الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد. تحكيم الشريعة أمل منشود وغاية عظمى يسعى إليها جميع أبناء الصحوة الإسلامية بل جميع المسلمين الطيبين فنجد الكلام عليها فى خطبهم ودروسهم ومقالاتهم ولكننا نريد أن نقول إن تحكيم الشريعة ليس قولا بقدر ماهو فعل وسلوك فالكلام على المنابر قد يكون جميلا يأخذ بالعقول والألباب ولكن الواقع قد يثبت عكس ذلك. إن من يريد تطبيق الشريعة لابد أن يوافق قوله فعله وإلا فإن البعض قد لا يتجاوز تطبيق الشريعة عنده مرحلة الأقوال فحسب. إن الشريعة الإسلامية ليست أراء الرجال وإنما هي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الامه أما أراء الرجال فكل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال تعالى {إنما كان قول المؤمنون إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا واطعنا وأولئك هم المفلحون} إن تحكيم الشريعة عند البعض قد لا يتجاوز قراءة الأيات والأحاديث والأثار على المنابر وفى الدروس ومع ذلك إذا دعي لتجكيم الشرع فى مسألة ما- أي مسألة - يحاول التملص من ذلك والحيده عنه بكل ما وسيلة وحيلة والله عز وجل يقول: {فإن تنازعتم فى شئ فردوه إلى الله ورسوله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر....الآية}. إن أعظم شئ فى خصمك أن يدعوك إلى أن تحاكمه لشرع الله سبحانه وتعالى بل وتحكم أنت عليه بالنصوص أو الاجتهاد المبني عليها لا بمحض الرأى فالعدل أساس الملك وبه قامت السماوات والأرض وهو وضع الشئ فى موضعه والله عز وجل لم يرضى من عباده بالظلم حتى مع غير المسلمين بل ولا مع البهيمة العجماء فما بال المسلم الذى له حقوق عظيمة ,فالواجب على من ينادون بتحكيم الشريعة أن يكونوا هم اول من يتحاكم إليها فى عسرهم ويسرهم ومنشطهم ومكرههم قال تعالى{قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين وبذلك أمرت وانا أول المسلمين}. إن تحكيم الشريعة ليس أخذا بالظنون والتهم ولا بالسماع لخصم دون آخر مهما كان قدر أحدهما أو مكانته لأن ذلك يهدر مبدأ إقامة العدل بل ويجعل القضاء لا قيمة له ويضيع الحقوق ويهدرها. وهذه مقدمة يسيرة لعلها يكون لها ما بعدها بإذن الله تعالى. كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر