أوباما رفض طلبه بإدراج "الإخوان" و"أنصار الشريعة" على قوائم الإرهاب.. وواشنطن تماطل فى تسليم "الأباتشي" إلى القاهرة فتحت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى نيويورك، وخطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الأسبوع الماضي، الباب واسعًا أمام تساؤلات عما حققته الزيارة من نتائج، وما شهد أروقتها من كواليس، والحشد للمظاهرات سواء من جانب مؤيديه أو معارضيه في زيارته الأولى للولايات المتحدة. وكان الحدث الأكبر الذي احتفى به أنصار السيسي كثيرًا، لقاءه مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والذي عقد ظهر الخميس الماضي بتوقيت نيويورك وهو الأول من نوعه بين الطرفين في مقر إقامة الأخير في فندق "ويلفورد" على هامش مشاركتهما باجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال السيسي للصحفيين، قبيل بدء اللقاء، إن واشنطن "ساعدت مصر كثيرا وقدمت لها مساعدات بقيمة تزيد عن 50 مليار دولار خلال السنوات الماضية"، فيما قال أوباما للصحفيين: "أريد أن أرحب بالرئيس السيسي في الولاياتالمتحدة وأتطلع بشدة إلى هذه الفرصة للمشاركة في الأفكار"، وأضاف: "بوضوح العلاقات المصرية الأمريكية حجر الزاوية لسياستنا الأمنية في الشرق الأوسط على المدى الطويل". ومضى قائلاً: "هذه أول فرصة نلتقي فيها وجها لوجه لمناقشة عدد من القضايا؛ كل شيء من الموقف الفلسطيني الإسرائيلي في غزة إلى ليبيا وحتى قضايا داعش والعراق وسوريا". وقالت مصادر دبلوماسية، إن اللقاء الحرب ضد "الإرهاب" كانت في صدارة المحادثات بين الرئيسين وركز خصوصًا على المخاطر التي يشكها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" فى سوريا والعراق، و"جيش النصرة" بسوريا و"أنصار الشريعة" فى ليبيا، فضلاً عن "الإخوان المسلمين" وحلفائها فى مصر. وشهدت المحادثات تباينًا في وجهات النظر بين السيسي وأوباما، مع رفض الأخير رؤية الرئيس المصري التي تضع كلاً من "داعش" و"جبهة النصرة" و"الإخوان" و"أنصار الشريعة" في إطار ما تسمى ب "الجماعات الإرهابية". وعلى الرغم من مجاملة واشنطن للسيسي بعدم إثارة ملف حقوق الإنسان والحريات خلال اللقاء، كما كانت تطالب منظمة "هيومن رايتس واتش"، إلا أن اللقاء لم ينجح في سد الفجوة بين الطرفين حول ملفات عدة، ما أكدته تصريحات وزير الخارجية سامح شكري، بأن مصر لم تحسم موقفها فى المشاركة فى العمليات العسكرية ضد "داعش" وأن دورها حتى الآن معلوماتي وفكري. ولا زالت قضية مروحيات "الأباتشي" الثماني مطروحة على طاولة المفاوضات بين البلدين، بعد أن خرجت إشارات متناقضة حولها، إذ رددت مصادر أنها ستصل إلى مصر خلال عدة أيام، فيما أكدت مصادر أخرى أن واشنطن لم تحدد إطارًا زمنيًا لتسليمها إلى الجانب المصري، لاستخدامها في الحرب ضد المسلحين في شبه جزيرة سيناء. لم تقتصر نتائج الزيارة على محادثات الغرف المغلقة، بل تعدت ذلك إلى الأجواء المرافقة لها التي كانت محط اهتمام كبير من المصريين، بعد أن عمل أنصار السيسي وخصومه على الحشد للتظاهرات سواء الداعمة له، أو الرافضة لتمثيل مصر في المحفل الدولي. ولا يخفى في هذا الإطار الدور الذي لعبته الكنيسة الأرثوذكسية والأنبا تواضروس الثاني في حشد الأقباط للترحيب بالرئيس في زيارته الأولى للولايات للمتحدة، وإصدار بيانات داعمة له خلال الزيارة، وهو ما أقر به رموز أقباط المهجر. وقال الناشط القبطي مجدي خليل، مدير مركز الشرق الأوسط للحريات، إن حشد الكنائس القبطية بجميع الولاياتالأمريكية لتأييد السيسي أثناء كلمته أمام الأممالمتحدة جاء بناء على طلب الحكومة المصرية واستغاثتها بالبابا والقيادات الكنسية من أجل مساندة الرئيس في مواجهة تظاهرات أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين. وأضاف خليل في تصريحات لإحدى الفضائيات القبطية، أن الحكومة المصرية طلبت من البابا وقيادات الكنسية بدعم الدولة المصرية فى مواجهة جماعة الإخوان، وقالت لنا بوضوح: "أنقذونا من تظاهرات الإخوان". وتابع: هذا الدعم المقدم من الأقباط مرتبط بقضيتين أساسيتين هما حقوق الأقباط ومواجهة الدولة الدينية الإرهابية التي يريدها الإخوان، وهذا هو اختبار للرئيس عبدالفتاح السيسي، على حد قوله. في المقابل، تظاهر المئات من الرافضين لعزل الرئيس محمد مرسي، بالقرب من مبني الأممالمتحدة في نيويورك، وأمام مقر إقامة السيسي بنيويورك، رافعين صورًا الرئيس المعزول، مرددين هتافات: "الانقلاب هو الإرهاب"، "يسقط حكم العسكر"، "محمد مرسي هو رئيسي"، "حكم العسكر راحل راحل". وجاءت إطلالة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام الأممالمتحدة، مصحوبة بانتقادات للسيسي وللجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ انتقد ما وصفه ب"صمت الأممالمتحدة" تجاه مصر، قائلاً إنها شهدت انقلابًا على "رئيس منتخب من قبل الشعب، وقتل الآلاف ممن خرجوا يسألون عن مصير أصواتهم، (بينما) اكتفت الأممالمتحدة والدول الديمقراطية، بمجرد المشاهدة، وأضفوا شرعية على ذلك الانقلاب." وردت الخارجية المصرية بالإعراب عن "بالغ استنكارها واستيائها" مما جاء في كلمة الرئيس التركي، من "الأكاذيب والافتراءات"، التي رأت أنها "تمثل استخفافًا وانقضاضًا على إرادة الشعب المصري العظيم". وأشارت إلى أن وزير الخارجية، سامح شكري، قرر "إلغاء المقابلة الثنائية التي كان قد طلبها وزير خارجية تركيا معه على هامش أعمال الشق الرفيع المستوى للجمعية العامة، بينما نفت أنقرة ما وصفتها ب"ادعاءات" الجانب المصري، بأن الوفد التركي طلب عقد لقاء مع نظيره المصري. واعتبر الدكتور طارق فهمي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن السيسي نجح من خلال لقاءاته مع قادة الدول الكبرى فى تكريس عودة مصر لممارسة دورها الإقليمي والدولي الذى تآكل بشكل واضح خلال الأعوام الأربعة نتيجة التطورات التي شهدتها البلاد. فيما وصف الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، كلمة السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بأنها "متوازنة وحملت رسائل مهمة موجهة إلي الداخل المصري والعربي والإفريقي والمجتمع الدولي ككل". وعلق نافعة على كلمة السيسي في حضوره الأول أمام الأممالمتحدة، قائلاً: "أعتقد أنها تركت انطباعًا جيدًا، فالرئيس السيسي قدم نفسه بشكل جيد من خلال هذه الكلمة التي حظيت بتصفيق حار وأكثر من المعتاد مقارنة بكلمات الرؤساء، وبالتالي فإن المجتمع الدولي يدرك بشكل أوضح أن في مصر نظامًا قويًا واثقًا من نفسه، وأنه يريد أن يتفاعل مع المجتمع الدولي بالشكل الذي يتناسب مع ما يحتاجه النظامان الإقليمي والدولي في المرحلة الراهنة". من جهته، انتقد محمد أبوسمرة الأمين العام ل "الحزب الإسلامي"، الذراع السياسية ل "جماعة الجهاد" الضجة الإعلامية التي صاحبت الزيارة، وامتداح كلمة السيسي والتي رأى أنها لا تختلف كثيرًا عن الكلمة التي ألقاها الرئيس محمد مرسي خلال مشاركته فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012 خصوصًا أن القوى الكبرى لم تبد مواقف تؤكد حسم موقفها من الأوضاع فى مصر.