فى يوم دموى جديد تحت حكم الرئيس السورى بشار الأسد، قتلت قوات الأمن والجيش التابعة له سبعة سوريين وجرحت العشرات واعتقلت 250 آخرين فى عدة مدن وبلدات وقرى شهدت احتجاجات مطالبة بإسقاط نظام حزب البعث الحاكم منذ نحو أربعين عاما، الذى تحاصر دباباته مدينة حماة «المحررة»، محاولا استعادة السيطرة عليها بعد المظاهرة نصف المليونية التى شهدتها الجمعة الماضية. فقد سقط شهيدان برصاص الأمن فى كفر ناسج بمدينة درعا جنوبى البلاد، وآخران فى ضاحية الحجر الأسود قرب العاصمة دمشق، وثلاثة شهداء، بينهم صبى (13 عاما) بمدينة حماة، التى اقتحمتها قوات الأمن والجيش أمس الأول، محاولة استعادة السيطرة المفقودة عليها منذ الثالث من الشهر الماضى، حيث شنت حملة مداهمات للمنازل اعتقلت خلالها 250 مواطنا، بحسب المرصد السورى لحقوق الإنسان. وشهدت حماة أضخم مظاهرة ضد الأسد منذ بدء الاحتجاجات المطالبة بإسقاطه منتصف مارس الماضى، حيث احتشد أكثر من نصف مليون شخص فى ساحة العاصى الجمعة الماضية، رغم حملات القمع العسكرية للمدن والبلدات والقرى المنتفضة، وهو ما أودى بحياة ما بين 1500 و2000 شهيد، وفقا لمنظمات حقوقية غير رسمية، فضلا عن أكثر من عشرة آلاف لاجىء فى تركيا. وتعد المدينة، الواقعة على بعد 210 كلم شمال العاصمة، رابع أكبر المدن السورية بنحو 800 ألف نسمة، وتعتبر رمزا تاريخيا منذ عام 1982، حينما قمع الرئيس الأب الراحل حافظ الأسد حركة تمرد لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة؛ ما أودى بحياة نحو عشرين ألف شخص من أبناء حماة. وقال سكان من المدينة أمس إن الدبابات تحتشد على مشارفها وتطوقها بعد أن دخل مئات من جنود الجيش وقوات الأمن المدينة عند الفجر فى حافلات. وأوضح الناشط عمر إدلبى ل«راديو سوا» الأمريكى أن: «المدينة شهدت ما بين الساعة الواحدة والرابعة فجرا انتشارا أمنيا كثيفا جدا بمؤازرة من عصابات مدنية مسلحة مؤيدة للنظام دخلت إلى أحياء عديدة، ونفذت عمليات اعتقال واسعة بين الشباب النشطاء». وأصاب رصاص قوات الأمن والجيش خلال العملية نحو أربعين شخصا، بينهم الملاكم الشهير ناصر الشامى (30 عاما)، الفائز بذهبية دورة الألعاب العربية عام 2007. معلقا على هذه الحملة، قال رئيس المرصد السورى لحقوق الإنسان رامى عبدالرحمن فى تصريحات خاصة ل«الشروق» من لندن: إن «النظام يحاول إخضاع حماة بعد أن باتت خارج السيطرة الأمنية القمعية، ويبدو أن هناك جهات داخل القيادة نصحت بالخيار العسكرى بعد المظاهرة نصف المليونية، خشية تكرار هذا الحشد أو انتقال عدوى حماة إلى مدن أخرى». وأوضح عبدالرحمن أن «الشباب أقاموا حواجز فى عشرات الشوارع لمنع أى محاولة تقدم محتملة للدبابات بصدورهم العارية»، معربا عن خشيته من «وقوع مجزرة وإن كان ليس من مصلحة النظام حدوث ذلك حتى لا يؤلب الرأى العام العالمى عليه أكثر». وفى انشقاق جديد، أعلن ضابط كبير برتبة عقيد وضابط صف برتبة رقيب أول خروجهما عن الجيش، احتجاجا على «الممارسات القمعية التى يقوم بها الجيش ضد المتظاهرين العزل»، وطالبا فى بيانين منفصلين، بعد عبورهما إلى الأراضى التركية، بقية أفراد الجيش بالانضمام للثورة الشعبية و«لواء الضباط الأحرار». وبحسب نائب الرئيس السورى السابق، المعارض الحالى، عبدالحليم خدام، فإن الجيش «تحول إلى جيش احتلال»، قبل أن يستدرك قائلا: إن «الجيش لن يبقى فى وضعه الحالى، ولن يستمر فى القمع، بل ستنتعش روحه الوطنية (...) وقريبا سيجد نفسه أمام حائط مسدود، وليس أمامه سوى الرجوع للشعب، وسيتفكك.. هذا التفكك لن يكون على أساس طائفى بل وطنى». وشدد خدام، فى مقابلة مع قناة «العربية» على أنه «لا بديل عن إسقاط النظام الحالى»، مضيفا أن «المعارضة قطعت الأمل فى الحوار مع النظام لأن المشكلة فى طبيعة النظام القائم على القتل والقمع». وختم بأن «إسرائيل لا تملك شيئا فى الشأن السورى، وكل ما تعمل عليه هو محاولة استمرار النظام».