"في البيوت كما في الشوارع لا تزال نساء في شتى أرجاء مصر ترعى جماعة تسعى السلطات جاهدة كي تسحقها"، هكذا استهلت وكالة "رويترز" تقريرًا لها عن "الإخوان المسلمات"، اللاتي قالت "إنهن يعلمن الأطفال قيم جماعة الإخوان المسلمين وينظمن الاحتجاجات ويحافظن على شبكاتها ويلعبن دورًا أكثر وضوحًا في ميدان السياسة". وأضافت الوكالة إنه "مع وجود معظم قيادات الجماعة إما في السجون وإما في المنفى تصدرت نساء -عشن طويلاً في كنف هذه الجماعة- طليعة المشهد لخوض معركتها من أجل البقاء". وعلقت الوكالة على انخراط نساء الإخوان في المظاهرات والسياسة، قائلة: "دأبت نساء الجماعة منذ زمن طويل على التركيز على القيام بدور مساعد في مجالات التعليم والعمل الاجتماعي إلا أن تجربة الأشهر السبعة عشر الأخيرة أيًا كانت مرارتها شبعت هؤلاء الأخوات المسلمات - مثلما تسميهن الجماعة- بجرعة جديدة من الثقة". وتابعت الوكالة: "داخل حركة تهيمن عليها المفاهيم المحافظة للمجتمع الأبوي الذكوري يبدو من غير الواضح المدى الذي يمكن أن يذهبن إليه لكن بالنسبة إلى الكثيرات منهن.. لا للقهقرى". ونقلت عن هبة وهي إحدى الأخوات المسلمات في مدينة الإسكندرية قولها "إحنا خلاص التجربة أثبتت أني أنا أخوض وأغلط وأصلح غلطي أحسن من أني أقف بعيدة أتفرج"، وأضافت "مش هيكون فيه بالتأكيد تراجع". وأعطت "رويترز" خلفية تاريخية عن دور النساء داخل الجماعة قائلة "أنشأت الجماعة التي أسسها حسن البنا عام 1928 شعبة للنساء في ثلاثينات القرن الماضي. وبعد مرور ثمانية عقود على ذلك دفعت الجماعة بهن إلى غمار الانتخابات البرلمانية وشغلت إحداهن وهي باكينام الشرقاوي منصب مستشارة للرئيس السابق محمد مرسي خلال العام المضطرب الذي قضاه في السلطة". مع ذلك، لاحظت أنه "لم تنل أي من الأخوات المسلمات قط عضوية أعلى كوادر الجماعة وهو مكتب الإرشاد. لكنهن يساهمن في الانتخابات الداخلية للجماعة على المستوى المحلي لكنهن ممنوعات من خوض انتخابات مجلس شورى الجماعة -وهو الهيئة المنوط بها وضع سياسات الجماعة- أو الإدلاء بأصواتهن فيها". غير إنه وبحسب ما نقلت عن "أخوات مسلمات" وصفتهن بأنهن "متنفذات في الجماعة" فإن "ذلك قد يتغير لأن قيادات الجماعة -التي انفصلت عن قاعدتها الجماهيرية- تعول بشكل متزايد على النسوة والشباب بوصفهم همزة الوصل لها مع المجتمع". وتقول وفاء حفني حفيدة البنا وصاحبة الصوت المؤثر داخل الحركة "عملوا الكيان ده.. اللي هو من الستات... وبقوا يقعدوا مباشرة مع مسؤول الستات في مكتب الإرشاد.. وهذا أصبح موجودًا بهذه الطريقة بحيث يبقى وسيلة الوصل بين القاعدة والقمة..". وعلى الرغم من اعتقال بعضهن إلا انه يبدو أن الشرطة تتردد كثيرًا في اتخاذ إجراءات ضدهن بقدر أكبر من رجال الجماعة إذ تمنحهن مساحة من الحرية للانضمام إلى المظاهرات والحفاظ على تماسك الجماعة من خلال عقد الاجتماعات بصفة منتظمة. وتضاءلت الاحتجاجات مع تزايد حملات الاعتقال إلا أن النسوة يتصدرن المشهد الآن. وقالت وفاء حفني إنه في ثلاث مناطق بالقاهرة تجرى تجربة كي تضطلع النسوة بتنظيم الاحتجاجات "من الألف إلى الياء". وأتاحت ضرورة التنظيم على المستوى المحلي -بغية تجنب الاعتقال- مستوى لم يسبق له مثيل من اللامركزية في الهيكل التنظيمي للجماعة ما منح النساء والشباب من أعضاء الجماعة قدرا أكبر من الحرية للحركة. وقالت إحدى الأخوات المسلمات في الإسكندرية "غاب معظم الرجال لذا فانه دون النساء فلن توجد احتجاجات. إنها الحقيقة ولقد اعترفوا بها عدة مرات. يقولون إنه دون وجودنا فإن الأمر لن يجدي". وسبق أن قامت النساء بدور أساسي في إبقاء جماعة الإخوان المسلمين على قيد الحياة أثناء جولة سابقة من القمع في الخمسينات والستينات من القرن الماضي لكنهن تراجعن إلى الظل بعدما خفت حدة الضغط، بحسب "رويترز". وقال خليل العناني الخبير في الجماعات الإسلامية في جامعة جون هوبكنز الأمريكية، إن البروز المتنامي للمرأة مسألة مهمة لكن ليس من الواضح ما إن كان يمكن أن تحدث أي تطور في التسلسل الهرمي داخل الجماعة. وأضاف "دور المرأة كان مدفوعا بأزمة وليس بتغيير فكري لكن يمكن لذلك أن يؤدي إلى تغييرات في المستقبل." وتابع أن "الإخوان المسلمين في فترة انتقالية". وتقول الأخوات إن دورهن يتطور بالفعل. وتنتخب المرأة الآن لتقود الأسر النسائية وهي مجموعات محلية تمثل لبنات البناء للجماعة. وفي السابق كانت زوجات زعماء الأسر يعملن كنائبات غير رسميات بخصوص المرأة. وفي بعض المناطق تنتخب نساء لقيادة شعب المرأة وكل شعبة منها مسؤولة عن عشرات الأسر رغم أن المرأة ما زالت تركز على تعليم الفتيات كيف يصبحن زوجات وأمهات صالحات وسفيرات للإخوان المسلمون في المجتمع. ويقول البعض إن التحركات كانت جارية على قدم وساق لانضمام المرأة إلى مجلس الشورى قبل أن تدفع حملة القمع الجماعة إلى تركيز جهودها على مجرد البقاء على قيد الحياة وستواصل المرأة لاحقًا الضغط من أجل مزيد من السلطة. وقالت وفاء حفني وهي أستاذة للغة الانجليزية ومسؤولة شعبة إنه يوجد أمران تصر عليهما المرأة على مستوى الجماعة وهما أن تمثل بقوة في الشورى ومكتب الإرشاد. وما زالت الانقسامات قوية بشأن ما إن كان يمكن للمرأة أن تقود الرجال أو أن تتولى منصب المرشد العام نفسه. وحتى النسوة اللواتي يردن الإصلاح يعتبرن أن دورهن كزوجات وأمهات له الأولوية. لكن الأزمة فرضت التغيير على المرأة الإسلامية طوعا أو كرها. وتعتبر المعركة شخصية بالنسبة لكثيرات. وتصف شيماء وهي تجلس في مكتب زوجها في الإسكندرية كيف تغيرت حياتها منذ إلقاء القبض على زوجها المحامي الحقوقي خلف بيومي في سبتمبر 2013 وابنها البالغ من العمر 16 عاما وشقيق بعد ذلك بخمسة أشهر. ودرست شيماء القانون لكنها تخلت عن ممارسة المحاماة لترعى أسرتها. وتتولى الآن عبء متابعة قضايا زوجها وهي العائل الرئيسي للأسرة وترعى أيضا ابنيها الأصغر وتتولى القيام بزيارات للسجن وتقديم المساعدة القانونية. وقالت إن "المرأة فقدت دورها كامرأة.. ونساء التيار الإسلامي كانوا غالبا ما بيفكروش بالعمل. كانت أفكارهم بتربية الأولاد أو البيت أو العمل الدعوي." وأضافت أنها مثال لكثيرات.