سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
انقسامات حادة حول الاحتكام لقانون الغدر في محاكمة مبارك.. أبو شقه اعتبره حماية للثورة وقانونيون يصفونه ب"الدنيئ" وأن عبد الناصر اخترعه ل"تصفية" الحسابات
أثنى الدكتور بهاء الدين أبو شقة الفقيه الجنائي، نائب رئيس حزب "الوفد" على قرار الحكومة بتفعيل "قانون الغدر" الذي تم إقراره في أعقاب ثورة 1952، وينص على عدة أفعال يعد مرتكبها مستحقًا للعقاب بجريمة الغدر بالوطن. وعرف أبو شقة "الغادر" في اللغة ب "خيانة الثقة " التي وضع فيها، وحينما سمي ب "قانون الغدر" قصد به كل الأشخاص الذين أأتمنهم الشعب ووثق بهم خانوا هذه الثقة، وأضاف: كان يمكن أن يعرف بقانون "العزل السياسي"، بناء على اقتراف جريمة سياسية، مشيرًا إلى ضرورة التفرقة بين أمرين الجريمة الجنائية والجريمة التأديبية السياسية. وقال في مقابلة مع قناة "النيل للأخبار"، إن المادة 2 من "قانون الغدر" تنص على عزل سياسي لفترة محددة، وذلك لكل من أفسد في الحياة السياسية، وإبعاد الأشخاص الذين خانوا الثقة تخوفًا من تأثيرهم السلبي على المجتمع والحياة السياسية. وأشار إلى أن الهدف من تفعيل "قانون الغدر" هو حماية الثورة من الذين أفسدوا في الحياة السياسية لفترة زمنية محددة. لكن عبد الله خليل المحامي بالنقض والاستشاري لحقوق الإنسان، اعترض على تفعيل هذا القانون، وقال إن "تفعيل قانون الغدر باعث سياسي دنيء"، مؤكدًا أنه ليس مع استدعاء قوانين استثنائية لتطبيقها على مرحلة لا تتناسب مع القانون. وأضاف إنه ليس مع ارتكاب جرائم القوانين السياسية ولا تزوير الانتخابات، لكنه ضد استدعاء قوانين استثنائية، موضحًا أن الثورة حينما جاءت كانت لإسقاط القوانين الاستثنائية مثل "قانون الطوارئ" و"قانون الأحكام العرفية" ولم تأت من أجل استعادة قوانين استثنائية أخرى مثل "قانون الغدر" الذي طبقه الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر في عام 1952، "لتصفية حسابات". ورأى أن تطبيقه في الوقت الراهن غير ملائم، مشيرًا إلى أن "قانون الغدر" لا يتناسب مع عام 2011، وأن لكل عصر من العصور فقهاء في القانون وحينما صدر "قانون الغدر" كان مرتبطًا بإنشاء دستور جديد، لكن من الصعب تطبيق، لأن آليات تفعيله ليست مناسبة لهذه الظروف وهذه المرحلة. وتساءل قائلاً: كيف سيطبق القاضي هذا القانون على ملايين أفسدوا في الحياة السياسية وهم من أعضاء الحزب "الوطني وقياداته"، فهذا أمر صعب جدًا لو طبق بشكل عملي، مؤكدًا أن من يريدون تطبيقه عليهم أن يشرحوا كيف سيطبقون. وذكّر أن اللجنة التي شكلها عبد الناصر لتطبيق "قانون الغدر" كانت من مشكلة من مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء، أي أنهل لجنة سياسية بلا قضاة، ونظرت محكمة عسكرية القضايا المحالة إليها. وتساءل قائلاً: فهل يعقل ونحن في القرن الواحد والعشرين أن يسمح للسياسيين أن ينتزعوا سلطات قاضي التحقيق تحت ادعاء حماية الثورة ومحاربة الفساد السياسي؟، واصفًا "قانون الغدر" بأنه "قانون فاسد وخارج عن الشرعية وعن القانون ونحن أمام دولة قانون وسيكون سبة في جبين الثورة لو تم تفعيله. لكن أبو شقة اعترض على تلك المبررات لعدم تفعيل القانون، وقال إن اللجنة التي سيشكلها الدكتور عصام شرف ستكون من القضاة وليست من السياسيين أو العسكريين، وبالتالي ستكون لجنة شرعية لست فوق القانون، مشيرًا إلى المبدأ القانوني: "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني"، وهذا قانون موجود بالفعل ولم يتم إلغاؤه ولم يتم استبداله بآخر، وبالتالي فطالما توافرت كل شروط تطبيقه على الحالة التي نمر بها فلا غضاضة في استدعائه حتى وإن لم يطبق لعشرات السنوات، فليس معنى هذا أنه تم إلغاؤه بل هو قانون موجود قابل للتطبيق. وشدد على "أننا في أمس الحاجة لتفعيل وتطبيق "قانون الغدر"، لأننا مقبلون على انتخابات برلمانية، وما لم يفعّل هذا القانون قبل الانتخابات سيقفز من أفسدوا الحياة السياسية على البرلمان والشورى وهذا خطير جدًا على الثورة ولن يقبله الشعب". وقال إن ما ارتكبه الرئيس السابق حسني مبارك وأعوانه من إفساد للحياة السياسية وتزوير الانتخابات والتلاعب بإرادة الشعب يندرج تحت "قانون الغدر"، والعقوبة التي ينص عليها القانون تتمثل في: تقييد حرية هؤلاء المفسدين وحرمانهم من تأدية الوظائف العامة لفترة زمنية محددة وفرض غرامات العقوبات التأديبية، وبالتالي نضمن بتفعيل هذا القانون خلو الفترة القادمة منهم. لكن عبد الله أصر على رفضه لتفعيل "قانون الغدر"، وقال أنه غير مناسب لهذه المرحلة، مشيرًا إلى ما أسماها ب "عولمة القوانين"، المرتبطة بآليات جديدة تلائم القرن الواحد والعشرين وآليات تنفيذها سهلة ومتاحة. وذكّر الناشط الحقوقي أن الرئيس الراحل أنور السادات رفض تطيق قانون الغدر في عام 1971، ولو كان ذا جدوى لكان فعله وطبقه بناء على نصيحة القانونيين لكنه رفض، فكيف للدكتور عصام شرف وبعد كل هذه السنوات أن يستدعي قانونًا استثنائيًا لا يتناسب مع المرحلة الحالية لتطبيقه. وحذر من خطورة تطبيق القانون المثير للجدل، قائلا: "أنا أرى أن فيه خطورة على دولة القانون وعلى الثورة، والتي جاءت لتحارب القوانين الاستثنائية لا تعيد قانون الغدر الاستثنائي".