سربت مصادر سياسية تقارير عن إجراء تعديل وزاري قبل نهاية الصيف الحالي يطيح برئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف، بعد الانتقادات العديدة التي وجهت له خلال الفترة الماضية ، واتهامه بالقصور والعجز عن تنفيذ برنامج الرئيس مبارك الانتخابي والخروج بالاقتصاد المصري من أزمته. ورشحت المصادر جمال مبارك نجل الرئيس وأمين لجنة السياسات لخلافة الدكتور نظيف، إلى جانب كل من رشيد محمد رشيد وزير الصناعة ، والدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية ، وفاروق العقدة محافظ البنك المركزي ، والمستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات. يأتي ذلك في الوقت الذي ترددت فيه أنباء قوية عن توقيع الرئيس مبارك على قرار بتعيين اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات نائبًا لرئيس الجمهورية، في خطوة من شأنها طمأنة المؤسسة العسكرية إلى وجود شخصية عسكرية ضمن دائرة صنع القرار وعدم تجاهلها في تقسيم الكعكة السياسية، حسبما أكدت المصادر. وعلمت "المصريون" أن اختيار جمال مبارك لرئاسة الحكومة جاء في إطار سعيه لاكتساب شعبية في الشارع المصري، بعد أن اتهم بالابتعاد عن القواعد الشعبية والبقاء بجانب رجال الأعمال، وفي ظل ترجيحات بإدخال عدد من التعديلات المهمة على الدستور تعطيه صلاحيات كبيرة ، وتمهد لتمرير سيناريو التوريث. في سياق متصل، طرح الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية مرشحًا محتملاً على قائمة المرشحين لخلافة نظيف، في خطوة قد يلجأ إليها النظام لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد؛ أولها إرضاء الأقباط الغاضبين من عدم إسناد مناصب مهمة لهم في الدولة، وقطع الطريق على لوبي أقباط المهجر الذي قطع شوطًا كبيرًا في تحريض الأممالمتحدة والإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي ضد مصر، بزعم تعرض الأقباط للاضطهاد وحرمانهم من الوظائف العليا في الدولة. وأشارت المصادر إلى أن تعيين غالي في رئاسة الحكومة سيلقى رضًا وقبولا قويا لدى واشنطن والدول الأوروبية ، وسيحسن من فرص التعاون الاقتصادي مع الولاياتالمتحدة والمؤسسات المالية الدولية التي ستسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية، كما سيحدث توازنًا في الداخل ويهدئ من مخاوف العلمانيين الذين أصيبوا بالرعب من الصعود السياسي الكبير لجماعة "الإخوان المسلمين" في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. ويبدو المهندس رشيد محمد رشيد الذي ارتفعت أسهمه بقوة بعد العلاقات القوية التي أقامها مع أمريكا وإسرائيل عقب توقيع اتفاقية الكويز المرشح الثالث المطروح لرئاسة الحكومة الجديدة، لكونه من الشخصيات المقربة من لجنة السياسات وينظر إليه قادة الحزب الوطني الإصلاحيين على أنه من العقليات التي تحمل فكرا اقتصاديا وسياسيا يتوافق مع الفكر الجديد للحزب. على صعيد آخر، علمت "المصريون" أن الصيف الحالي سيشهد تغييرات مهمة وجذرية في البنية السياسية للنظام الحاكم والمشهد السياسي العام في مصر. وأشارت المصادر إلى أن هناك أنباءً قوية عن التخلص من بعض قادة الحزب الوطني ورئيسي مجلسي الشعب والشورى؛ إذ سيتم اختيار رئيس جديد لمجلس الشعب بديلاً عن الدكتور فتحي سرور الذي انهارت أسهمه بشدة بسبب أزمة معركة النائب طلعت السادات ضد أحمد عز رجل لجنة السياسات. واعتبرت أن الدكتور سرور فشل في معالجة الأزمة التي ألحقت أذي كبيرًا بصورة نظام الحكم أمام الرأي العام، في ضوء علاقة عز القوية بجمال مبارك. كما سيتم اختيار رئيس جديد لمجلس الشورى خلفًا لصفوت الشريف، ورجحت المصادر اختيار الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون النيابية لهذا المنصب، في حين سيحتفظ الشريف بمنصبه كأمين عام للحزب الوطني. ومن المقرر أن تتم هذه الخطوات خلال الفترة القادمة قبل بدء الدورة البرلمانية الجديدة في نوفمبر القادم . من جانبه، رجح السفير عبد الله الأشعل الدبلوماسي والمحلل السياسي تنفيذ هذا السيناريو في المرحلة المقبلة، معتبرًا أن قرار توريث السلطة اتخذ بالفعل وأن ما يحدث حاليا هو ترتيب البيت المصري من الداخل تمهيدًا للتغييرات المرتقبة. وأوضح أن تعيين سليمان في منصب نائب رئيس الجمهورية هدفه انتزاع تأييد المؤسسة العسكرية لملف التوريث ، وطمأنة هذه المؤسسة على استمرار دورها المؤثر في إدارة شئون البلاد، مشددًا على أن التخلص من الحكومة الحالية أصبح مسألة وقت بعد أن تسبب نظيف للنظام في مشاكل عديدة بسبب افتقاده للخبرة السياسية. كما توقع الدكتور يحيى القزاز أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان تمرير سيناريو التوريث من خلال الدفع بجمال مبارك في منصب رئاسة الوزراء ، ثم تنحى الرئيس مبارك عن السلطة لأسباب صحية، وذلك لتهيئة الساحة لقفز نجله إلى سدة السلطة، مرجحًا تقديم النظام تنازلات كبيرة من أجل انتزاع تأييد القوى الدولية لهذا السيناريو.