على الرغم من اعتبارات الأمن القومي في مشروع تنمية قناة السويس الجديد، والتي كانت سببًا في إصدار الرئيس عبدالفتاح السيسي قرارًا باقتصار تمويله على المصريين فقط من خلال شهادات استثمار أصدرتها البنوك العامة فقط، إلا أن تقارير صحفية كشفت عن الاستعانة بشركة صينية تعمل استشاريًا في ميناء أسدود الإسرائيلي. ونقلت "بوابة الشروق" عن مصادر قريبة من المشروع إن شركة المقاولون العرب تقوم حاليا بتكوين تحالف مع شركة شاين هاربر الصينية، وذلك للقيام بأعمال التكريك "الحفر البحرى" لمشروع قناة السويس الجديدة، تحت إشراف هيئة قناة السويس. وشركة تشاينا هاربر كانت قد تعاقدت الشهر الماضي مع الحكومة الإسرائيلية لتنفيذ مشروع قناة "أسدود" المنافس لقناة السويس، عن طريق شركة تابعة لها تسمى BMEC، وهو ما يتعارض مع اعتبارات الأمن القومى لمشروع قناة السويس. قالت المصادر إن الشركة الصينية تمتلك أكبر عدد من الكراكات البحرية على مستوى العالم وغير المتوافرة فى مصر، وهو السبب الذى يدفع الحكومة للتعاون معها فى المشروع، حيث تبلغ قيمة الحفار 250 مليون دولار، يعمل بطاقة 30 إلى 40 ألف متر مكعب فى اليوم، مقارنة بالكراكات الموجودة فى مصر والتى تعمل بطاقة 5 إلى10 آلاف متر مكعب فى اليوم بحد أقصى. يبلغ متوسط حجم الحفر المطلوب لمشروع القناة نحو 245 مليون متر مكعب فى السنة، بواقع مليون متر فى اليوم، بما يستلزم عددا من الكراكات يتراوح ما بين 30 و40 كراكة مختلفة الأحجام للحفر على الأعماق الكبيرة، والتى تبلغ قيمتها 250 مليون دولار، وهى متوافرة فقط لدى شركات المقاولات الكبرى. ووقعت الشركة الصينية مذكرة تفاهم مع وزارة النقل المصرية ممثلة فى هيئة النفاق، لتقديم دراسات الجدوى والاستشارات تحت مشروع قناة السويس. وتعد الشركة واحدة من الفروع التابعة للمؤسسة الصينية العملاقة "سى سى سى سى" الهندسية العملاقة، والتى تعرف بالأحرف الأولى اختصارا CCCC، وتتخصص الشركة فى تنفيذ أعمال البنية الأساسية للمشروعات البحرية وتعميق القنوات الملاحية والموانئ وصيانة وترميم المنشآت البحرية، بالإضافة إلى مشروعات الطرق والكبارى والمطارات والسكك الحديدية. وتحتل شركة تشاينا هاربور المرتبة الثانية على مستوى العالم فى مشروعات تعميق القنوات الملاحية، وقامت بتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى فى كل من قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا. وقدمت الشركة الصينية أرخص عطاء لبناء ميناء أشدود، الذى سيحوى رصيفا بطول 1050 مترا شمال الميناء الحالى وكاسر أمواج بطول 2800 متر، بتكلفة تبلغ حوالى مليار دولار، حيث ستبدأ الأعمال قبل نهاية العام الحالى على أساس افتتاح الميناء للعمل قبل عام 2021. يتضمن مشروع ميناء أسدود، بناء قطار سريع يربط ميناء إيلات حتى ميناء أسدود، وذلك بهدف نقل البضائع من الصين ودول شرق آسيا إلى ميناء إيلات فى العقبة ونقلها عبر القطار إلى ميناء اشدود، ثم إلى أوروبا، وهو الطريق الأقل تكلفة والأكثر أمانا من قناة السويس، تبعا لتصريحات سابقة لرئيس الوزراء الإسرائيلى. والميناء الجديد فى أسدود هو جزء من مشروع أكبر لتحديث الموانئ الإسرائيلية بما فيها ميناء حيفا وإيلات وإقامة شبكة خطوط سكك حديد حديثة بين إيلات وكل من أسدود وحيفا. ويعد ميناء أسدود الإسرائيلى أكبر الموانئ البحرية الإسرائيلية على البحر المتوسط، والتى تسعى إسرائيل لجعله أكبر ميناء فى المنطقة للدعم اللوجيستى للسفن التجارية الضخمة العابرة. وترجع أهمية ميناء "أسدود" فى الوقت الحالى بالنسبة لإسرائيل، لتحويله لميناء لوجيستى عملاق لمنافسة "قناة السويس" الجديدة فى مصر بشق من خلال ربط ميناء إيلات على البحر الأحمر مع ميناء "أسدود" على البحر المتوسط، وإيجاد بديل للقناة المصرية، وتعزيز العلاقات الإسرائيلية مع الصين وأوروبا من خلال زيادة حركة التجارة العالمية عبر أسدود. ومن هنا جاءت فكرة بناء خط سكة حديدى للشحن ليصبح بديلا للممر المائى المصرى الأهم فى العالم وهو "قناة السويس"، حيث سيربط هذا المشروع المسافة المقدرة بحوالى 300 كم بين إيلات واشدود، كما تطمع تل أبيب أن يكون المشروع فرصة للصين لكسب موطئ قدم لها فى المنطقة على حساب مصر. ويقول خبراء النقل البحري، ومحللون اقتصاديون في مصر إن مشروع قناة السويس سيعمل على اجتذاب حركة التجارة العالمية والسفن العابرة عبر الشرق والغرب، وهو ما سيقطع الطريق أمام التطلعات الإسرائيلية لإنشاء معبر بديل عن قناة السويس. وقال الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس، إن تكلفة إنشاء القناة المحاذية لقناة السويس الحالية، وإقامة الأنفاق ستصل إلى 8.2 مليار دولار، منها 4 مليار دولار تكلفة القناة الجديدة. وأعلنت إسرائيل مرارًا عن عزمها شق قناة منافسة لقناة السويس، تربط بين البحر الأحمر والمتوسط عبر البحر الميت وإقامة خط سكة حديد يربط بين ميناءي إيلات على البحر الأحمر وأسدود على البحر المتوسط لنقل الحاويات وكذلك مد خطوط برية سريعة بين الميناءين . وفي فبراير 2012 صدقت الحكومة الإسرائيلية على مشروع يستهدف شق طريق بديل لقناة السويس، عبر مد خط مزدوج للسكك الحديدية إلى إيلات لنقل المسافرين والبضائع.