سياسيون وخبراء: تشكيلها غير دستوري.. وستؤدي إلى مزيد من الاحتقان وتفكك المجتمع
"كما تدين تدان"، هكذا تطبق هذه المقولة على جماعة الإخوان المسلمين اليوم.. فبالأمس القريب قامت جماعة الإخوان المسلمين بعزل رجال الحزب الوطنى من الانتخابات البرلمانية أثناء وجودها فى السلطة، واليوم تدور الدائرة على الإخوان، حيث تنادى بعض القوى السياسية بعزل أعضاء الجماعة من الحياة السياسية، والعمل على تشكيل لجان لمراقبة القوائم الانتخابية للكشف عن أي عناصر إخوانية ضمن قوائم الأحزاب المرشحة للبرلمان القادم، وقد بدأت قوى سياسية بالفعل تشكيل لجان تضم شخصيات قانونية وسياسية وخبراء فى مجال حقوق الإنسان لمراقبة القوائم الانتخابية فى انتخابات مجلس النواب المقبلة، والكشف عن أى عناصر إخوانية تخترقها، لمنع تسلل التنظيم إلى البرلمان. وأكدت بعض القوى السياسية التى تنوى تشكيل لجان لمراقبة الإخوان ومنعهم من التسلل إلى القوائم الانتخابية للبرلمان المقبل، أن تشكيل اللجان هدفه الكشف عن أعضاء الإخوان والجماعات المتطرفة المتاجرة بالدين، الذين سيحاولون اختراق قوائم الأحزاب المدنية والتسلل إلى البرلمان وإبلاغ الجهات المسؤولة عن أسمائهم فورًا. وفى إطار ذلك، رصدت "المصريون" آراء المحللين والخبراء فى قيام بعض القوى السياسية بتشكيل لجان لمراقبة أى عناصر إخوانية ضمن قوائم الأحزاب المرشحة للبرلمان لعزل جماعة الإخوان من الانتخابات البرلمانية القادمة. العزباوي: لجان منع الإخوان ستكون أداة للتصفية السياسية بين الأحزاب فى البداية، يقول الدكتور يسرى العزباوى الخبير السياسى بمركز الأهرام للدارسات السياسية والاستراتيجية، إن إنشاء لجان سياسية وأمنية وقانونية لمواجهة ترشح نواب الإخوان فى جميع الدوائر الانتخابية للبرلمان القادم، هو أشبه بحملة "امسك فلول"، التى ظهرت فى عام 2011 لملاحقة نواب الحزب الوطنى، موضحًا أن تلك الحملات الدعائية يكون تأثيرها معنويًا وليس لها شكل قانوني. وأضاف العزباوى، أن مثل هذه الحملات سيكون لها تأثير على المجتمع فى ظل حالة الرعب التى يشهدها المواطنون من جراء العمليات الإرهابية التى تحدث بشكل متكرر، وأنها ستخدم بالأساس النظام السياسى، وستؤثر فى العملية الانتخابية. وربما تشهد الفترة القادمة حملات تشويه بين الأحزاب وبعضها البعض والتراشق فيما بينهم بضم عناصر من الفلول وعناصر من جماعة الإخوان المسلمين، وتأثير هذه الحملات سيؤثر على اتجاه الناخب المصرى الذى يوجه صوته الانتخابى حسب انتمائه، سواء لأحزاب المعارضة أو الفلول أو جماعة الإخوان المسلمين. وأشار العزباوى إلى أن نبرة الإقصاء موجودة فى الشارع المصرى، عندما ثار الشعب ضد أعضاء الحزب الوطنى وطالبهم بالابتعاد عن الحياة السياسية، بل سعى مجلس الشورى السابق إلى إصدار قانون العزل السياسى لمنعهم من الترشح، ولكن سرعان ما تبدل الوضع وتغيرت الملامح وأصبحت جماعة الإخوان المسلمين فى هذا الوضع، وطالب أعضاء النظام الحالى بعزلهم سياسيًا من المجتمع، وهذا ما دعا بعض القوى السياسية إلى تكوين مثل هذه اللجان، فهناك تخوفات من قبل النظام الحالى من جماعة الإخوان المسلمين، الذين ما زالوا يمتلكون شعبية على الأرض مستمدة من وجود التنظيم ووجود دعم مالى معهم. عبد ربه: القانون والإرادة الشعبية هما الفيصل فى اختيار أعضاء البرلمان من جانبه، يشير الدكتور أحمد عبد ربه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن منع جماعة الإخوان المسلمين من الترشح، يجب أن يكون بشكل قانونى ولا يتم من خلال لجان ينشئها بعض الأشخاص ليس لهم أى صفة حقيقية فى الشارع. وإذا رأى القانون أن الشخص المرشح لخوض الانتخابات البرلمانية أيًا كانت صفته هو شخص إرهابى أو مخرب ويخالف القانون، فيجب منعه ومحاكمته من جانب القضاء، فبذلك لا يستطيع ترشيح نفسه من الأساس، أما إذا رأى القضاء غير ذلك فيسمح له بالترشح والتوقف عن التشهير. وأشار عبد ربه إلى أن هذه اللجان يمكن أن يتم استغلالها فى التصفية السياسية بين الأحزاب، عقب اتهام أعضائها بأنهم ينتمون إلى جماعة الإخوان، ويستغلون مناهضة النظام للجماعة دون دليل واضح، خاصة أنه لا يمكن محاسبة هذه اللجنة التى ستستغل محاربة النظام للجماعة من أجل تصفية حساباتها الشخصية، وأن مثل هذه اللجان هى فعل غير ديمقراطى وإذا كانت هناك وسيلة تمنع دخول المخربين والإرهابيين مجلس النواب، فيجب أن تكون عبر القانون الذى يطبق على الجميع، مشيرًا إلى أن الحكم فى النهاية على الشخص يجب أن يكون من خلال إرادة الناخبين وحسب ما ينتجه صندوق الانتخابات، فإذا ارتضى الشعب شخصًا معينًا، حتى إذا وصف بأنه من الإخوان أو غيره، طالما أنه لا يخالف القانون، فيجب اعتراف المجتمع به. عمران:عدم تطبيق القانون سمح بظهور أدوات تسعى إلى تفكيك المجتمع من جانبه، أشار اللواء عبد الحميد عمران الخبير الأمنى والاستراتيجى، إلى أن مطالبة بعض القوى السياسية بتشكيل لجان لمنع الإخوان من البرلمان غير قابل للتطبيق، لأنه ناتج عن قراءة شخصية تتم بطريقة غير قانونية، مشيرًا إلى أن مثل هذه اللجان التى تتبنى التصنيف وفق آرائها ومعتقداتها من شأنها أن تضاعف تفكك المجتمع وزيادة حدة الاحتقان الموجود فى الشارع المصرى، عن طريق خطوات مرتجلة هدفها الأساسى استبعاد الخصم السياسى، وهذا لا يجوز، فالاستبعاد النهائى غير مطلوب وإنما يمكن محاسبته على أخطائه إن ثبتت. وأضاف عمران، أنه فى الدول الأخرى مثل أستراليا أو أمريكا، لا يجوز استبعاد الخصم السياسى، فلا يستطيع الحزب الجمهورى استبعاد الحزب الديمقراطى، ولكن فى ظل الأحداث التى تشهدها مصر، أصبح كل شيء مباحًا، حتى لو كان مخالفًا للقانون. فلا توجد أجهزة أمنية تستطيع وقف هذه اللجان التى يسعى إلى إنشائها البعض، وذلك لأن القانون غير مطبق من الأساس، فأصبح ذلك قاعدة لتجاوزه، فمبارك يجرى حوارات صحفية وهو سجين، وهذا غير قانوني. فكل ما يقال ويصرح به يوضع فى إطار حالة الفوضى العامة والفوضى السياسية أو التشتت الاجتماعى الذى يعيشه المجتمع المصرى، وأن مثل هذه اللجان ستخلق حالة من التفكك الأمنى فى المجتمع وخلق نوع من التجسس بين المواطنين، وهذا تصرف مرفوض فى مصر. عبود: الشعب المصرى قادر دون وصاية أحد أن يفرز ويختار من سيمثله فى البرلمان من جانبه، قال سعد عبود القيادى بحزب الكرامة، إن اللجان السياسية التى تنوى بعض القوى السياسية القيام بها القيام بها غير شرعية من حيث المبدأ، لأن الشعب المصرى هو صمام الأمان لمجلس النواب، والشعب المصرى لا يريد وصاية من أحد، ثم إن اللجان السياسية التى يتحدثون عنها عليها عدة تساؤلات، أولها من سيرأسها ومن سيشكلها ومن سيمولها، وبأى صفة ستعمل وما سلطاتها، إلى آخر هذه التساؤلات، فينبغى علينا أن نعلم أن مثل هذه اللجان ضررها أكثر من نفعها وستؤتى بنتائج سلبية. وأضاف عبود، أن الشعب المصرى قادر دون وصاية أحد أن يفرز ويختار من سيمثله فى البرلمان، فالشعب المصرى نجح فى إسقاط نظامين، وعنده القدرة على اتخاذ القرار ويعلم من سيمثله فى المجلس القادم، فلا فائدة إذًا من اللجان السياسية التى لا نعلم عنها شيئًا حتى الآن، فكل ما يثار حولها كلام مطاطى ولم يتم تحديد هدفها، وتثار حولها شكوك وأسئلة عديدة. عبد العزيز: اللجان السياسية غير دستورية وغير قانونية وفى السياق ذاته، أكد هشام مصطفى عبد العزيز رئيس حزب الإصلاح والنهضة، أن فكرة إنشاء اللجان السياسية لمراقبة الإخوان غير قانونية وغير دستورية، لأنه لم يصدر قانون عزل سياسى للإخوان، كما أنه يحق لكل مصرى الترشح فى الانتخابات، فاللجان السياسية التى يتحدثون عنها غير دستورية وغير شرعية ولن تجدى شيئًا. وأضاف عبد العزيز، أن سبب الارتباك فى المشهد الحالى هو الإخوان المسلمين والنظام الذى لا يعرف كيف يتعامل معهم بشكل صحيح، فالإخوان أنفسهم أعلنوا أنهم لن يدخلوا الانتخابات البرلمانية، وإن دخلوا فسيكون هدفهم إفشال الحياة السياسية ليس أكثر، كما أن عملية الإقصاء من عدمها لا ينبغى لنا أن نتحدث فيها إلا حينما يعترف كل من ساهموا فى تعقيد المشهد الحالى، سواء الإخوان أو النظام أو الحزب الوطنى بفشلهم، مشيرًا إلى أن فكرة اللجان السياسية لمنع الإخوان وغيرهم، فهى غير دستورية وغير قانونية. كما أكد عبد العزيز أنه من يتعاون مع نظام قامت عليه ثورة شخص مخطئ، فلا ينبغى لأحد أن يتعاون مع فلول الحزب الوطنى وكذلك الإخوان، مشيرًا إلى أن النظام الحالى لا يريد إرجاع فلول الحزب الوطنى، وإنما يريد أن يضرب قوة الإخوان بقوة الحزب الوطني، لأنه ليس من المعقول أن يتعاون النظام الممثل فى الجيش مع الحزب الوطنى، فهناك عداء واضح بين الحزب الوطنى والنظام الحالى وكذلك مع الإخوان، فالمشهد برمته معقد جدًا، ولن ينصلح إلا إذا كنا نمتلك إدارة قوية تستطيع التعامل مع الأزمات.