رغم تنفيذ الطيران الحربي الأمريكي نحو 4100 غارة جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في العراقوسوريا منذ أغسطس الماضي, إلا أن التقارير الواردة من داخل الغرب وحتى الولاياتالمتحدة نفسها تكشف عن "فشل مبكر" للتحالف الدولي, الذي تقوده واشنطن, أمام هذا التنظيم. وقالت صحيفة "الديلي ميل" البريطانية في تقرير لها في مطلع أكتوبر إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية باتوا على أبواب العاصمة العراقيةبغداد، وإنه بقي بينهم وبين دخولها نحو ميل واحد فقط، وذلك رغم الغارات التي يشنها التحالف الدولي منذ أيام على مواقع للتنظيم. وأضافت الصحيفة أن معارك ضارية تدور بين مقاتلي التنظيم والجيش العراقي على أطراف بغداد، وخصوصا في غربها, ونقلت الصحيفة عن منظمة تسمى "الإغاثة والمصالحة في الشرق الأوسط"، قدمتها على أنها محسوبة على الكنيسة الإنجليكانية في العراق، قولها إن مقاتلي تنظيم الدولة أصبحوا على بعد نحو ميل واحد فقط من بغداد. وحسب الصحيفة، فإن المنظمة كتبت في صفحتها على "فيسبوك" أن مقاتلي التنظيم يفصلهم عن بغداد أقل من كيلومترين، ونقلت كذلك عن القس في الكنيسة الإنجليكانية بالعراق كانون أندريو وايت قوله في صفحته على "فيسبوك" إن مقاتلي الدولة باتوا على أبواب بغداد، وإنهم قتلوا نحو ألف جندي عراقي في يوم واحد فقط هو 29 سبتمبر، مشيرا إلى أن غارات التحالف لم تفعل شيئا للتنظيم. وبدورها, ذكرت صحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية أن تنظيم الدولة بات على بعد ستة أميال فقط من بغداد، وأن الضربات الجوية ضد الجماعات الإسلامية المسلحة في سورياوالعراق قد تدفع جماعات مسلحة في سوريا إلى الوحدة مع تنظيم الدولة. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في مطلع أكتوبر أن تنظيم الدولة حقق تقدما في سورياوالعراق الاثنين في تحدٍّ لحملة القصف الجوي المتصاعدة بقيادة الولاياتالمتحدة، حتى إنه يقترب رويدا رويدا من بغداد, ومن الاستيلاء على مدينة عين العرب التي تسكنها أغلبية كردية على الحدود السورية التركية. وتابعت "الديلي تليجراف" أنه مع أن القصف الجوي يعيق تقدم تنظيم الدولة في بعض المناطق ويجبر عناصره على الظهور على استحياء، فليس هناك ما يشير إلى أنه يواجه تهديدا خطيرا، بل إن الضربات الجوية الموجهة له في بعض المناطق أكسبته عطف الأهالي هناك، حسب قول الصحيفة. وأشارت الصحيفة إلى أن من شأن قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما استهداف جبهة النصرة بالغارات الجوية أن يدفعها للوحدة مع تنظيم الدولة, وقالت إن قرار أوباما قد تكون له نتائج عكسية تقوي من عضد "الجهاديين"، مضيفة أن استهداف جبهة النصرة, لن يؤدي إلا "لنفور الشعب السوري، الذي أرعبه العيش تحت وابل قنابل أميركا وحلفائها، وهو عموما لا يحمل تعاطفا كبيرا مع الحملة العسكرية الأجنبية ضد "داعش". ومن جهتها, نسبت صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية إلى مصادر الاستخبارات بالجيش الأميركى تحذيرها للجنود باحتمال قيام "داعش" بشن هجوم داخل الولاياتالمتحدة نفسها. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 30 سبتمبر أن هذا التحذير يتزامن مع ما يقوم به الأمن الداخلي الأميركي من تقليل لتهديدات تنظيم الدولة على أميركا. وأوضحت "واشنطن تايمز" أن الاستخبارات الأميركية اعتمدت في تقييميها على ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي من تهديدات متكررة من جانب تنظيم الدولة الإسلامية ومؤيدين لها تفيد بشن هجمات على الأراضي الأميركية والمصالح الأميركية في الخارج، وذلك كرد من جانب التنظيم على العمليات العسكرية الأميركية في العراقوسوريا. وأشارت الصحيفة إلى أن الاستخبارات الأميركية طلبت توخي الحذر إزاء سلوك أي شخص يبدو عليه اهتمامه بمعلومات حساسة عن أفراد الأمن أو يقوم باستخدام كاميرات أو مسجلات الفيديو بشكل سري أو يطرح أسئلة حول مرافق تكييف الهواء أو لديه زيارات متكررة لموقع معين أو في حالة صدور إنذارات كاذبة متعددة في مكان واحد. كما أشارت الصحيفة إلى أن المتحدث باسم تنظيم الدولة أبو محمد العدناني قال في تسجيل له في 22 سبتمبر إن على مؤيدي وأنصار تنظيم الدولة مهاجمة الأميركيين ومواطني الدول المشاركة في التحالف الدولي, الذي تقوده الولاياتالمتحدة. وفي السياق ذاته, ذكرت مجلة "ديلي بيست" الأمريكية أن تنظيم الدولة الإسلامية استطاعت أن تتفوق في مجال الدعاية الجهادية عبر الإنترنت ضد الغرب, وأوضحت الصحيفة في تقرير نشرته في 30 سبتمبر عبر موقعها الإلكتروني، بعنوان "داعش فازت في جهادها الإلكتروني ضد الغرب"، أن الدولة الإسلامية فاجأت الجميع بقدراتها وتقنياتها العالية في مجال الدعاية للجهاد عبر الانترنت سواء باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أو "يوتيوب". وأشارت إلى أن التنظيم يسير وفق أيدلوجية متماسكة، وإصرار بالغ على الدعاية الجهادية عبر الشبكة العنكبوتية، لافتة إلى أن الغرب وكذلك العرب لا زالوا يتحالفون لإضعاف قوة وسائل الإعلام "الداعشية". واستطردت الصحيفة "هذه المحاولات لم ولن تجدي نفعا، لأن هذه الدول بحاجة ماسة إلى أساليب جديدة تتجاوز إغلاق حسابات تويتر الفردية، وإزالة أشرطة الفيديو من اليوتيوب". وتابعت "الجماعات الجهادية وتحديدا داعش، باتت قادرة على الحفاظ على استمرار وجودها عبر الإنترنت من خلال تبادل المحتوى عبر شبكة واسعة من المجاهدين عبر الإعلام, ولعل هذا أوضح تجسيد على الحرب الإلكترونية". واستطردت الصحيفة "داعش تستخدم استراتيجية قوية لنشر المحتوى السمعي والبصري، من خلال شبكة مترابطة تعيد تكوينها باستمرار، فضلا عن أنها لديها متخصصون في هذه الحرب الإلكترونية، وبالتالي فإنهم يعيدون تشكيل أنفسهم بشكل سريع إذا ما تعرضوا لأي محاولة لاستهداف حساباتهم". وكانت صحيفة "التايمز" البريطانية أبرزت في 29 سبتمبر أيضا حديث رئيس هيئة الأركان البريطانية السابق الجنرال لورد ريتشاردز، الذي قال فيه إن الحرب التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش", قد "تستمر إلى الأبد", ما لم يتم تدريب ونشر جيش قوامه مائة ألف مقاتل من القوات العرقية والبشمركة ومسلحي المعارضة السورية المعتدلة. وأضاف ريتشاردز أن على الولاياتالمتحدة وبريطانيا والدول الغربية الأخرى أن تدعم هذا الجيش, قائلا إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية سرعان ما يستوعبون الدروس في كيفية إخفاء أنفسهم من الهجمات الجوية. ومضي القائد العسكري السابق إلى القول إنه حتى مع وجود رادارات حديثة فإن الطائرات لن تستطيع التحليق فوق كل موقع محتمل لتنظيم الدولة، ذلك فإن تلك الطائرات عادت أكثر من مرة إلى قواعدها دون أن تُلقي أي قنبلة لأنها لم تعثر على أهداف مميزة. وكان الجنرال يشير إلى قاذفتي قنابل بريطانيتين من طراز تورنيدو جي آر4 عادتا إلى قاعدتهما الجوية في جزيرة قبرص دون أن تطلقا أي أسلحة على أهداف للتنظيم. وهي ثالث طلعة جوية تنطلق دون إسقاط أي قنابل منذ أن صوّت البرلمان البريطاني بالموافقة على توجيه ضربات جوية في العراق ضد داعش. كما نسبت "التايمز" إلى مصادر عراقية وسورية قولها أيضا إن "داعش" لجأت إلى "عدة حيل" للهروب من ضربات طائرات التحالف، حيث أقدم على إشعال النيران في مصافي النفط الواقعة في مناطق نفوذه بهدف حجب الرؤية عن الطائرات. وحسب تلك المصادر, لجأ التنظيم أيضا إلى إرتداء ملابس الجيش العراقي، بالإضافة إلي استخدام العربات والأسلحة ذات اللون المطابق لرمال الصحراء، كما وضع سيارات عسكرية غير صالحة، لمناورة طائرات الاستطلاع. ويبدو أن التصريحات الرسمية الأمريكية تعبر أيضا عن خيبة أمل, حيث أعلنت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" في 30 سبتمبر أن الجيش الأميركي لا يمكنه أن يقصف تنظيم الدولة الإسلامية "بشكل أعمى"، ودعت إلى التحلي ب"صبر استراتيجي" من أجل التخلص من التنظيم. وقال المتحدث باسم البنتاجون جون كيربي :"لم يقل أحد إن الأمر سيكون سهلا أو سريعا ولا يجوز أن يتكون عند أي شخص وهم أمني خاطئ بأن هذه الضربات الجوية الموجهة قد تؤتي ثمارها", وأضاف "لن نقصف ولا يمكننا أن نقصف (تنظيم الدولة) بشكل أعمى". وانتقد كيربي تغطية هذه الضربات من قبل بعض وسائل الإعلام والتوقعات غير الواقعية عن الحملة الجوية التي تشنها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها في سورياوالعراق. وذكر المتحدث بأن قادة الجيش الأميركي كانوا واضحين منذ البداية بأن الضربات الجوية وحدها لا تكفي، ولكن بذل جهود على المدى الطويل سيكون أمرا ضروريا من أجل تدريب وتأهيل مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة ومن أجل تعزيز الجيش العراقي, وقال أيضا :"بالرغم من أننا نتقاسم الشعور بالعجلة تجاه هذا التنظيم، فيجب أن نتقاسم أيضا شعورا بالصبر الاستراتيجي". وكانت وكالة "رويترز" نسبت إلى مسئول بالبنتاجون قوله في 29 سبتمبر إن عدد الطلعات الجوية التي نفذها الطيران الحربي الأمريكي ضد داعش في العراقوسوريا بلغ 4100 طلعة منذ أغسطس الماضي.