"أحرام على بلابله الدوح.. حلال للطير من كل جنس"، فبعد رفض المحكمة الدستورية العليا لمشروع قانون "الشرطة المجتمعية" في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، وافق مجلس الدولة أمس الأول على مشروع قانون، قدم من جانب وزارة الداخلية يتضمن إنشاء إدارة جديدة داخل الوزارة باسم "الشرطة المجتمعية" يمنح الضبطية القضائية لبعض المدنيين، وسط ترحيب قضائي وأمني. ويمنح هذا القانون "الضبطية القضائية" لبعض المدنيين للقبض على أي مواطن فى حالة تلبسه بجريمة ما على أن يرتدوا الزى المدني وتنشئ مقارهم داخل الأحياء السكنية، الأمر الذى اعتبره سياسيون بأنه "تقنين لعمل البلطجية مع جهاز الشرطة واعتراف صريح بفشل الداخلية". ووفقا للمشروع المتوافق عليه، يكون أحد أدوار الشرطة المجتمعية، تحقيق الانضباط الأخلاقي داخل المجتمع، على أن يكون أعضاؤها من الحاصلين على مؤهل الشهادة الإعدادية على أقل تقدير، وستتولى وزارة الداخلية تدريبهم لمدة 18 شهرا. وحذر المهندس أحمد بهاء شعبان، رئيس حزب الاشتراكي المصري من أن فكرة الشرطة المجتمعية "تفتح الباب أمام تسلل عناصر غير مؤهلة لحفظ الأمن والدفاع عن مصلحة المواطن"، موضحًا أن "الشرطة وحدها هي المنوط بها القيام بهذه الوظيفة، وحينما تطالب الشعب بمعاونتها فهذا اعتراف صريح بالفشل وعلى قيادات الداخلية أن تبحث عن جديد في فكرها الأمني". وشدد رئيس حزب الاشتراكي المصري على أن "حفظ الأمن لا يستدعى بالضرورة أن نستخدم ميلشيات شعبية لتحقيق ذلك"، مشيرًا إلى "فشل" الاستعانة بشركة "فالكون" في تأمين الجامعات رغم أنها عناصر مدربة. وقال محمد فؤاد، القيادي بحركة "6إبريل الجبهة الديمقراطية"، إن وزارة الداخلية حاولت طرحت هذا القانون إبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، بإعطاء ضبطية قضائية لمجموعة من المواطنين، وتم رفضه من قبل المحكمة الدستورية العليا، موضحًا أنه في حالة تطبيقه بشكل حقيقي سيكون تصريحًا بالقتل. وكان حزب البناء والتنمية (الذراع السياسي للجماعة الإسلامية)، والمؤيد لمرسي، أعلن إبان حكم الأخير، في مارس 2013، عن وجود مشروع قانون أعده، يقنن أوضاع اللجان الشعبية (نقاط تفتيش أقامها مواطنون للمساعدة في حفظ الأمن عقب انهيار جهاز الشرطة خلال ثورة يناير 2014) كجهاز معاون للشرطة ويمنحها الضبطية القضائية ويتبع الرئاسة". غير أن هذا الاقتراح لاقي ردود فعل سياسية سلبية، من معارضي مرسي، حيث اعتبر البعض هذا النوع من الشرطة سيكون بمثابة "مليشيات مسلحة". وأشار فؤاد إلى أن تعديل قانون الشرطة وضم إليه قطاع الشرطة المجتمعية، "يعد تقنينًا لعمل البلطجية مع جهاز الشرطة"، موضحًا أن صاحب فكرة هذا القطاع في البداية كان وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وكان يطلق عليها جهاز الشرطة السرية، وكان يضم عددًا من البلطجية والمسجلين خطر. وأوضح فؤاد أن التعديل الحالي تضمن إعطاء الشرطة المجتمعية الضبطية القضائية، ما سيخلق حالة فساد كبيرة، وأشار إلى أن المحكمة الدستورية العليا كانت قد أصدرت حكما عام 2012 بأنه لا يجوز لغير دراسي القانون أن يعطي له حق الضبطية القضائية؛ لأنه ليس على دراية كبيرة بكل مواد القانون. وأعلن المرصد العربي للحقوق والحريات رفضه لإنشاء مشروع تحت اسم الشرطة المجتمعية داخل هيئة الشرطة المصرية. وأكد أن هذا المشروع يجدد المخاوف من سعى وزارة الداخلية ل "أمننة المجتمع المصري"، عبر تحويل المواطنين العاديين إلى أدوات مقننة لجمع المعلومات عن بعضهم وتقديمها بشكل إجباري لأجهزة الشرطة عموما والأمن الوطني خصوصا، بل وإعطاءهم صفة الضبطية القضائية للقبض على المواطنين (دون تهم) بتعامل أمنى مسلح كما حدد القانون. وطالب المرصد العربي للحقوق والحريات بسحب هذا المشروع الجديد الذى سيزرع جذور عدم الأمان الاجتماعي ويهدد بتمزيق النسيج الوطني للمجتمع المصري لصالح المنظومة الأمنية القمعية والمهددة للحريات الشخصية في مصر. وبخلاف الرفض السياسي للفكرة في عهد مرسي، فإن الفكرة المشابهة لها وجدت بالإضافة إلى الموافقة القضائية الحالية، تأييد خبير أمني يرى فيها خطوة جيدة. وأكد اللواء جمال أبو ذكري، الخبير الأمني أن الشرطة المجتمعية تأتي كأسلوب جديد في الحراك الأمني الذي يتطور يومًا بعد آخر، خاصة أنها ستكون ذات فكر وقيادة ودراسة جديدة تتجاوز أساليب وأفكار الماضي. ورأى أنها ستساهم في توظيف الشباب والحد من البطالة وأن التخوفات بأن تكون الشرطة المجتمعية في غير صالح المواطن المصري، غير مطروحة على الساحة. وأضاف الخبير الأمني أن التدريبات التي سوف يحصلون عليها المتقدمون لهذه الوظيفة ستجعل منهم معاونين قادرين على التعامل بمستوى راق مع المواطنين في الشارع، وسيكون لهم زي مختلف عن الزي الرسمي للشرطة، ما يجعلهم مميزين عند المواطنين ويؤدى هذا الأمر إلى انخفاض تواجد المجرمين وسط الأهالي لتنفيذ أعمالهم الإجرامية والإرهابية أثناء قيام أعضاء الشرطة المجتمعية بالجولات الميدانية. يشار إلى أن مشروع القانون، يحتاج إلى تمرير من قبل مجلس الوزراء، قبل أن يرفع إلى رئيس الجمهورية للمصادقة عليه، حتى يتم العمل به، وذلك لأن رئيس البلاد، هو المخول بالتشريع حاليا لعدم وجود برلمان.