لأول مرة "تفزع" القاهرة من "نيويورك تايمز".. الأخيرة كتبت أكثر من افتتاحية جارحة وقاسية، وتعاملت ب"ازدراء" مع سلطة 3 يوليو.. وانتقدت "أوباما" لمقابلته الأخيرة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، واستخدمت لغة "مهينة" في وصف الرئيس المصري. لم تغضب البيئة الثقافية والفكرية الحاضنة للرئيس إلا هذه المرة!!.. وهي ظاهرة تستحق الفحص والتدقيق. اللافت أن هذا الغضب جاء عقب مقالة نشرها د.مأمون فندي، في "الشرق الأوسط" يوم 6 أكتوبر 2014، حذر فيها من التعاطي بخفة مع ما ورد في ال"نيويورك تايمز"، وقال: "رأي خطير لا بد أن نتوقف عنده كثيرًا ولا بد للمسؤولين في القاهرة أن يأخذوه بجدية؛ إذ لا يكفي أن نقول إنه «رأي متحيز ضد مصر»، أو إن «(نيويورك تايمز) هي صحيفة اليهود»، إلى آخر تلك التعازي للنفس التي اعتدناها لتبرير عجزنا في توصيل فكرتنا للغرب عمومًا، ولأمريكا خصوصًا". رأي ال«نيويورك تايمز» هذا ليس رأي كاتب واحد فيها، وإنما الرأي بالطريقة التي عرض بها ومكانه في الصحيفة، يعبر عن توجه الصحيفة الأولى في أمريكا التي يقرأها ويخطب ودها كل من له علاقة بالسياسة الخارجية الأمريكية، بداية من الرئيس أوباما، إلى وزير خارجيته جون كيري، إلى أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب أو الكونجرس، حتى أصغر طالب وأستاذ في أي جامعة أمريكية يهتم بعلاقة أمريكا ببقية العالم. من هنا تأتي خطورة رأي ال«نيويورك تايمز» في توصيف الحالة المصرية وعلاقة أمريكا بمصر". ويبدو أن فندي الذي تخلى عن سخريته المعهودة وتحدث بجدية في هذا المقال على وجه التحديد أفزع النخبة المؤيدة للسيسي، لأنه "مفكر سياسي" لا يزال يرتبط بأمريكا إقامة وعملاً ونشاطًا بحثيًا وفكريًا، وعلاقات.. يعي جيدًا ما يقوله بشأن خطورة افتتاحية "نيويورك تايمز". انتفاضة المؤيدين للسيسي بُعيد مقالة فندي وهم ذات الشخصيات التي كانت لا تعبأ بما تكتبه ذات الصحيفة من قبل رغم قسوتها وتجريحها كشفت عن أن الكتلة الصلبة من المثقفين الذين يستند إليهم الرئيس في الزود عن شرعيته، هم خليط من "الجهلة" و"الأرزقية".. وأنهم لا يعرفون شيئًا عن الطريقة التي يفكر بها الأمريكيون.. ويتزلفون إلى القيادة السياسية الجديدة، للحفاظ على وظائفهم في القاهرة، أكثر من حرصهم على حفظ مصالح مصر مع الأمريكيين. مشكلة السيسي مع المجتمع الدولي، هي مشكلة "إقناع" وغياب "المنطق".. ومن الواضح أنه ليس بين يديه من أدوات الإقناع، إلا نخبة غير مدربة وجاهلة.. ولا تبحث إلا عن سبوبة تصيبها من تمسحها في عتبات مؤسسة الرئاسة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.