اعتراف الإخوان ب «خارطة الطريق» ونبذ العنف مقابل دمجهم فى الحياة السياسية وتعويض شهداء رابعة والنهضة تسببت الأوضاع المتسارعة في مصر، فى ظل الأجواء التي أحاطت ب "انتفاضة الشعب المسلم"، وقرار الرئيس الأمريكى باراك أوباما بإقالة وزير دفاعه تشاك هاجل، الداعم الأول لأحداث الثالث من يوليو، وما تبعها من ضجة حول علاقته بما يحدث فى مصر خصوصًا بعد تفجيرات كرم القواديس، في خلط الأوراق على الساحة المصرية حول تغير استراتيجي محتمل في تعاطي الإدارة الأمريكية مع الملف المصري. عزز من ذلك خروج إشارات من شخصيات، معروفة بقربها من الإدارة الأمريكية، مثل الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مركز "بن خلدون للدراسات الإنمائية"، ورجل الأعمال نجيب ساويرس تطالب بدمج "الإخوان المسلمين" فى الساحة السياسية عبر مصالحة وطنية وتطبيق العدالة الانتقالية. وكشفت مصادر دبلوماسية، عن أن هناك مخاوف الإدارة الأمريكية من تفاقم الأوضاع في مصر ما دفعها إلى مفاتحة السلطة في مصر لتحذيرها من أنها تسير في طريق لانهاية لها، وأن غياب الاستقرار الأمني سيصعب من محاولته لمعالجة الصعوبات الاقتصادية، وعليها أن تبحث عن حل سياسى يعيد الاستقرار والمصالحة إلى ربوع مصر. وعلمت "المصريون"، أن شخصيات مصرية مرتبطة بدوائر أمريكية تستعد حاليًا عبر تأسيس ما يطلق عليه "لجنة الحكماء2"، لإطلاق مبادرة للمصالحة الوطنية في مصر، تتضمن ضرورة إعلان "جماعة الإخوان نبذ العنف"، والاعتراف ب "ثورة 30يونيو وبخارطة الطريق"، مقابل الإفراج عن بعض قادة الجماعة "ممن لم يتورطوا فى أعمال العنف أو حرضوا عليه". وتتضمن المبادرة إعادة دمج الإخوان فى الساحة السياسية وتأسيس حزب سياسى، والبحث فى إمكانية العفو عن قادة الجماعة حال صدور أحكام باتة ونهائية ضدهم فضلاً عن صرف تعويضات جميع ضحايا اعتصامى رابعة العدوية والنهضة واعتبارهم من شهداء الثورة. وأفادت مصادر مطلعة ل "المصريون"، أن الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، الفقيه الدستوري، ووزير الإعلام الأسبق، والدكتور سعد الدين إبراهيم، ورجل الأعمال نجيب ساويرس، والدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية، وعدد من رموز التيار الإسلامي الموالين للسلطة الحالية، مثل الدكتور كمال الهلباوي والدكتور ناجح إبراهيم والمحامى مختار نوح قد يلعبون دورًا محوريًا في إتمام المصالحة. غير أن هناك من استغرب بشدة من طرح مبادرات فى هذا التوقيت، معتبرين أن الحديث عنها غير واقعى فى ظل تباعد المواقف بين الدولة وجماعة الإخوان وعدم وجود أى قواسم مشتركة بين الطرفين، وهو أمر يدعمه بشدة الدكتور ناجح إبراهيم منظّر "الجماعة الإسلامية"، الذى يرى أن "انتفاضة الشباب المسلم" قد أغلقت الطريق وبشكل شبه نهائى أمام محاولة المصالحة. وتابع "أجواء التوتر الحالية لا تؤشر لحدوث مصالحة، لاسيما أن السلطة لا تتعرض لضغوط جدية للسير فى هذا المسار، فضلاً عن القيادة الحالية لجماعة الإخوان لاتتمتع بالمرونة التى تجعلها قادرة على الوصول لتسوية". ورفض إبراهيم الربط بين قرار إقالة وزير الدفاع الأمريكى تشاك هيجل واحتمالية حدوث تغيير على موقف الإدارة الأمريكية تجاه مصر، قائلاً "السلطة فى مصر قد مكنت لنفسها فى الداخل والخارج، والحديث عن تغير موقف إدارة أوباما من مصر أمر فى غاية الصعوبة وما هى إلا أمنيات يرغب البعض فى تحقيقها". من جهته، قال الدكتور طارق فهمى أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إن الحديث عن أى مصالحة بين الدولة والإخوان يبدو حاليًا شديد الصعوبة، إذ لا توجد أى مؤشرات إلى ضغوط دولية تتعرض لها الدولة تجبرها على تبنى هذا النهج. وقلل من أهمية الدعوات التى تطلق من بعض الشخصيات الوطنية التى قد تكون إعلامية فى المقام الأول، لكن لا يوجد تصور جدى للقيام بهذه المهمة حاليًا، مؤكدًا أن الدولة والإخوان لم يقدما إشارات على قرب حدوث هذا التطور فى المستقبل المنظور. ونفى وجود علاقة بين إقالة وزير الدفاع الأمريكى وتغيير محتمل في السياسة الأمريكية تجاه مصر، قائلاً "الأمر يعود فى مجمله إلى تعثر الاستراتيجية الأمريكية فى الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام وبعض التطورات فى شرق أوكرانيا والمواجهة مع روسيا، مشيرًا إلى أنه لا توجد أى علاقات لإخفاق هيجل بالوضع في مصر.