يبدو أن الموقف المصرى تجاه الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" سيشهد تغيرًا، مع التلميح بإمكانية تدخل مصري عسكريًا في الحرب الدائرة عليه خلال الفترة المقبلة، وهو ما يعكس تحولاً لافتًا بعد أن عبرت مصر في السابق عن رفضها الانضمام إلى التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة. الموقف المصرى بدأ جديًا مع توجه الفريق محمود حجازي، رئيس أركان الجيش، إلى الولاياتالمتحدة لحضور المؤتمر الدولي الذي يحضره 22 من قادة جيوش دول عربية وعالمية لمناقشة الحرب على "داعش" وسبل واستراتيجية التعامل مع الإرهاب، وهو ما يطرح تساؤلات حو أسباب ذلك، في الوقت الذي استبعد فيه خبراء وجود صفقة وراء مشاركة مصر فى الحرب على مستقبلاً. وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما عقد اجتماعًا في قاعدة جوية أمريكية في وقت سابق هذا الأسبوع مع قادة عسكريين من 20 دولة خطط إضعاف وتدمير تنظيم "داعش"، بمشاركة ممثلي مصر والسعودية والبحرين والإمارات والعراق والأردن والكويت وقطر، لوضع اللمسات الأخيرة لاستراتيجيته لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" مع تزايد الضغوط على التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة لفعل المزيد لوقف تقدم مقاتلي التنظيم المتشدد. وقال اللواء طلعت موسى، الخبير العسكري، إن "مصر شاركت بالفعل ضمن التحالف الدولي ضد داعش وفقًا لعقيدتها العسكرية"، موضحًا أن "القادة المصريين يشاركون في تلك الحرب بالخبرة والمعلومات الاستخباراتية وليس بقوات عسكرية، وأن الولاياتالمتحدة تمارس ضغوطًا قوية على مصر للمشاركة بقوات برية". وأشار إلى أن العقيدة العسكرية المصرية ترفض خروج القوات العسكرية لخوض حروب أو القتال خارج أرض الوطن، خاصة أن مصر لديها خبرات طويلة فى تلك الحروب. فيما قال اللواء أحمد عبد الحليم، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن "الرئيس عبدالفتاح السيسي يؤكد دائما مواجهة الإرهاب فى المنطقة بكل أشكاله سواء داعش أو غيرها"، متحدثًا عن "ثمة صفقة تتمثل فى السماح لمصر بالسيطرة على ليبيا مقابل المساعدة فى مواجهة داعش عبر إمداد القوات الأجنبية بالمعلومات وغيرها". وأشار إلى أن "الولاياتالمتحدة فى حقيقة الأمر لا ترغب فى القضاء على داعش، وكل ما تريده هو أن تبقى داعش فى الإطار الذى وضعته لها أمريكا لتنفيذ مخططاتها فى ضرب الدولة السورية وتفتيت العراق". بينما يرى يسري العزباوي، الخبير السياسي بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، أن الاجتماع الذي عقدته الولاياتالمتحدةالأمريكية مع قادة جيوش 21 دولة من التحالف الدولي ضد داعش بينهم قادة دول عربية، يعد اجتماعًا تنسيقيًا لتحديد الأدوار العربية في الحرب الدائرة في العراقوسوريا بعد اكتشاف قوات التحالف أن غاراتها الجوية لن تفلح. وأضاف: "الولاياتالمتحدة ودول الغرب تحاول الزج بالجيوش العربية للتدخل البري"، مؤكدًا أن "السعودية والإمارات قد تقبلان التدخل، إلا أن مصر لن تقبل الزج بجيشها في حرب ضد "داعش" خصوصا مع رفض الرأي العام المصري للفكرة". و"الدولة الإسلامية"، المعروف إعلاميا ب"داعش"، هو تنظيم نشأ في العراق بعيد الاحتلال الأمريكي له في مارس 2003، وامتد نفوذه إلى سوريا بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية فيها منتصف مارس 2011. ومنذ 10 يونيو الماضي، يسيطر هذا التنظيم على مناطق واسعة في شرقي سوريا وشمالي وغربي العراق، بيد أن تلك السيطرة أخذت مؤخرا في التراجع بفعل مواجهات الجيش العراقي، مدعوما بقوات إقليم شمال العراق (البيشمركة) وضربات جوية يوجهها الجيش الأمريكي. ومع تنامي قوة "الدولة الإسلامية" وسيطرته على مساحات واسعة في سورياوالعراق، أعلن نهاية يونيو الماضي عن تأسيس ما أسماها "دولة الخلافة" في المناطق التي يتواجد فيها في البلدين الجارين، وكذلك مبايعة زعيم التنظيم، أبوبكر البغدادي "خليفة للمسلمين"، ودعا باقي التنظيمات الإسلامية في شتى أنحاء العالم إلى مبايعة "الدولة الإسلامية". وأثار التقدم الكاسح لمقاتلي التنظيم في العراق مخاوف كبيرة في عواصم المنطقة والكثير من عواصم الغرب، نظراً لأطماع التنظيم التوسعية. وسعت الولاياتالمتحدة إلى تشكيل تحالف دولي لمواجهة تنظيم "داعش"، الذي تعتبره واشنطن أكبر تهديد لها، ويضم مقاتلين عربا وغربيين.