ثلاث خطوات قطرية تعقبها عودة العلاقات الطبيعية.. والإخوان تفقد رفاهية الاختيار لم يكن قرار قطر بترحيل 7من قيادات "الإخوان المسلمين" والمقربين منها من الدولة الخليجية، سوى بداية لما اعتبره محللون توجهًا قطريًا جديدًا تجاه مصر، بعد أكثر من عام على احتضان الدوحة للعديد من قيادات وأعضاء الجماعة وحلفائها، ودعمها إعلاميًا في معركتها السلطة الحالية في مصر. وتعزز هذا التوجه بمصافحة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثان للرئيس عبدالفتاح السيسي خلال تناولهما الغداء على هامش الدورة 69 للأمم المتحدة بنيويورك؛ وقام بتحيته وتبادل بعض الكلمات، ليؤكد بعدها الرئيس المصري في تصريحات للإعلاميين المصريين "أن الأزمة بين مصر وقطر في طريقها للحل. ورد التحية تطيِّب الجراح، وهدفنا الاستراتيجي هو حماية مصر". وقابلتها تصريحات لأمير قطر مع شبكةCNN) ) الأمريكية أكد فيها أن بلاده لن تسمح للإخوان بممارسة السياسية ضد أى دولة أخرى. وقال مصدر دبلوماسي إن وساطة سعودية بين القاهرةوالدوحة بقيادة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل نجحت في التخفيف من حدة التوتر الذي يشوب العلاقات بين البلدين، والتمهيد للقاء بين السيسي والشيخ حمد قد يعقد في أحد العواصم الخليجية، أو يتوج بزيارة للأمير القطري للقاهرة. وبحسب المصادر، فإن الوساطة تضمنت تطبيع العلاقات بين البلدين، وضخ قطر استثمارات فى السوق المصرية تقدر ب 8مليارات دولار، وتوقف الدوحة عن المطالبة بحوالي 3مليارات دولار كانت قد طرحتها كوديعة فى البنك المركزي المصرى وطالبت باستردادها خلال الفترة الأخيرة، بما يؤشر على نهاية التوتر الذى حكم علاقات البلدين لأكثر من عام. وقال عبد الرؤوف الريدي، سفير مصر الأسبق لدى الولاياتالمتحدة، إن هناك مؤشرات على التقارب بين الدولتين، ورجح أن تكون قطر قد استشعرت حرجًا من الضغوطات الخليجية التي تمارسها عليها السعودية والإمارات، ووجدت وجدت نفسها في موقف ضعف أمام تحالف مصري سعودي إماراتي للتوقف عن دعم جماعة "الإخوان المسلمين". وأضاف أن "موقف قطر ظهرت مرونته عقب كلمة أميرها الذى قال إن قطر طردت عناصر إخوانية لأنهم كانوا يعملون فى السياسة من على أراضيه، مشددًا على احترام بلاده للعلاقات مع القاهرة". وتابع: "الأمر لا يتوقف عند كلمة الرئيس المصري والأمير القطري، لكن الأمر ممتد إلى اللقاء الذي جمع بينهما والذي ترتب عليه تعليمات من السيسي للإعلاميين بالتوقف عن حملة الانتقاد الموجهة لقطر، وهى التعليمات التي نقلتها الإعلامية لميس الحديدي المصاحبة للسيسي خلال الزيارة بأن الرئيس يطالب الإعلاميين بالكف عن الخوض فى أعراض أمراء قطر". واعتبر الريدي أن "هذا التوافق النسبي بين مصر وقطر يشير إلى أن الخطوة القادمة بأن قطر قد تطلب من مصر عدم رد الوديعة الموجودة لديها والبالغة 3 مليارات دولار، والتي تسعى مصر خلال الشهرين القادمين لردهما بشكل نهائي". وتوقع السفير حسن هريدي، مساعد وزير الخارجية السابق، أن تعود العلاقات المصرية القطرية إلى طبيعتها فى أقرب وقت، بعد تواصل الأمير القطري مع الرئيس المصري على هامش الدورة 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة، قائلاً: من غير المقبول أن يستمر توتر العلاقات بيننا وبين قطر بسبب جماعة الإخوان فالعلاقات بيننا أكبر من ذلك. وعن آليات عودة العلاقات المصرية القطرية إلى طبيعتها، قال هريدي: "يجب أن يبدأ ذلك بتبادل الزيارات واللقاءات بين المسئولين فى وزارتي الخارجية المصرية والقطرية، يعقبه لقاء بين وزيري الخارجية، ثم تبادل الزيارات، وفى مراحل لاحقة يتم تعزيز العلاقات السياسية بأخرى دبلوماسية". وثمن مساعد وزير الخارجية السابق مجهودات مجلس التعاون الخليجي لعودة العلاقات المصرية القطرية إلى سابق عهدها، مشددًا على أن "الموقف القطري يختلف عن نظيره التركي؛ حيث إن قطر دولة عربية وتربطها بمصر الكثير من الروابط، كما أن قطر لم ترع الإرهاب مثل تركيا ولم يصدر عن مسئوليها تصريحات معادية لمصر". وقال سامح عيد، الخبير في شئون الإسلام السياسي، إن "مواقف قطر الأخيرة تشير إلى تغيير جذري تجاه الإخوان سيعقبه عدة خطوات في محاولة لإزالة التوتر وعودة العلاقات الطبيعية مع مصر". وحدد عيد تلك الخطوات في التضييق على الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" وخطبه التي كانت تنتقد السلطة في مصر من مسجد عمر بن الخطاب بقطر، بالإضافة إلى التضييق على أعضاء التنظيم المتواجدين هناك، وتغيير توجهات فضائية "الجزيرة" التي بدأت تتغير بالفعل تدريجيًا من الاستعاضة عن الضيوف الإخوان بصحفيين غير منتمين للتنظيم. وعن تأثير عودة العلاقات المصرية القطرية على ملف المصالحة بين السلطة فى مصر وجماعة الإخوان، قال إن "الخناق يضيق أكثر على جماعة الإخوان المسلمين، وتخلى قطر عنها سيجعل القيادات تفكر جديًا فى المصالحة كالسبيل الوحيد"، موضحًا أن الجماعة لن تقبل بإجراء مراجعات فكرية لما ستمثله تلك المراجعات من نهاية للتنظيم، حيث ستهدم أركانه الأساسية التي تقوم عليها والتي وضعها حسن البنا وسيد قطب وغيرهما. وأضاف أنها "قد تلجأ إلى مواءمات سياسية من نوع ما ولكن بصورة سرية حتى لا تتدخل في صدام مع قواعدها التي شحنتها ضد النظام على مدار عام ونصف، فضلاً عن تحملهم معظم التضحيات سواء بالقتلى أو المعتقلين أو المفصولين من الجامعات". واستبعد عيد أن تلعب قطر دور الوسيط بين النظام المصري والإخوان، قائلاً إن الأمر لا يحتاج إلى وساطات خارجية والدولة لديها من الشخصيات فى الداخل من تتواصل معهم ويكونون حلقة الوصل بينها وبين من في الخارج، كما من الممكن أن تتفاوض مع مَن بالسجون.