القضاء المصري بصفة عامة نزيه وعادل ، لكن هذا لا يمنع أن يكون من بين المنتسبين إليه والعاملين فيه من لا علاقة له بالنزاهة والعدالة ولا صلة له بالشرف وهذا ما أيده الواقع ،وإلا لما رأينا أو سمعنا أو قرأنا عن قاض مرتش أو مزور أو منحرف، وأمر طبيعي وعادي جدا أن يكون في كل مهنة الصالح والطالح ، فالقضاة ليسوا ملائكة معصومين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، ولا يضر الشرفاء منهم ولا يعيبهم أن يوجد بينهم من لا يستحق شرف الانتساب إلي المهنة المهيبة الرفيعة مهنة الحق والعدل والميزان ، ولكن الذي يشين الجهاز ويعيبه ويجلب له العار وسوء السمعة ألا يطهر نفسه وينفي خبثه من أمثال هؤلاء مكتفيا بالحديث عن نزاهة القضاء وعدم المساس بهيبته ، وبالمثال قد يتضح الكلام ، واحد من القضاة الجميع في مصر يعرفه عن طريق متابعة أحكامه المثيرة للجدل والتي غالبا ما أتت على هوي السلطة المخلوعة خاصة فى القضايا ذات الطبيعة السياسية عندما يكون أحد خصوم السلطة أو أحد أذنابها طرفا فيها ، ومن المفارقات أن اسم هذا " القاضي " مشتق من العدالة التي بينه وبينها قطيعة وخصام ، و أظهرت وثائق أمن الدولة المسربة أثناء الثورة علاقته الوثيقة بالجهاز سىء السمعة الذي غير اسمه ونرجو ونتمنى ونأمل أن يكون قد غير من فكره و طريقة عمله !!، كان المذكور أحد أسلحة النظام البائد ويده الغليظة التي تبطش بخصومه وتؤدبهم فتصدر أحكامه مغلظة مشددة تراعي الحد الأقصي للعقوبة علي جرائم قد لا يكون لها وجود ولا أدلة إلا في تحريات أمن الدولة المنحل ، نذكر منهم أيمن نور و خيرت الشاطر ومجدي حسين وسعد الدين إبراهيم ، وهو في نفس الوقت يد حانية تلتمس التخفيف والأعذار للفاسدين المفسدين من حلفاء النظام المخلوع وأذنابه الذين نهبوا أموال الشعب وأنفقوها في الملذات والشهوات و مطاردة الفاتنات الجميلات ، وكله بالقانون ، ومن المفارقات المثيرة للقرف أن يوكل إلي هذا الشخص بعد الثورة محاكمة أهم رءوس النظام المخلوع ، ولذلك كان من الطبيعي أن تخرج الجماهير ثائرة وغاضبة علي رقة المحكمة ورحمتها وعطفها علي المجرمين المتهمين بقتل المتظاهرين حيث ضربت عليهم ستارا وحجابا فلم يستطع أحد من أهالي الضحايا أن يشفي غليله ولو برؤيتهم داخل قفص الاتهام وهذه أول منازل المحاكمات غير العادلة ، وبعد ذلك يتكلمون عن هيبة القضاء ونزاهته ، قاض آخر رأس اللجنة العامة في دائرتنا في انتخابات 2005 --ليست دائرة دمنهور الشهيرة -- التي أشرف القضاء عليها إشرافا كاملا واستبشرنا خيرا بذلك ، وكان مرشح الإخوان في الدائرة مكتسحا وكانت جميع الصناديق تشير إلي تفوق هذا المرشح وهنأه الحاضرون من القضاة رؤساء اللجان الفرعية وزملائه المرشحين بالفوز، وعندما إنتهي الفرز انتظر المرشح الفائز إعلان فوزه رسميا ، لكن " القاضي المستشار " جعل ينتظر وينتظر ويتصل بتليفونات مجهولة بالنسبة للحاضرين معلومة بالنسبة له ، وفي النهاية تخلي عن ضمير القاضي ونزاهة القاضي وشرف القاضي وكرامة القاضي وأعلن النتيجة لصالح مرشح الحزب الوطني المنحل الذي لم يحصل على ربع أصوات المرشح صاحب الحق الذي خطب خطبة عصماء علي رءوس الأشهاد نالت من هيبة القاضى ذكره فيها أنه لا يستحق المكان الذي يجلس عليه وأنه عار علي القضاء ولم ينطق القاضي بكلمة واحدة وهذه حكاية مشهورة وذائعة الصيت في دائرتنا ، وكوفئ القاضي بعدها مباشرة ببعثة إلى فرنسا ،--- ثم لا يخفي علينا الطريقة التي كانت تتم بها تعيينات النيابة العامة الرافد الأساسي لجهاز القضاء وهي الطريقة التي سوف يثبت بقاؤها من عدمه ما إذا كانت الثورة قد وصلت إلي هذا الجهاز أم لا ، وأيضا ما إذا كان القضاء راغبا في فتح صفحة جديدة يعلي فيها من قيمة الكفاءة والتفوق علي ما عداهما من اعتبارات مقيتة بغيضة تضرب العدالة والانتماء فى مقتل ، وقد يكون مناسبا ومفيدا في هذا السياق أن نذكر جميع الذين يجلسون علي مقاعد القضاة والذين قد يغرهم المنصب المهيب ويغرهم بالله الغرور نذكرهم بقول ربنا سبحانه وتعالي " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو علي أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولي بهما فلا تتبعوا الهوي أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا ، وقول الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم في القضاة " القضاة ثلاثة قاض في الجنة وقاضيان في،النار " وذكر من أصحاب النار رجلا عرف الحق وقضي بغيره .. وقديما طلب أحد ولاة عمر بن عبد العزيز من الخليفة أموالا ليقيم سورا حول مدينته ليحفظها من الأعداء فقال له قولته المشهورة حصنها بالعدل ونق شوارعها من الظلم .