الحكم الذي صدر على أبو محمد المقدسي خمسة أعوام، ود. إياد القنيبي عامين ونصف العام بتهمة دعم حركة طالبان بمبلغ 500 دولار فقط، ذهبت لعائلة أفغانيَّة فقيرة، هو حكم مخجل ومحزن، وصادر عن قضاء عسكري غير مستقل، وبإدارة أمنيَّة واضحة لحيثيات القضية. هذا الحكم يسير في الاتجاه المعاكس تمامًا لتوجه المقدسي مع عدد من مفاتيح التيار لإعلان النهج السلمي للدعوة الجهاديَّة ورفض العمل المسلح في الأردن، فهو يأتي ليؤكد أنّ هنالك اتجاهًا داخل الدولة لا يرحب بذلك، ويريد أن يبقى "الاستثمار" قائمًا في قضية العنف والإرهاب على المستوى الرسمي، وإلا فإن هذا الحكم بمثابة "قطع للطريق" لتكريس النهج السلفي الجهادي الجديد، وضربة قاسية له، والخشية أن تكون النية ذاتها مبيتة ضد معتقلي التيار في أحداث الزرقاء! أما د. إياد القنيبي فهو أستاذ في الصيدلة، له مواقفه الدينية والفكرية وأتباعه، ورؤاه، لكنه ليس من دعاة العنف في الأردن، بل ومن الممكن أن يلعب دورًا كبيرًا في ترشيد توجه التيار الجهادي، فكان الخيار الرسمي- الأمني هو الزجّ به في السجن! فوق هذا وذاك، هل يمكن أن يخبرني أحد كيف يصبح دعم الأفغان بمبلغ 500 دولار جريمة في القانون الأردني، ويحكم على مرتكبها بهذه العقوبة القاسية وغير المنطقيَّة! وهل يزج بدكتور في الصيدلة في السجن بسبب 500 دولار، دفعت لعائلة فقيرة أفغانيَّة! كل ما في الأمر أن القضية الملفقة غير المنطقية المخجلة التي حوكم عليها المقدسي والقنيبي وغيرهم إنما هي لعبة أمنيَّة وسياسيَّة وانتقام من هذين الشخصين بأي وسيلة، وهو ما يرهن الأمن الوطني والدولة والقضاء لحسابات شخص واحد فقط، ربما (بل بالتأكيد) كلها خاطئة! ما حدث فضيحة من الوزن الثقيل وإساءة للأردن، ومصادرة على آراء الناس وتوجهاتهم، فضلًا عن أنّنا أمام قضية لا تخضع لمعايير قانونيَّة، بل أمنيَّة وسياسيَّة، وينعكس على المزاج الشعبي تجاه الدولة التي يريد البعض أن يقدّمها وكأنها تعمل وفق الأجندة الأمنية في العالم بأسره، حتى في أفغانستان وموزامبيق. أعتقد أنّ هذه أحكام ظالمة، وهي تؤثر على الأمن الوطني إذ تضعف من النزوع السلمي لهذا لتيار وتوجهه نحو "سلمية الدعوة" من جهة، وتعيد التذكير أو تأكيد مقولات القاعدة بأنّنا نعمل تمامًا على السكة الأمريكيَّة في المجالات جميعها. المصدر: الاسلام اليوم