البرقيات تكشف حالة الغرور بين المسئولين الإسرائيليين وخيبة الأمل بعد خسارة الحرب أفرج الأرشيف الحكومي الإسرائيلي عن وثائق جديدة تتعلق بحرب أكتوبر 1973، وهي عبارة عن برقيات متبادلة بين مكتب رئيسة الوزراء السابقة جولدا مائير والإدارة الأمريكية إبان الحرب، وتظهر حالة من الغرور الإسرائيلي قبل الهجوم المصري السوري، والصدمة الناجمة عن هزيمتها في الحرب. وقال الموقع الإسرائيلي "نيوز وان"، إنه في "الأيام السابقة لاندلاع الحرب تكاثرت لدى الأجهزة الاستخباراتية بإسرائيل معلومات عن حالة التأهب لدي المصريين والسوريين ونشر كلا البلدين لقواتهما العسكرية على طول خطوط الجبهات، إلا أنه بالرغم من تلك المعلومات، استمرت الاستخبارات الحربية في تقديراتها بأن فرص نشوب المعركة منخفضة جدًا، كما كان هناك شعور سائد لدى المنظومة العسكرية بالقدرة على مواجهة أي تهديد أو عملية عسكرية وأنه لا توجد أي حاجة لتعبئة جنود الاحتياط". وفي برقية بعثت بها جولدا مائير، رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك لموردخاي شاليف القائم بأعمال السفير الإسرائيلي بواشنطن طالبته فيها بأن ينقل إلى هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي وقتها، معلومات عن نشر القوات المصرية والسورية الاستثنائي على الجبهات، واضعة تفسيرين لعمليات الانتشار تلك؛ وهي أن القاهرة ودمشق تخشيان من هجوم إسرائيلي، والثاني هو أن إحدى الدولتين أو كلتاهما تنويان شن هجوم على إسرائيل. وجاء في برقية مائير "إذا تبين أن هناك احتمال بإعادة فتح النيران، فإن تل أبيب تطالب واشنطن بعتاد عسكري وبشكل فوري". وحاول كيسنجر أن ينقل عبر الوسائل الدبلوماسية رسالة إلى مصر وسوريا والاتحاد السوفييتي فحواها أن إسرائيل ليس لديها أي نية في مهاجمة جيرانها، لكن إذا قامت القاهرة ودمشق بهجوم فسترد تل أبيب بكل قوة. وأضاف أن شاليف قام بإرسال البرقية إلى الجنرال برنت سكوكروفت –القائم بأعمال كيسنجر في مجلس الأمن القومي- والذي رد بأن "الاستخبارات الأمريكية ترى أن نشر جيشي مصر وسوريا يأتي لأغراض دفاعية". وأشار إلى أنه "في صباح 6 من أكتوبر، أيقظ اتصال تليفوني رئيسة الوزراء جولدا مائير من نومها، وكان المتحدث هو سكرتيرها العسكري يسرائيل ليئور، الذي أبلغها بتقرير وصله من رئيس الموساد تسيبي زامير وبموجبه سمع من العميل أشرف مروان (زوج ابنة الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر) عن النية المصرية السورية في شن هجوم عسكري على إسرائيل في نفس اليوم"، مضيفا أن "التقرير الكامل الذي وصل بعد ساعات من ذلك من زامير كان يتضمن معلومات مفصلة عن الخطة المصرية للحرب، والتي وفقا لمروان ستنشب بنسبة 99 % وهناك احتمال 1% أن يتراجع السادات في اللحظة الأخيرة". وبناء عليه، بعثت مائير ببرقية جديدة إلى السفارة الإسرائيلي في واشنطن تتضمن المعلومات الجديدة لإطلاع صانعي السياسات في الولاياتالمتحدة بما يحدث، كما بعث ببرقية أخرى أكدت فيها أن تل أبيب ستنتصر في أي معركة واقترحت أن يحاول الأمريكيون الحديث مع المصريين والسوفييت لمنع نشوب الحرب. ومع اندلاع الحرب، بعثت مائير برقية أخرى إلى السفارة الإسرائيلي بواشنطن مساء 6 أكتوبر، وذلك لضمان وصول المساعدات الأمريكية لتل أبيب وعدم انعقاد مجلس الأمن واتخاذ قرار بوقف النار قبل أن يتم نزال ضربة ساحقة بالمصريين والسوريين، وجاء في البرقية "ننوي توجيه الضربات على الجبهتين حتى يتم طرد أخر جندي مصري وسوري بعيدا عن خطوط النار"، وردت السفارة على مائير بأن "الأمريكيين يعملون على عرقلة انعقاد مجلس الأمن". ولفت الموقع الإسرائيلي إلى أن "التقارير الإيجابية والمتفائلة عن الوضع على الجبهات لم تكن صادقة؛ فقد عبر الجيش المصري قناة السويس وسيطر على حصون خط بارليف على طول القناة، ما دفع رئيسة الحكومة الإسرائيلية إلى بعث برقية مليئة بالرعب والكآبة لكيسنجر والرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون وصفت فيها المعارك بالصعبة، وطالبت واشنطن بإرسال طائرات حربية ودبابات".