قرية جزيرة فاضل هى إحدى القرى التابعة لمركز أبوكبير بمحافظة الشرقية، وهى أكبر القرى المصرية التى تضم لاجئين فلسطينيين، حيث تحوى أكثر من 3 آلاف لاجئ حضروا إلى مصر عقب قصف بلادهم وهدم بيوتهم وتهجيرهم عنوة وسط بكاء وعويل الكبار والأطفال والشيوخ والنساء. "المصريون" زارت القرية لتقف على معاناة الأهالى بها فمنازل القرية بنيت غالبها من الطين وأطفالهم يسرحون فى الشوارع لجمع المخلفات بجميع أنواعها وبيعها للعيش منها، ومجموعة أخرى تعمل عملًا موسميًا فى الحقول والبساتين وآخرون يقومون ببيع الملابس فى الأسواق، وحال القرية لا يختلف عن القرى المجاورة والتى لا يوجد بها صرف صحى لتكلفته الباهظة ولا يوجد بها الحياة المؤهلة للعيش الكريم، فالأطفال يخرجون منذ الصباح الباكر لعملهم وكذلك الآباء والأمهات.
التقينا بالحاج جبر سالم بركة، 56 سنة، وشهرته أبو ياسر، فحدثنا قائلا: نعيش فى مصر منذ الخمسينيات وكبرنا على أرضها، ومستعدون للدفاع عنها فى أى وقت وسنكون فى مقدمة الصفوف للدفاع عنها فنحن أكثر من 3 آلاف فلسطينى نعيش بالقرية جميعنا ولد فى مصر إلا الآباء الكبار، وندين لها بالولاء، فنحن مصريون بروح فلسطينية لكن لدينا أمل فى العودة مرة ثانية لديارنا وأرضنا التى لم نزرها بمنطقة بئر السبع بفلسطين ولا نريد العودة لغيرها. وأضاف أبو ياسر قائلا: هاجر جدى ووالدى عام 1948 من بئر السبع بفلسطين ومعهم 40 أسرة جميعهم من قبلية واحدة تدعى (النامولى والحسونيين)، قادمين إلى قطعة أرض صحراء بالشرقية أطلقوا عليها اسمها (جزيزة فاضل)، لا يوجد بها أحد وكانت جرداء لا زرع فيها ولا ماء فمكثنا بها وعمرناها ومات ودفن بعض أهلنا فيها، لافتا إلى أنه ولد عام 1958 بالجزيرة ولم أزر فلسطين طوال حياتى، ولكن عندى أمل فى العودة إليها، مشيرًا إلى أنه متزوج من سيدتين وعنده 16 ابنًا وابنة ولديه 6 أحفاد.
وقال الحاج سليمان إسماعيل النامولي، إن أهالى القرية ظلوا ينعمون بجميع المميزات التى لا تفرقهم عن أشقائهم المصريين فى عهد الزعيم الراحل "جمال عبدالناصر"، حيث أمر بتعليمهم فى المدارس المصرية وعلاجهم فى المستشفيات الحكومية والحصول على بطاقات التموين مثل المصريين، وظلت العلاقة حتى أواخر أيام الرئيس الراحل السادات، ولكن بعد مقتل الأديب يوسف السباعى، تغيرت المعاملة وتم سحب جميع المميزات وسحب بطاقات التموين، متهمين الفلسطينيين بقتله، وفى حالة ذهاب الأطفال للتعليم يجب الحصول على وثيقة له من السفارة، رغم أننا كنا نقدم لأبنائنا فى المدارس بشهادة الميلاد فقط. وأوضح، أن هذا التصرف جعل البعض يعزف عن تعليم أبنائه، وخاصة أن جميع الموجودين بالقرية يحبون كثرة الإنجاب وأقل شخص فيهم لديه 5 أطفال، وبالتالى لابد من استخراج وثيقة لكل طفل.
وهذا حسين ناصر حسين، من الأهالي، أنه فى عهد مبارك تم سحب العديد من الميزات التى كانت متبقية فالقرية تعانى أيضا من زيادة نسبة الإنجاب فالرجل الواحد يتزوج أكثر من سيدة وينجب عشرات الأطفال.
وقالت الحاجة نافلة حسين حسونة، أكبر مسنة فلسطينية فى مصر، وهى تبلغ من العمر حوالى 100 عام: تركت بلادى عندما كان عمرى 11 عامًا قادمة مع أسرتى للشرقية وكانت الذكريات سيئة لأنها كانت مرتبطة بالحرب واغتصاب الأرض عام 1948، وكانت الطائرات والنار فوق رءوسنا فهجرنا أراضينا إلى الشرقية وخرجت من البيت مع أسرتى خائفين، وأمى أخذت أخى بين أيديها وهربت وبعدما وصلت لمنطقة الأبيار المرة اكتشفت أنها أخذت المخدة وتركت أخى فى البيت، فرجع 12 من الرجال ليأتوا به، استشهد منهم 8 وعاد أربعة ليرووا مأساتهم. أما عيد نصير النامولى، عمدة القرية، فقال إن الأهالى فى العزبة كلهم واحد، ولدنا فى الجزيرة وجميعنا فلسطينيو الجنسية، ولكن نعتبر أنفسنا مصريين قلبًا وقالبًا، شربنا من النيل ونكن لمصر وشعبها كل الحب على إيوائها لنا، ونعتبر أننا مصريون بروح فلسطينية، فالجميع ولد بالعزبة ولم يسافر أحد طوال حياته لفلسطين وتزوج أبناء الجزيرة من مصريات وزوجنا بناتنا للمصريين. أضاف: "مش عارفين نسافر نشتغل فى أى مكان بره مصر ومش مسموح لنا نسافر غير للحج والعمرة، وطالب العشرات من شباب الجزيرة السلطات المصرية بتصحيح أوضاعهم القانونية حتى يتمكنوا من السفر للعمل بالخارج لأن الوثيقة المصرية للاجئين لا تمنحهم هذا الحق".
وأضاف: أن أهالى الجزيرة يعانون من زيادة نسبة البطالة فالجميع يعملون بالأجر اليومى فى الزراعة كفلاحين يستأجرهم أصحاب الأراضى المجاورة ولكن مهنتهم الأساسية جمع المخلفات واستخراج المنتجات البلاستيكية منها لإعادة تدويرها، مؤكدا أنه فى محاولة قيامنا بدخول واحد من ولادنا المدرسة لازم تصريح من الحاكم العسكرى المصرى لقطاع غزة وموافقة من الإدارة التعليمية بمديرية الزقازيق، وبحث اجتماعى يثبت عدم قدرتنا على إلحاقهم بمدرسة خاصة، كما أن الدولة قطعت معاش الضمان الاجتماعى عن أكثر من 50 من المعاقين بالجزيرة بعدما كنا نتقاضاه منذ أكثر من 10 سنوات، ولكن تم قطعه بعد ثورة 25 يناير. وأوضح أن أطفال القرية يقطعون كيلومترات، للذهاب لقرية مجاورة لهم للتعليم ولكن نادرًا ما يتعلم أحد من أبناء هذه القرية فنسبة التعليم 10% فقط والباقون لا يعرفون شيئًا، مشيرا إلى أن القرية بها فصل واحد لمحو الأمية لمن يرعب فى التعليم.
وأضاف النامولي، أن السفير الفلسطينى السابق الدكتور بركات الفرا قد زار جزيرة فاضل خلال عام 2013 لتفقد أحوالها والوقوف على الطبيعة وقام بصرف مبالغ مالية وأخرى عينية للأسر المقطوع معاشاتها ودفع مصاريف المدارس وتقديم بعض التسهيلات ومنحهم بعض الخطابات لمن يهمه الأمر مجانًا كشهادات خبرة وترميم دار ضيافة الشيخ نصير والعمل على إنشاء مستوصف طبى وجار العمل به حاليا.
-"فضفض" بقصصك الإنسانية وقصص من يهمونك .. ارسل مشاكلك مع المسئولين والوزارات المختلفة ..للتواصل والنشر في صفحة " ديوان المظالم .. مع الأستاذة: صفاء البيلي موبايل: 01124449961 فاكس رقم25783447 إيميل: Bab.almesryoon@ gmail.com