وصف المستشار أحمد سليمان، وزير العدل الأسبق، إن إحالة 60 قاضيًا للجنة الصلاحية، وإحالة المستشار هشام جنينة والمستشار أحمد مكي، والمستشار محمود مكي إلى محكمة الجنايات بأنها "مذبحة قضائية جديدة، سيتحمل النظام نتائجها"، مشيرًا إلى أن "هناك نية مسبقة من النظام للعصف بالقضاة". وكان القاضي محمد شيرين فهمي قاضي التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة، للتحقيق مع القضاة، قرر إحالة 60 قاضيا من مختلف الدرجات القضائية ينتمون لحركة "قضاة من أجل مصر"، إلى مجلس التأديب والصلاحية، مطالبًا بعزلهم من مناصبهم القضائية، بدعوى التوقيع على بيان مؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي خلال اعتصام "رابعة". وقال سليمان في تعليق إلى "المصريون"، إن "البيان صدر دفاعًا عن إرادة الأمة والشرعية وعن الدستور الذي عطل وعن القضاء الذي أهين بإهدار نتائج الانتخابات، والاستفتاء على الدستور الذى تم تحت إشرافهم". واعتبر أن "البيان هو مجرد رأي في أحداث جسام وقعت ببلادهم وهو حق دستوري بصريح نص المادة 65 من الدستور الذي كفل الحق في إبداء الرأي والتعبير عنه بكل صوره". وأشار إلى أن "البيان قد صدر من خيرة قضاة مصر الذين يعرفون واجبهم نحو أنفسهم ونحو القضاء وأمتهم، ومن ثم فقد نادوا جميع القوى السياسية بالمصارعة في إجراء مصالحة وطنية". ولفت إلى "البيان دعا إلى نبذ العنف وحقن الدماء، وأن القضاة الموقعين عليه أكدوا من خلاله أنهم لا ينحازون لأحد ولا للجماعة، وأن انحيازهم الوحيد للشرعية والقانون والدستور الذي هو مبرر وجود القضاء وسنده". واعتبر أن القرار بإحالة 60 قاضيًا يمثل "مذبحة قضائية جديدة يتحمل النظام الحالي نتائجها"، مشيرًا إلى أنها "دعوة صريحة لكل واحد يحرص على قول الحق وأن يصمت على الباطل وإلا كان مصيره كمصيرهم"، في ظل وجود "نية للعصف بهؤلاء القضاة الشرفاء". وقال وزير العدل الأسبق إن "مصر الآن تشهد حالة من التدهور الشديد، فمن يقول كلمة الحق يعتبر خائنًا، مستغربًا اتهام المستشار محمود محيى الدين بتزوير توقيعات القضاة رغم أن البيان لا يحمل أي توقيعات حتى يتهم بتزويرها، مؤكدًا أن أنه ليس له أي أدنى صلة بإعداد البيان واستطلاع رأي القضاة بشأنه، وإنما اقتصر دوره على تلاوة البيان. وتابع: "كل ذلك يؤكد اتجاه النية للعصف بقضاة تيار الاستقلال والزج بالمستشار هشام جنينة والمستشار أحمد مكي ومحمود مكي بالتحريض على إصدار البيان رغم أنهم لا صلة لهم على الإطلاق بذلك، وإنما كان الزج بهم في القضية ليس إلا تصفية للحسابات". وكشف سليمان أن المستشار محمد شيرين فهمي تربطه صلة صداقة بالمستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة، وقد اعترف له بذلك، الأمر الذي يمنعه من التحقيق في شكوى مقدمة منه ومن رفاقه، وقد طلب القضاة تنحيه عن مباشرة التحقيق وأقام بعضهم دعاوى لرده إلا أنه قُضي برفضها. واعتبر أن "فهمي فقد حياديته في تحقيق القضايا التي أسندت إليه المتعلقة بقضايا تيار الاستقلال، حيث حاول قاضي التحقيق بشتى الطرق خلق اتهامات بإسنادها إليهم، فعلى سبيل المثال قضية المستشار حسن ياسين الذي قضي مجلس التأديب ببراءته، مما أسند إليه وأورد في أسباب الحكم أن التحقيقات لم تتضمن ما يمكن إسناده للمستشار حسن ياسين". واعتبر سليمان أن "التحقيق الذي أجراه فهمي باطل لاستناده بقرار صادر من رئيس محكمة استئناف القاهرة في الوقت الذي تنص فيه المادة 65 من قانون الإجراءات الجنائية على أن يكون الندب بقرار من الجمعية العامة للمحكمة أي فيه مجموع القضاة الذين يشكلون الجمعية العامة وليس برئيس المحكمة منفردًا، وقد دفع القضاة هذا الإجراء ببطلان التحقيقات ولكن لا مجيب في دولة تؤكد كل يوم إهدارها لأحكام القانون"، بحسب قوله. وكان مجلس القضاء الأعلى هو الجهة الرسمية المنوط بها إدارة شؤون القضاة في مصر، قد كلف القاضي محمد شيرين فهمي للتحقيق في واقعة قيام عدد ممن يحملون الصفة القضائية بإصدار بيان من داخل مقر اعتصام رابعة، أعلنوا فيه رفضهم إجراءات عزل مرسي. و"قضاة من أجل مصر" هي حركة تضم مجموعة قضاة ينتمون إلى مختلف الهيئات القضائية، ارتبط اسمهم بشكل كبير بإجراء الانتخابات الرئاسية المصرية عام 2012 في مرحلة ما بعد الثورة المصرية في 25 يناير 2011، التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق، حسني مبارك، وتواصلوا مع الرأي العام بشكل مباشر من خلال مؤتمرات صحفية، ووجهت إليهم انتقادات بأنهم يؤدون دورا سياسيا. ويحق للجنة التأديب والصلاحية إصدار قرارات تصل إلى إحالة المحالين أمامها للتقاعد، وهو ما تم في وقت سابق مع عدد من قيادات الحركة خلال الشهور الماضية، أبرزهم وليد شرابي وعماد أبو هاشم، بعدما أسندت لهم اللجنة نفس التهم بالانحياز لفصيل سياسي (جماعة الإخوان)، والاشتغال بالسياسة.