين ارتفع إلى أكثر من 140 شخصا, معظمهم من الأطفال الطلاب، بالإضافة إلى إصابة 122 آخرين. وأعلن الناطق باسم حركة طالبان باكستان محمد عمر خراساني في اتصال مع "الجزيرة"، مسؤولية الحركة عن العملية، وأوضح أن ستة من مسلحي الحركة هاجموا المدرسة, وهم يرتدون سترات ناسفة. وبررت الحركة استهداف المدرسة (التي كان يدرس بها نحو 500 طالب أعمارهم بين العاشرة والعشرين) بأنها مخصصة لأبناء أفراد الجيش الباكستاني، وأن العملية تأتي انتقاما لما قام به الجيش من قتل وتدمير في حق أفراد حركة طالبان في منطقة شمال وزيرستان شمال غربي باكستان, التي أدت لقتل المئات من طالبان وأفراد من أسرهم. وأضاف خراساني أن ستة مقاتلين من حركته دخلوا المدرسة، وأنه كانت لديهم تعليمات بعدم المساس بالطلبة, وإنما استهداف أفراد الجيش. وتابع "هذا هجوم ثأري بعد هجوم الجيش على شمال وزيرستان"، مشيرا إلى العملية العسكرية المناهضة لطالبان التي بدأت في يونيو الماضي. وإثر انتهاء العملية, أعلن رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف، الحداد لثلاثة أيام في البلاد، على ضحايا المدرسة، واصفا الحادث ب"المأساة الوطنية". تجدر الإشارة إلى أن الجيش الباكستاني يشن حملة عسكرية ضد حركة طالبان باكستان منذ منتصف يونيو الماضي أدت لقتل أكثر من 1600 من الحركة . ومن جهته, ندد رئيس حركة إنصاف الباكستانية المعارضة عمران خان بالهجوم، وأعلن إلغاء مظاهرة كان مقررا تنظيمها ضد الحكومة، بسبب الهجوم. وقالت الناشطة الباكستانية ملالا يوسف زاي -الحائزة على جائزة نوبل للسلام- إن "قلبها منفطر بسبب هذا العمل الإرهابي الأحمق الذي يحدث أمامنا بدم بارد في بيشاور". وقالت ملالا -التي تعرضت لإطلاق نار في رأسها من قبل مسلحي طالبان قبل عامين بسبب حملاتها لتشجيع تعليم الفتيات- "الأطفال الأبرياء في مدرستهم ليس لهم شأن بفزع مثل هذا. إنني أدين هذه الأفعال البشعة والجبانة". ومن جهته, اعتبر رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي الهجوم أنه "عمل متهور لا يمكن وصف وحشيته". كما عبر رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون عن "صدمته وذهوله لرؤية أطفال يقتلون لمجرد أنهم ذهبوا إلى المدرسة", فيما وصف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الهجوم بأنه "خسيس".